هل تفتح باكورة استثمارات الأملاك البحرية مسارات واعدة بتنمية حقيقية لشواطئنا ؟
البعث الأسبوعية – مروان حويجة
يعوّل على استثمار الأملاك البحرية في إعادة إحياء الصناعة البحرية و التنمية الشاطئية ، لأن هذه الاستثمارات كانت فيما مضى شبه غائبة عن شواطئنا و أما ماكان موجوداً – على قلّته و محدوديته – فكان فوات منفعة بامتياز لأنه بدلات الإشغال و التعرفات كانت رمزية بامتياز و لسنوات طويلة ناهيك عن كونها عشوائية قبل أن يعاد النظر في محددات و أسس الاستثمار و آليته و بدلاته و تعرفاته في وقت ظلًت فيه شواطئنا لعقود طويلة بلا مشروعات تنموية حقيقية وفاعلة من شأنها تنشيط حركة الملاحة والسياحة والصيد البحري واستقطاب المهن البحرية و ما يمكن أن تحدثه من تحوّلات نوعية في التنمية الاجتماعية والاقتصادية والبيئية لجهة إحياء المناطق الشاطئية ببرامج وظيفية تنموية تستقطب الآلاف المؤلفة من الباحثين عن فرص عمل متشعبة الاختصاصات في رحاب البيئة البحرية والمناطق الشاطئية ، و لذلك تأتي انطلاقة حزمة الاستثمارات في الأملاك العامة البحرية هذا العام لتفتح الأفق المنتظر لعلّها تشكّل أرضية لمشروعات حيوية تنموية تؤسس لتنظيم استثمار الأملاك العامة البحرية و إظهار معالم للصناعة البحرية فإنّ هذه المشروعات أيضاً تعدّ مسارات تنموية واسعة ركيزة أساسية لتنمية المنطقة الساحلية شاطئية ومشروعات اقتصادية بامتياز تسهم في دعم التوسع بانتشار المهن والحرف المرتبطة بالبحر والصيد والمراكب والملاحة وفي دعم استثمار الثروة السمكية و حماية وتنمية الأحياء البحرية ودراسة المحميات الطبيعية الشاطئية وصولا إلى بيئة استثمارية غنية بمواردها و منتجاتها و بعدد المشتغلين بها و عندها يكون ساحلنا الجميل هو الرابح الأكبر اقتصادياً واستثمارياً وبيئياً و سياحياً و اجتماعياً.
و في متابعة لواقع و مآل الاستثمارات في الأملاك العامة البحرية فقد كشف ل ” البعث الأسبوعية ” مدير عام المديرية العامة للموانئ العميد البحري المهندس سامر قبرصلي عن تحقيق إيرادات لافتة جراء استثمار الأملاك العامة البحرية خلال العام الحالي حيث وصلت القيمة الإجمالية لإيرادات الاستثمارات المؤقتة أكثر من نصف مليار ليرة مستوفاة لغاية تاريخه إضافة إلى توقيع عقد استثمار لنادي اليخوت في محافظة اللاذقية ببدل استثمار يقارب المليار ليرة سنوياً و هذه الإيرادات تأتي بحسب ما أكده مدير عام الموانئ ثمرة الجهود المبذولة في مجال الاستثمار المناسب للأملاك العامة البحرية و إسهام الاستثمارات في رفد الخزينة العامة . و أوضح أن القانون ٦٥ للعام ٢٠٠١ الناظم للأملاك العامة البحرية واضح في تحديد العلاقة بين المديرية العامة للموانئ و مجالس المدن و البلديات من خلال التأكيد أن الأملاك العامة البحرية الواقعة ضمن المخططات التنظيمية المعتمدة أصولاً تفقد صفتها هذه ، و للوحدات الإدارية ذات العلاقة الترخيص بإشغالها أو استثمارها وفقاً للشروط و الأوضاع المشار إليها في هذا القانون . و بيّن مدير عام الموانئ أنّه تمّ منح الوحدات الإدارية مدة عام لاستكمال إجراءات الإسقاط و عليه تمّ إسقاط جميع واجهات المدن الرئيسية : اللاذقية – جبلة – بانياس – طرطوس / ٤٠ كم من طول الشاطئ / لصالح مجالس المدن و جميع الأملاك العامة البحرية التي تدخل مجددا ضمن المخططات التنظيمية ويتوجب دراستها و تحديد الصفة التنظيمية لها بالتنسيق مع المديرية العامة للموانئ بما يخدم الشاطئ و روّاده . و بيّن العميد البحري قبرصلي أن المسموح باستثماره ٢٠ % من طول الشاطئ و أنّ الأملاك البحرية ذات خصوصية من جهة مساحاتها المحدودة و عرضها المتغيّر و الذي قد ينعدم في بعض المناطق فتصبح العقارات الخاصة ملاصقة لشاطئ البحر ، و لفت إلى أنّ مجاورة للأملاك البحرية للعقارات الخاصة و لعقارات القطاع العام تحدّ من استثمارها بالشكل المتخيّل لدى البعض ، و من هنا تقوم المديرية العامة للموانئ بإشراف وزارة النقل و بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة من سياحة و إدارة محلية و هيئة التخطيط الإقليمي و غيرها من الجهات العامة بحسب طبيعة الموقع بإعداد خارطة استثمارية الساحل السوري و تحديد الصفة الاستثمارية له من سياحة شعبية إلى خدمات سياحية متنوعة إلى مزارع سمكية إلى ورشات صيانة و صناعة الزوارق إلى مناطق عذراء المحافظة على بيئتها الطبيعية و غيرها ، و لفت الى أن المديرية العامة للموانئ أسقطت واجهات المدن الرئيسية التي تعدّ مناخاً استثمارياً مهمّاً و سعت إلى تشجيع الاستثمارات بجميع أنواعها بدءاً من الاستثمارات البسيطة / كافيتريات و خدمات شاطئية وصولاً إلى المشاريع المصنّفة سياحياً بخمس نجوم / مبيّناً أنّ وزارة النقل منحت ما يزيد عن ٦٠ قرار ترخيص لفعالية سياحية على طول الشاطئ الذي يتبع بالولاية و الإشراف للمديرية العامة للموانئ ما ينعكس إيراداً الخزينة الدولة و خلق بيئة مناسبة لفرص العمل كما تمّ منح ما قرابة ١٠٠ رخصة استثمار موسمي صيفي ساهم أيضاً في خلق فرص عمل كثيرة و تقديم خدمات لائقة و بأسعار مناسبة لرواد الشاطئ مع الأخذ بعين الاعتبار دائماً أن الاستثمارات ستكون لمسافات محددة من طول الشاطئ و الحفاظ على مناطق مفتوحة لرواده . و لفت مدير عام الموانئ إلى ما قامت به المديرية خلال الآونة الأخيرة على صعيد دخول ورشة صيانة و صناعة الزوارق في بانياس حيّز العمل و الإنتاج مروراً بقمع المخالفات المرتكبة بالاستثمار غير المرخّص على امتداد الشريط الساحلي وصولاً إلى المباشرة بتنفيذ أعمال أول مزرعة سمكية عائمة في سورية في منطقة خليج البحيص في جبلة بمساحة ١٥ دونماً بحرياً و ١٨ دونماً شاطئياً ما يسهم في دعم الإنتاج المحلي من السمك ، في وقت تطمح فيه المديرية بعد نجاح مشروع المزرعة السمكية العائمة أن يزيد عدد المستثمرين العاملين في هذا المجال و إدخال صناعات خاصة بهذا النوع من الاستثمار كمعامل البولي اتيلين عالي الكثافة ( مواد الأقفاص ) و مفرّخات الأسماك كبديل عن استيراد الإصبعيات / بذار السمك/ و معامل أعلاف و خاصة في هذا النوع من الاستثمار و هذا ينعكس إيجاباً على الحالة الاقتصادية و خلق فرص عمل كثيرة و هذا كله يتعزز و يتحقق من خلال أولوية الاستثمار الناجح المستند إلى دعم حكومي و وجود مستثمر جاد .
و بيّن مدير عام الموانئ أنه توجد أيضاً ورشات لصيانة السفن في المرافئ السورية و هي ورشات مختصة و مرخصة تقوم بصيانات أساسية حتى لدرجة تبديل صفة السفينة مثل سفن شحن البضائع إلى سفن لنقل الأغنام و الأبقار و هذا النوع من الأعمال يحتاج لخبرات و دراسات كبيرة و قد تمّ تحويل عدة سفن في الأعوام القليلة الماضية بنجاح و بخبرات محلية ماهرة ، أما فيما يخص الأحواض المتوسطة و الكبيرة لإتمام الصيانات تلك فتوجد موافقات منذ سنوات عديدة و دراسات لإقامتها،علماً أن مؤسسة السورية للنقل البحري مكلفة بدراسات و وضع دفاتر شروط لبناء أحواض بناء سفن في منطقة عرب الملك في منطقة جبلة.