بوتين: لن نترك التحركات الغربية العدائية بلا رد
أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن قيام الولايات المتحدة بتسليح أوكرانيا وحثها على مواجهة روسيا يخلق تهديدات خطيرة للأمن القومي الروسي.
وقال بوتين في كلمة له خلال اجتماع موسع لقيادة وزارة الدفاع الروسية في موسكو اليوم الثلاثاء: ماذا تفعل الولايات المتحدة الآن على الأراضي الأوكرانية، الواقعة ليس على بعد آلاف الكيلومترات من حدودنا، ولكن على عتبة دارنا. ويجب أن يفهموا أنه ليس لدينا مكان لمزيد من التراجع”.
وتابع: “لا توجد أسلحة فرط صوتية لدى الولايات المتحدة حتى الآن، لكننا نعرف متى سيمتلكونها. هذا أمر لا يمكن إخفاؤه. و(يوما ما) سيسلمونها إلى أوكرانيا. هذا لا يعني أنهم سيستخدمونها غدا، لأنه يوجد لدينا “تسيركون”، وليس لهم مثله بعد. لكن تحت هذا الغطاء سيسلحونهم وسيدفعون متطرفين من الدولة المجاورة باتجاه روسيا، بما في ذلك إلى شبه جزيرة القرم، على سبيل المثال، وذلك في ظل ظروف مواتية لهم، كما يبدو لهم”.
وتساءل الرئيس الروسي: “هل يعتقدون أننا لا نرى هذه التهديدات؟ أم يعتقدون أننا سنتفرج عليها مكتوفي الأيدي؟ لم يعد لدينا مكان للتراجع”!
وأضاف بوتين أن موسكو لا تطلب لنفسها أي ظروف استثنائية في مجال الأمن، لكنها لن تترك تحركات الغرب العدائية ضدها بلا رد. متابعاً “لا نطلب لأنفسنا أي ظروف استثنائية، إذ تدعو روسيا إلى ضمان أمن متساو وغير منقسم في كل الفضاء الأوراسي”.
وتابع: “بالطبع.. في حال استمرار النهج العدواني السافر من قبل زملائنا الغربيين سنرد عليه باتخاذ إجراءات مناسبة في المجال العسكري التقني، وسنرد بشكل صارم على أي خطوات غير ودية ضدنا، وأود أن أشدد على أن الحق معنا في ذلك كليا”. وأضاف أن من حق موسكو أن تتخذ “الخطوات الضرورية لضمان أمن روسيا وسيادتها”.
وحمل بوتين الولايات المتحدة المسؤولية عن تدهور العلاقات بين موسكو وواشنطن، مشيرا إلى أن روسيا كانت في كل مرة مضطرة للرد على خطوة أمريكية غير ودية إزاءها. وذكر الرئيس الروسي أن السبب المحتمل لتمسك الولايات المتحدة بنهجها هذا هو “شعورها بالنشوة من الانتصار – أو الانتصار المزعوم – في الحرب الباردة، أو سوء تقدير الوضع والتحليل الخطأ لسيناريوهات تطوره المحتملة”.
وذكر بوتين أن حشد الولايات المتحدة والناتو قوات عسكرية قرب حدود روسيا يثير قلق موسكو الشديد. وأشار بهذا الصدد إلى نشر عناصر الدرع الصاروخية الأمريكية في رومانيا والخطط لنشر منصات “إم كا – 41” المكيفة لإطلاق صواريخ “توماهوك” في بولندا.
ولدى تطرقه إلى موضوع ضمانات الأمن التي تنتظرها روسيا من الغرب أشار بوتين إلى أن روسيا بحاجة إلى “ضمانات طويلة الأمد وملزمة قانونيا”. وتابع: “لكننا نعرف جيدا أن حتى هذا لا نستطيع الثقة به، لأن الولايات المتحدة تنسحب بسهولة من كل الاتفاقات الدولية التي فقدت أهميتها في نظرها”. وأشار الرئيس الروسي بهذا الصدد إلى انسحاب واشنطن من الاتفاق حول الدرع الصاروخية والاتفاقية حول السماء المفتوحة، لكنه ذكر أن مثل هذه الوثائق أفضل من تعهدات شفوية، مضيفا: “نحن نعلم قيمة هذه الأقوال والوعود”.
وبحسب بوتين فقد أظهرت الأحداث في يوغوسلافيا السابقة والعراق وسورية أن الولايات المتحدة “تفعل ما تشاء”، لكن ما يحدث في أوكرانيا، حيث تدعم واشنطن السلطات في كييف بقوة، يختلف عن تلك الأحداث بشكل جذري.
وقال بوتين: “إنهم يفعلون ما يشاؤون لكن ما يفعلونه الآن على أراضي أوكرانيا أو يحاولون فعله ويخططون للقيام به ليس على بعد ألف كيلومتر من حدودنا الوطنية، فهو يحدث على عتبة بيتنا. يجب أن يفهموا أنه لم يعد لدينا ببساطة مكان للتراجع”.
ونفى بوتين صحة ادعاءات تصور المقترحات الروسية الموجهة إلى واشنطن والناتو بخصوص ضمان أمن روسيا على أنها “إنذار” للغرب. مع ذلك فقد ذكّر الرئيس الروسي بأن الأمريكيين “ينشطون على مسافة تقدر بآلاف الكيلومترات من أراضيهم الوطنية، وذلك بذرائع مختلفة، بما في ذلك بذريعة ضمان أمنهم. أما عندما يرون عائقا متمثلا بالقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة فهم يقولون إنه شيء عفا عليه الزمن ولم تعد له فائدة. أما إذا وجدوا أن شيئا من هذا يتماشى مع مصالحهم فسرعان ما يتحدثون عن أحكام القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة والقوانين الإنسانية الدولية”. وأضاف: “لقد سئمنا من هذا التلاعب”.
في سياق متصل، صرح وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو بأن شركات عسكرية أمريكية خاصة تحضر لاستفزازات باستخدام مواد كيميائية في منطقة النزاع بدونباس شرق أوكرانيا.
وقال شويغو إنه تم التأكد من وجود أكثر من 120 عنصرا من الشركات العسكرية الخاصة الأمريكية في بلدتي أفدييفكا وبريزوفسكويه في مقاطعة دونيتسك الأوكرانية.
وأوضح أن أفراد الشركات العسكرية الأمريكية يجهزون مواقع إطلاق النار في المباني السكنية والمرافق العامة ذات الأهمية اجتماعيا، كما أنهم يدربون قوات العمليات الخاصة الأوكرانية والجماعات المسلحة المتطرفة على تنفيذ أعمال قتالية نشطة.
وأضاف شويغو أن “خزانات تحتوي على مواد كيميائية مجهولة تم إيصالها إلى بلدتي أفدييفكا وكراسني ليمان بهدف ارتكاب استفزازات”.
كما تحدث شويغو عن تكثيف الوجود العسكري الأمريكي على الحدود الروسية، مشيرا إلى أن بلدان أوروبا الشرقية تستضيف وحدات أمريكية يبلغ مجموع قواتها حوالي 8 آلاف جندي على أساس التناوب.
وقال شويغو إنه يجري في بولندا إنشاء بنية تحتية لاستيعاب لواء مدرع أمريكي، بالإضافة إلى نظام Aegis Ashore المضاد للصواريخ، الذي شارف إنشاؤه في الأراضي البولندية على الانتهاء.
كما أعلن شويغو، إن الاختبارات الحكومية لصاروخ “تسيركون” فرط الصوتي شارفت على الانتهاء.
وأضاف شويغو، في اجتماع موسع لهيئة رئاسة وزارة الدفاع الروسية اليوم، أن الاختبارات الحكومية لهذا الصاروخ تقترب من الاكتمال، وسيتم توريده إلى وحدات الجيش الروسي في عام 2022.
ويشار إلى أن صاروخ “تسيركون” الروسي فرط الصوتي، قادر على التحليق بسرعة 9 ماخ، ما يعادل نحو 7000 ميل في الساعة.
قبل أيام، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن صاروخ “تسيركون” فرط صوتي أطلقته فرقاطة “الأميرال غورشكوف” من البحر الأبيض، أصاب هدفا في ميدان تدريب بمقاطعة أرخانغيلسك شمال البلاد.