القنيطرة عروس الجولان
القنيطرة ــ محمد غالب حسين
القنيطرة عاصمة الجولان، ومركز المحافظة الإداري والاقتصادي والثقافي والاجتماعي. وكلمة القنيطرة تصغير للقنطرة، وتعني الجسر، لأنها صلة الوصل بين بلاد الشام.
تقع مدينة القنيطرة على خط الطول 35,49 درجة، وخط العرض 33,7 درجة بالجنوب الغربي من سورية، وتبعد عن دمشق 67 كم، وهي شرق جبل الشيخ، وغرب حوران وسط سهل واسع كبير يحمل اسمها “سهل القنيطرة “، وتحيط بها تلال كثيرة مثل تل علي أبي الندى، وتل العرام. وتحدّ مدينة القنيطرة شمالاً: الحميدية والثلجيات، وجنوباً: العدنانية والقحطانيّة وشرقاً: الصمدانيّة الغربيّة والرّقاديّة ووادي الرّقاد، وغرباً: تل علي أبي النّدى والمنصورة.
ويعود تاريخ القنيطرة إلى عهود قديمة جداً، فقد عُثر في أطرافها على حجارة منقوشة من العهد الروماني، كما وُجِدت فيها حجارة بازلتية آثارية موغلة بالقدم.
وأصبحت القنيطرة مركزاً لمحافظة القنيطرة التي أُحدِثت بمرسوم تشريعي يعود للعام ١٩٦٤ من منطقتين إداريتين، هما:
– منطقة القنيطرة التي كانت قضاء يتبع لدمشق، وأُلحِقتْ بها قرى حضر وطرنجة وجباثا الخشب وسحيتا التي كانت تتبع لقضاء قطنا. وتضم منطقة القنيطرة نواحي مسعدة والخشنية وخان أرنبة.
– منطقة فيق التي كانت تتبع لمحافظة درعا مع التنويه بأن ناحية الشجرة التي كانت تتبع لمنطقة فيق، بقيت مع محافظة درعا، وتضم المنطقة ناحية البطيحة فقط.
أحياء القنيطرة
كانت مدينة القنيطرة عامرة مزدهرة تضجّ بالحياة، زاخرة بالنشاط الاقتصادي والتجاري والعمراني، وكانت تضم أحياء:
– الجمهورية، ويعد أقدم أحياء المدينة، ويوجد فيه دار الحكومة والبلدية، والجامع الكبير وكنيسة البروتستانت، وروضة الأطفال الإنجيلية، ومدرسة إناث القنيطرة، وسوق ضخم يضم أكثر من خمسمائة محل تجاري.
– التقدم، وكان فيه 1560 منزلاً، وبناء خزان الكهرباء والمسلخ والبلدية ومدرسة الخنساء المختلطة الابتدائية، وسوق يضم نحو ثلاثمائة محل تجاري.
– النهضة، وفيه 850 منزلاً، وسوق يضم 120 محلاً تجارياً.
– النصر، وبيوته تبلغ 710 بيوت، وكان يوجد فيه نادي الضباط وسينما الأندلس ومدرسة عمر بن الخطاب الابتدائية للذكور، وخزان كبير عالٍ للمياه، ومدرسة غوث اللاجئين الفلسطينيين ومستوصف الأغاثة، كما كان فيه أكثر من ستين محلاً تجارياً.
– الشمالي، وعدد منازله 1050 منزلاً. ويوجد فيه كنيسة الروم الأرثوذكس، وكنيسة الروم الكاثوليك، وحوالي سبعين محلاً تجارياً، إضافة لمستشفى الجولان وروضة أطفال، ودار للسينما. وقد استخدم الاحتلال الاسرائيلي المشفى لتدريب جنوده على رمي المسدسات والبنادق.
– الجلاء، وعدد بيوته 997 منزلاً، وفيه حوالي 110 محلاً تجارياً، ومدرسة خالد بن الوليد، وثانوية الجولان الخاصة، وكان يوجد في هذا الحي نصب تذكاري من الحجر الأبيض في وسط ساحة الجلاء، يرتفع نحو عشرة أمتار، تحفّ به حدائق مزدانة بالورود.
أما شوارع مدينة القنيطرة الرئيسة فهي العروبة والروضة والنصر والحرية والشباب والجمهورية والشهداء وطارق بن زياد والجلاء والنور والسعادة والعرفان والتقدم والأتحاد والشجرة والصحة وخالد بن الوليد وابن سينا والنهضة وميسلون والاستقلال والكورنيش الشرقي.
وهناك عدة ساحات كبرى، منها ساحة الجلاء وساحة بانياس وساحة الثامن من آذار وساحة الشهيد أحمد مريود.
مركز تجاري وصناعي
كانت مدينة القنيطرة مركزاً تجارياً مهماً للجولان. وكان أهل القرى والمدينة يتبادلون المنتجات والحاجيات، ما أدى لازدهار الأسواق التجارية اليومية والأسبوعية التي كانت تضم العديد من المحلات والدكاكين لبيع المواد الغذائية والحبوب والزيوت والصابون والدبس واللحوم والبيض والألبان والجبن والسمن والعسل وغيرها.
كما أن القنيطرة كانت مركزاً صناعياً يضم الحرف التقليدية المعروفة كالنجارة والحدادة والخياطة والساعات والبصريات ومواد الفلاحة والزراعة غيرها، فقد أشتهرت المدينة بإنتاج الطحين وعصر الزيوت وصناعة السجاد والقلابق والألبسة وإنتاج مواد البناء كالآجر الأحمر والبلوك والإسمنت ورمل الكلس وصناعة البلاط والمدافئ والبسط وغيرها.
تدمير المدينة
وقبيل انسحاب الاحتلال الاسرائيلي من المدينة مرغماً بعد حرب تشرين التحريرية الخالدة وحرب الاستنزاف، قام جيش الاحتلال الاسرائيلي بتدمير المدينة عامداً متعمداً هدماً بالبلدوزرات والتركسات، ونسفاً بالدّيناميت، مميطاً اللثام عن ساديته وحقده ونازيته وعدوانيته وفاشيته وعدائه للحضارة والمدنية والإنسانية.
كما دمر جيش الاحتلال شبكات المياه والكهرباء والمرافق العامة بالمدينة، فقد نهب كل المولدات والمضخات، وأحال مستشفى الجولان حقلاً للرمي لجنوده.
أما بناء ثانوية الشهيد أحمد مريود، المؤلف من طابقين، والتي شيدت عام 1951، وكانت أكبر ثانوية في الجولان، تتسع إلى 1500 طالب، ومجهزة بأحدث الوسائل التعليمية والمختبرات، فقد دمرها العدو تدميراً كاملاً بعد أن نهب محتوياتها، كما هدم أيضاً مدرسة أنموذج القنيطرة التي شيدت بالحجارة البازلتية وكانت تتسع لنحو 600 تلميذ. وقام العدو بتدمير الكنيسة البروتستانية بعد أن قام بسرقة محتوياتها ومقتنياتها الثمينة، وسرق كل ما كان في المساجد من المصاحف والسجاد والثريات إضافة لما تضمّه كنائس المدينة من الأيقونات والثريات والأجراس، واقتلع الرخام والمرمر من الجدران. ودنّس القبور عندما قام بنبشها وسرقة ما فيها وتخريبها وإتلافها، وإحراق الكتب السماوية، وتدنيس المعابد بكتابات بذيئة، ورسوم صهيونية معادية؛ وقام العدو أيضاً بتدمير النُّصبين التذكاريين في ساحتي الجلاء والثامن من آذار.
وقد تقدمت الجمهورية العربية السورية بشكوى إلى الأمم المتحدة أتهمت فيها “إسرائيل” بتدمير المدينة بشكل متعمد وممنهج، ما يشكّل خرقاً للقانون الدولي ومبادئ الأمم المتحدة واتفاقية جنيف المتعلقة بالمدنيين خلال الحرب، وأدانت الجمعية العامة للأمم المتحدة الفعلة الشنعاء النكراء والجريمة الدولية التي قامت بها اسرائيل بالقرار رقم ٣٧٤٠ بتاريخ ٢٩/ ١١/ ١٩٧٤.