نصوص تحمل الهمّ السوريّ و أصوات واعدة في الدورة الرابعة لمهرجان (أدب.وطن.نقد)
يوحي مهرجان (أدب. وطن. نقد) في دورته الرابعة بجدية أكثر في التنظيم وحسن انتقاء النصوص، وفي تقدير نتاج الأدباء الشباب عبر النية في نشر تلك النتاجات في الدوريات المتنوعة ومنحها حضوراً في اتحاد الكتاب العرب على خلاف الدورات السابقة، وقد حظي منبر المهرجان بأصوات واعدة للشباب السوري، حيث حملت نصوصهم الشعرية والقصصية هماً وطنياً وعربياً لا تخفيه السطور ودفعهم إلحاح إبداعهم للوقوف أمام جمهور عريض وأمام مجموعة نقاد لهم باع طويل في القراءات النقدية، هذا ما شهده منبر مهرجان (أدب وطن نقد) الذي أقيم في فرع دمشق لاتحاد الكتاب العرب تحت رعاية د. نضال الصالح رئيس الاتحاد الذي أوضح خلال كلمته الافتتاحية أن المهرجان هو استكمال لمهرجانات سابقة، وهو ابن شرعي للهوية السورية، ووجود هكذا أصوات شابة موهوبة، وهكذا ثقافة هو دليل على أننا نمضي في الاتحاد في الطريق الصحيح، وأن ثمة تواصلاً بين الأجيال الإبداعية، وأن هناك علامات مهمّة لبناء ثقافة وطنية وواجبنا النهوض بها.
علامة استثنائية
وبشّر الصالح كل المشاركين في المهرجان بوجود مفاجأة سارة في يوم المهرجان الأخير ستكون علامة استثنائية في تاريخ الاتحاد، واكتفى بالقول: إن مجمل الأعمال القصصية والشعرية التي ستقرأ في هذه الدورة سيكون لها حضور هام في اتحاد الكتاب العرب، مضيفاً: إن المقاومة ستؤكد أهمية الثقافة الشبابية التي ترتبط بقضايا الوطن، ومنوهاً إلى أن أي قراءة نقدية لنصوصهم قد تتضمن إجابات صحيحة أو تطرح أسئلة، معتبراً أن أي جهد يصبّ في بناء الوعي السوري سنكون يداً واحدة معه.
معايير محدّدة
قدّم المهرجان الشاعر قحطان بيرقدار رئيس تحرير مجلة أسامة، والذي أشار إلى أننا في المهرجان ننطلق من حب الوطن والتمسك به والدفاع عنه، ووقوف أي جهة ثقافية في وجه ما يتعرض له من ظلامية، كما أن الأمر يندرج تحت توجّه اتحاد الكتاب العرب إلى الشباب -ممن ليسوا أعضاء فيه- وطنياً وإنسانياً وثقافياً، لافتاً إلى وجود تطور في دورة المهرجان هذا العام من حيث انتقاء النصوص، فبعد أن وصلنا عدد كبير من المشاركين انتقينا بعضها وفق معايير محدّدة منها التنوع في الأشكال الأدبية، والتنوع في عمر الشعراء، فالهدف الرئيسي هو التشجيع والرعاية وزيادة الخبرة واستقطابهم إلى الاتحاد، منوهاً إلى أنه لم يتم اللجوء إلى أسلوب المسابقة فليس هناك فوز أو خسارة، بل هناك تقييم نقدي مباشر على المنصة وستتم دراسة هذه الأعمال نقدياً وإصدارها في كتاب عن اتحاد الكتاب العرب وسيكون هناك شهادات تكريم للمشاركين.
أصوات ونقاد
ضم المهرجان في يومه الأول أسماء مشهوداً لها بالموهبة وإجادة الشعر(غدير إسماعيل، حسن الراعي، رائدة الخضري، نور الموصلي، عبير الديب) وفي القصة (ديمة داوودي، عبد الله الحلاق، نور الدين الموعد، سوزان الصعبي، مريم العلي) ورافقت قراءة النصوص مواكبة نقدية للنقاد في مجال الشعر: أحمد هلال ومؤمنة عجان وملهم الصالح، وفي مجال القصة: أحمد نصار وأيمن الحسن، حيث أغنوا بقراءتهم النقدية المهرجان ورفعوا الذائقة الفنية لدى الجمهور، ودلّوا على مواطن الجمال والقوة فيما قدّمه الشباب من نصوص، وقد أوضح الناقد والروائي أيمن الحسن لـ “البعث” أنه على الرغم من أن النصوص المقدّمة لم تكن جميعها بالمعنى الكامل لمصطلح القصة، إنما كانت نصوصاً مفتوحة بين الشعر والقصة، وفيها سرد وارتقاء للشعر، إلا أنها كشفت عن مواهب تنبئ بنصوص معجونة بالحالة السورية التي تقاوم وتدل على أننا شعب يحب الحياة، ويريد أن يكون في خضمها رغم المصاعب والكوارث، منوهاً إلى أنه حتى الفلسطينيين الذي يعيشون في سورية أثبتوا أننا كلنا في الهم “سوري” فالجميع يعيش همنا وحلمنا عبر قصصهم، تماماً كوجود سوريين وثّقوا القصة الفلسطينية، فسورية بلد لكل العالم وسيبقى الوطن الذي يسعى الجميع لرؤيته سالماً وغانماً ووطن الحضارة.
قصة وشباب
ومن المشاركات قصة بعنوان: “ستار الحلم الأخضر” للقاص نور الدين الموعد وقد نالت استحسان النقاد، إذ تتحدث عن حلم طفل بأن يكبر ويعيش حياة جميلة، لكن بعد أن داهمتنا هذه الأحداث رسم حلمه بطريقة أخرى وانتصر بإظهار حقيقة وطنه وحقيقة فنه، وأوضح أن هذه هي المشاركة الأولى في المهرجان معتبراً أنها فرصة لإظهار عمله وأدبه، خاصة أنه من الشباب غير المنتسبين للاتحاد وهم بحاجة للرعاية، وهذا المهرجان هو أحد أوجه الرعاية.
كذلك شاركت مريم العلي بقصة بعنوان “ظمأ فارغ” تناولت من خلالها الهم الذي نعيشه من خلال الحديث عن المدن التي انتشرت فيها ثقافة السلاح والمال الذي غسل عقول الأغلبية، والتي رأت أن إعجاب النقاد بقصتها يعطيها حافزاً كبيراً، خاصة أن التركيز على الاهتمام بالشباب مطلوب في هذه المرحلة فهم من سيغير الواقع والمستقبل.
انعطافة جدّية
لقد شكل مهرجان(أدب. وطن. نقد) انعطافة جدّية في مسيرة الإبداع على مستوى الشباب ومستوى حضور تجارب لافتة للنظر، وعلى مستوى الهواجس الإبداعية والوعي والإنجاز. كما أوضح الناقد أحمد علي هلال مع ملاحظة التفاوت في النصوص أن هذه النصوص ترهص بأدب، وتؤشر إلى أن جيل الشباب يتحمل مسؤولية الكلمة وهو الأكثر قدرة على استشراف المستقبل، وكون هذه الدورة جاءت تحت عنوان ثقافة التنوير نستطيع أن نؤشر إلى التجارب التي تؤكد على التنوير في القيم المضافة التي يعمل عليها الشاب.
فن في زمن الحرب
كذلك رأت الناقدة مؤمنة عجان أن هذه التجربة تجمع هؤلاء الشعراء مع بعضهم وتقدمهم للناس عبر أعمال على مستوى راقٍ فنياً وجمالياً كفكرة وأسلوب وخيال ولغة، على الرغم من أن هناك بعض الأعمال بحاجة لملاحظات نقدية لتبلور تجربة الشعر، ونوهت إلى أن النقد الموجه هو نقد للنتاج الشعري، فأهم تعريفات النقد أنه إبداع على إبداع وهو ليس شخصياً فهو نقد النص نفسه، والنص عندما يقرأ يصبح ملكاً للجميع ولا يعد ملكاً لقائله، أما الشاعر المشارك حسن الراعي فأشار إلى أن هذه مشاركته الثانية في المهرجان، إذ يقول: لقد أحسست بمدى التطور والجدية في الارتقاء بهذا المهرجان من خلال استقطاب الشباب المبدعين الجادين ومواكبتهم بكوكبة من أهم النقاد في المشهد السوري، وأنا أشد على جهود اتحاد الكتاب وأتشرف بمشاركتي التي قدّمت فيها مقطعين من قصيدة طويلة بعنوان (ضد الموت) وقد أضاء الأساتذة النقاد على الكثير من الخفايا في نصوصي من حيث أنني مهتم بحداثة قصيدة الشطرين وأحاول تطويعها في قالب حداثوي.
وبعد ذلك تم منح شهادات تكريم لجميع المشاركين في المهرجان الذي يختتم فعالياته اليوم الأربعاء.
لوردا فوزي