اعتماد التأمين في المجال الرياضي ضرورة حتمية
“البعث الأسبوعية” ــ عماد درويش
أصبح التـأمين الرياضي مطلـباً ملحاً لجميـع الفئات المكونة لكافة المجالات الرياضية لاسيما مـع تزايـد أعمال شـغب في الملاعب، والوفاة أو الإصابات المميتة أو التي تسبب نسباً من العجز البدني والصحي، بالإضافة إلى الأزمات الكبـرى التـي تعرضت لهـا مختلف المجالات الرياضية.
قضية التأمين.
ويعد التأمين الرياضي من المجالات المستحدثة في قطاع التأمين في العديد من دول العالم خاصة تلك التي أخذت بعين الاعتبار تزايد الأخطار الرياضية وتنوع الحوادث فيها وفقاً لمستوى المنافسات ونوع الرياضات الممارسة، ولكن على المستوى المحلي تكمن المشكلة الأساسية في رياضتنا بعدم وجود نظام تـأميني على الرغم من الاعتراف رسميا بنظام الاحتراف الرياضي ووضع تعريف له ولمقوماته، ومع ذلك لا يوجد نص تشريعي مقنن يعتمد التأمين الرياضي ضد المخاطر التي قد يتعرض إليها اللاعبون، وخاصة أثناء الممارسة الرياضية في الألعاب التي تعتمد على العنف بصورة كبيرة مثل الملاكمة والمصارعة وغيرها من الألعاب، وغيرها من العوامل الخارجية المؤثرة، بالإضافة إلى أهمية تصنيف من يستحق مبلغ التأمين، لذا قام بعض الباحثين بدراسة كيفية اتخاذ إجراءات التأمين في المجال الرياضي وتحديد الجهات المسؤولة عن تنفيذه، ودراسة الأنظمة المناسبة بتطبيق التأمين الرياضي.
التأمين ضمانة
يمثل التــأمين فـــي المجـال الرياضـي ضـمانة للرياضيين فالمخاطر كثيرة ومتنوعة ومن الممكن أن تصل إلى حرمـان اللاعب مـن الممارسة الرياضية وقـد يصـل الأمر إلى حرمانـه مـن ممارسة أي نشـاط آخـر يـدر عليـه دخـلاً كمـا فـي حالـة العجــز الكلــي، ومع ذلك لا يزال الرياضيون لا يدركون الفوائد التي يمكن أن يحصلوا عليها من التأمين، وهذا لا يعفي الأندية أو الجهات القائمة على هؤلاء الرياضيين من القيام بـدورها لحمايـتهم مـن خلال طلب اعتماد وثيقة تأمين تغطي كافة احتياجات الرياضيين الصحية والمالية في حالـة تعرضهم لأي مخاطر بسبب ممارستهم الرياضة والإبقاء عليهم أطول مدة ممكنة في الملاعب الرياضية.
مطلب للرياضيين
بات التأمين على الرياضيين مطلب جميع الفئات المكونة للألعاب الرياضية سواء الفردية أو الجماعية، وذلك حفاظاً على العنصر الأساس في أية لعبة وهو الرياضي نفسه، إضافة إلى النادي الذي استثمر الكثير في تكوين هذا الرياضي.
وما يجري حاليا أن الأندية المحلية تقوم بالمهمة العلاجية للاعبيها من تلقاء نفسها ما يكيد خزينة النادي خسائر فادحة، وخصوصا إذا كان النادي يعاني من شح مادي، سيما في ظل توقف منظمة الاتحاد الرياضي عن تقديم الدعم المادي، كما أن بعض المستشفيات “الخاصة” تطالب بعضا من الأندية بمبالغ مالية عالية لقاء العمليات الجراحية للاعبين وخاصة إذا كان هناك طبيب مشهور متخصص في إصابات الملاعب ويعمل لدى مستشفى خاص بتكاليف باهظة.
ولو افترضنا أن أحد الأندية الجماهيرية قام بالتأمين الصحي على لاعبيه لوجدنا أن جماهير هذا النادي ستتأثر به وتشتري وثائق تأمينية وهذا يعد رافدا كبيرا للسوق التأميني، مع الإشارة في هذا السياق إلى انعدام أي دور لشركات التأمين في المجال الرياضي الغائبة تماماً عن المباريات والبطولات المحلية.
نحو الأمام
ولو حاولنا أن نطرح بعضا من الأسئلة المتعلقة بالتأمين على لاعبي الأندية لوجدنا الإجابات خالية من المعلومات الصحيحة والسبب عدم قدرة النادي على الاستخدام الأمثل للموارد، لذلك على المسؤولين الرياضيين الاستفادة من تجارب الدول المتقدمة التي تطبق التأمين الصحي على لاعبيها.
في هذا السياق، كشف رئيس مجلس الأمناء في مؤسسة الأولمبياد الخاص طريف قوطرش لـ “البعث الأسبوعية” عن مساع حثيثة تم اتخاذها من قبل الاتحاد الرياضي من أجل دفع موضوع التأمين خطوة للأمام لتأمين الرياضيين في كافة الألعاب، وتم طرح الموضوع على أعلى المستويات على أمل التوصل لاتفاق نهائي في هذا الموضوع، وأن يتم العمل به بأسرع وقت ممكن لما له من تداعيات تصبّ في مصلحة الرياضة والرياضيين.
قد يعتبر البعض أن شركات التأمين لدينا لا تستطيع القيام بهذا الدور تحوطاً للمخاطر، ولكن في ظل وجود شركة إعادة تأمين في سورية يمكن أن يخفف من حدة هذه المخاطر عندما يصبح التأمين الصحي على اللاعبين واقعيا ومنطقيا، ونأمل أن يتم تطبيقه من خلال اتفاقية أو مذكرة تفاهم بين الاتحاد الرياضي العام والاتحاد السوري لشركات التأمين كما حدث الشهر الماضي عندما أبرمت الأخير مع جامعة دمشق مذكرة تفاهم بحيث تقوم شركات التأمين بدعم الأبحاث العلمية في مجال التأمين لطلاب الماجستير والدكتوراه في كلية الاقتصاد وتقديم البيانات والإحصائيات للطلاب من قبل شركات التأمين للطلاب بهدف الاستفادة منها في إجراء البحوث التأمينية.
يبين الدكتور جهاد حاج إبراهيم رئيس اتحاد الطب الرياضي أن من أولويات اتحاد الطب الرياضي إيجاد صيغة لحماية اللاعبين من خطر الإصابات، وهذا الأمر لا يتحقق إلا عن طريق التأمين الصحي مع إحدى شركات التأمين، مضيفا: هناك اجتماع قريب ما بين اتحاد اللعبة ورئيس الاتحاد الرياضي العام لحل هذا الموضوع والبت به بشكل نهائي.
راتب تقاعدي
لابد من القول بأنه من واجب أنديتنا أيضا وفي ظل البرنامج الاحترافي المعمول به الآن أن تسعى لدى شركات التأمين لإيجاد برنامج تقاعدي خاص للرياضيين يعتمد على نفس أسلوب التأمينات الاجتماعية أو مصلحة معاشات التقاعد بحيث يتم استقطاع مبلغ معين بشكل شهري يساعد اللاعب لوصول لهذا المخصص بعد 15 سنة من بداية احترافه عن طريق ناديه وهذا الالتزام يدفع بشكل ثابت ليحق له بالتالي الحصول على هذا الراتب التقاعدي بعد مضي 15عاماً أو أكثر من خدمته الرياضية، وان يــــكــــــون هذا الإجراء إلزاميا مع الأخذ في الاعــــتــــبار مناقشة شركات التأمين بإيجاد برنامج يخدم اللاعب مستقبلاً ويحفظ له دخلاً ثابتاً .
مثال حي
يؤكد لاعبنا الدولي السابق صلاح شحرور أنه تعرض للإصابة في مفصل عنق القدم، منذ نحو ثلاث سنوات، وهي إصابة نادرة جداً، ومن أخطر الإصابات التي تواجه لاعب كرة القدم، وبسببها ابتعد عن ممارسة الرياضة، وبسبب التكاليف الباهظة للعملية الجراحية لم يتمكن من إجرائها خارج الوطن، كما أن نادي الوحدة الذي لعب معه وتعرض للإصابة لم يتمكن من دفع تكاليف العملية، وفي حال لم يتم إجراؤها فسيتعرض “للشلل” وعليه فقد أثرت الابتعاد عن الرياضة، مبينا: لو كان هناك تأمين صحي للرياضيين مثل بقية دول العالم لتمكنت من إجراء العملية والعودة للممارسة الرياضة من جديد، خاصة وأن الرياضيين ليس لديهم أي عمل آخر، وأطالب القائمين على النادي والقيادة الرياضية بإيجاد حل سريع لتأمين الرياضيين حتى لا يتعرض غيري لمثل ما تعرضت له.
قبل أن نختم..
تجدر الإشارة إلى ضرورة تحرك الأطراف المعنية بالتأمين الرياضي لاعتماده كخيار لازم من أندية واتحادات رياضــية، وشركات التأمين العاملة في سورية، ففي الوقت الذي يؤيد فيه الجانب الرياضي هذه الفكرة، لم نستطع تبيان رأي الاتحاد السوري لشركات التأمين، إذ حاولنا أكثر من خمس مرات الاتصال برئيس مجلس إدارة الاتحاد السوري لشركات التأمين والأمين العام للاتحاد للاستفسار عن إمكانية توقيع اتفاقية ما بين الشركة ومنظمة الاتحاد الرياضي العام لكننا لم نفلح إذ كان الجواب في كل اتصال لأخذ موعد أو سؤال المعنيين عن الشركة الجواب: “المدير عنده اجتماع”..!!