القبّار ذهب أخضر لم نحسن استثماره بعد.. و”الزراعة” لا تزال تصنفه حراجياً
“البعث الأسبوعية” ــ بسام مصطفى
رغم كل عوائده الاقتصادية، لا يزال نبات القبار يصنّف نباتاً حراجياً لدى وزارة الزراعة، علماً أن المركز الوطني للسياسات الزراعية التابع للوزارة كان قد أنجز دراسة عدّته بمثابة أنموذج للموارد الاقتصادية المهدورة في قطاع النباتات البرية، وأكدت إمكانية مضاعفة إنتاج سورية منه سنوياً عدة مرات لتصبح المنتج الأول عالمياً، وبلا منازع، من خلال زراعته في حقول خاصة، وتحويله من نبات حراجي بري، إلى نبات حقلي، كما تفعل بعض الدول مثل إسبانيا وإيطاليا، مع الإشارة هنا إلى أن منطقة المخرم الفوقاني، في محافظة حمص، تنتج لوحدها حوالي ٦٠٠٠ طن قبار سنوياً. كما تمت دراسة مقترح آخر لمشروع تسويق وتصنيع القبار عن طريق القطاع العام، في منطقة المخرم، وذلك اعتماداً على الأبحاث التي أجراها كل من المهندس محمود ببيلي رئيس قسم التجارة في المركز الوطني للسياسات الزراعية، والدكتور سامر الطعمة عضو هيئة فنية في قسم الاقتصاد الزراعي في كلية الزراعة بجامعة البعث، إلا أن هذا النبات الذي يحمل لقب “ذهب سورية الأخضر”، أو كنزها النباتي الثمين، لا يزال ينتظر من يزيل الغبار عنه، ويبرز مكانته اللائقة كأحد أهم المحاصيل الاقتصادية في سورية.
نائب رئيس الرابطة الفلاحية في المخرم الفوقاني، عطاف محمد الحسن، أوضح في تصريح لـ “البعث الأسبوعية” أن نبات القبّار ينمو طبيعياً وبكثرة في المخرم؛ وبعد أن كان نباتاً ضاراً يقلق المزارعين في بساتين اللوز والكرمة، بات مطلب الجميع لعوائده الاقتصادية الجمّة على العاملين في جمعه وتسويقه وتصنيعه. ونوه الحسن بأن موسم قطاف القبار يبدأ اعتباراً من أواخر شهر نيسان وبداية أيار، وبمدة لا تتجاوز ٩٠ يوماً، مبيناً أن تجارة القبار بدأت عام ١٩٩٦، عندما أخذ بعض التجار يجوبون المنطقة، ويطلبون من الأهالي قطاف جزء القبار التجاري، والذي هو عبارة عن البراعم الزهرية – بحجم حبة الحمص – ويتم حفظها في الخل أو بالماء والملح.
ولفت الحسن إلى أن تسويق القبار يتم عن طريق سلسلة تسويقية من تجار القطاع الخاص، تبدأ من المواطن الذي يقطف القبار ويبيعه إلى المراكز الفرعية الصغيرة، لتصل إلى التاجر الرئيسي (المصدّر) على مستوى سورية؛ وهنا يكون المواطن هو الحلقة الأضعف في السلسلة التسويقية إذ يبيع النبات بأبخس الأثمان متحملاً حرارة الشمس الحارقة وعناء الوخز بالأشواك خلال يوم عمل طويل وشاق، وبمردود يبلغ ٤ كغ وسطياً، مشيراً إلى أن أفضل سعر للقبار الناعم حتى تاريخه يبلغ ٢٠٠٠ ل. س للكغ، و٣٥٠ ل. س للقبار الخشن، وهو سعر قليل مقارنة بما يحصل عليه التاجر. بالإضافة لذلك، هناك الفرق الكبير ببن السعر المحلي لبراعم القبار المقدر بـ ٢٠٠٠ ليرة، وسعره العالمي المقدر ما ببن ١٠ / ٢٠ دولاراً للكغ للبراعم الخضراء، وحوالى ٢٥ / ٤٠ دولاراً للكغ للبراعم المخللة.
وأوضح الحسن أنه في حال تسويق القبار عن طريق القطاع العام يمكن إعادة هذا الفارق السعري لصالح إنعاش حياة المواطنين في منطقة المخرم، وغيرها من أماكن زراعة نبات القبار، ممن يعتمدون على زراعة الزيتون واللوز اللذين لم يعودا يدران ربحاً على المزارعين في السنوات الأخيرة، نتيجة الجفاف وزحف التصحر بسبب قلة الهطولات المطرية.
وذكر الحسن أن هناك العديد من الصناعات التي تعتمد على نبات القبار، وبالتالي الحصول على قيمة مضافة للإنتاج المحلي، منها مخلل البراعم، ومخلل الأجراس، والجذور المجففة، والبراعم المجففة والمطحونة كتوابل.
وبين الحسن أن من أهم التوصيات والمقترحات التي خلصت إليها الدراسات المعمولة على هذا النبات تبني وزارة الزراعة في سورية مشروع زراعة وتصنيع وتسويق القبار عن طريق القطاع العام، والإسراع بتنفيذ مشروع تجميع وفرز وتمليح وتخزين البراعم الخضراء في منطقة المخرم، فضلاً عن تأمين عدد كبير من سلال النايلون صغيرة الثقوب الخاصة بجمع البراعم، وتوزيعها على القاطفين، للمحافظة عليها بحالة جيدة، وتشكيل جمعيات فلاحية خاصة بالقاطفين لدعمهم وحماية حقوقهم وتنظيم عملهم، وتوفير مستلزمات القطف من قفازات ونظارات شمسية وأحذية ولباس، مجاناً، عن طريق الجمعيات الفلاحية.
في ذات السياق، أوضح رئيس جمعية تربية النحل في ريف دمشق، المهندس رضوان البدوي، أهمية نبات القبار للنحالين منتجي العسل، فهو مرعى كبير لطوائف النحل، ويسهم في تشغيل اليد العاملة، مدة أربعة أشهر، داعياً للتوسع بزراعته وتسويقه لتحسين دخل المواطنين العاملين في قطاف القبار، ومربي النحل.
يذكر أن تكلفة زراعة نبات القبار بسيطة فهو لا يحتاج إلى ري ولا أسمدة ولا مبيدات حشرية، وهو ذو إنتاجية عالية حيث تنتج الشجيرة الواحدة حوالي ٥ كغ سنوياً.