احترافنا الرياضي منقوص… والألعاب الجماعية تطالب بالدخول فيه جزئياً
البعث الأسبوعية-عماد درويش
تثار بين الفينة والأخرى في رياضتنا واتحادات الألعاب خاصة الجماعية مسألة تطبيق نظام الاحتراف عليها أسوة باللعبتين الوحيدتين المحترفتين كرة القدم والسلة دون غيرهما من بقية الاتحادات، حتى أن البعض منها أعد النظام الخاص بها لتعترف القيادة الرياضية باحترافها حتى لو كان جزئياً.
وقبل الحديث عن تلك الاتحادات لابد من التذكير أن الاحتراف كلمة لم يكن لها محل من الإعراب قبل عام 1885 في الرياضة العالمية، ومن هنا كانت البداية لمرحلة جديدة ومهمة في تاريخ الرياضة عموماً وكرة القدم على وجه الخصوص، ثم بقية الألعاب الرياضية التي شهدت الانتقال من الاحتراف بالسرّ إلى العلن، ومع مرور الوقت تطور مفهوم الاحتراف وبات حقيقة واقعة، وضرورة ملحّة بحكم تغيّر الزمن ومتطلبات الحياة المتزايدة، وتحّولت الرياضة إلى مهنة وبات اللاعب يقبض “على المكشوف” شيكات على بياض بدلاً من دس المبلغ خلسة له من تحت الطاولة، وهناك عوامل كثيرة تلعب دورها في كيفية الوصول للاحتراف بمعناه المتعارف عليه في دول العالم.
توفر المال
تطبيق نظام الاحتراف عندنا يجب أن يتم عبر دراسات حول إمكانية تطبيقه، على عكس بقية الدول القريبة منا، فقد قامت هذه الاتحادات بتلك الدول وعبر لجانها الخاصة بترجمة قوانين الاحتراف العالمية بشكل علمي ومدروس، في حين نجد أن رياضتنا لم تفعل ذلك لأنها تعيش ظروفاً مغايرة لظروف تلك الدول فليس كل ما يطبُقه الآخرون يصلح عندنا، كون العقبة التي تواجه رياضتنا وأنديتنا تتمثل في عدم توفر المال والميزانية القادرة على تكفل كل احتياجات الاحتراف، ولا يقتصر تطبيق الاحتراف على الأندية فقط بل تعداها ليصل إلى اتحاد الألعاب فهي أيضاً لم ينالها من الحظ نصيب فأعضاء تلك الاتحادات غير مفرغين، وحكامه ما زالوا في طور الهواية ويحتاجون للاحتراف أكثر من غيرهم.
فالاجتهادات والمحاولات الجادة للاستفادة من التجارب الاحترافية للآخرين، حالت دون تطور أي لعبة من ألعابنا، بل على العكس تماماً فقد شهدت تراجعاً كبيراً سواء من خلال النتائج التي تحققت أو من خلال تراجع المستوى الفني للأندية واللاعبين، ليرى البعض أن هذا النظام كان الأمثل والأقرب لنا، واليوم بعد عدة سنوات أمضتها ألعابنا مع الاحتراف، نتساءل: هل فعلاً وصلت ألعابنا إلى مرحلة الاحتراف الحقيقي؟
أضرار بالغة
دون أدنى شك إن اللجان الخاصة باحتراف كرة القدم والسلة واجهت الكثير من المشاكل، وعمدت إلى تسوية كافة الخلافات والمشاكل القائمة بين الأندية واللاعبين، والعمل على إيجاد الحلول المناسبة قبل انطلاق أية مسابقة، على أمل أن يتم إيجاد حلول تضمن حقوق جميع الأطراف، هذا الكلام من الناحية النظرية يبدو جيداً، فالتجارب الاحترافية السابقة (للسلة والقدم) عبر مشروع الاحتراف، قد أضرت باللعبتين ولم تطوّرها، في الوقت الذي كان فيه غيرنا من الدول المجاورة والبعيدة، قد دخله وذاق حلاوته وجنى ثماره، فمن خلال هذا المشروع ودّعت رياضتا أيام الهواية والهواة ودخلت عالم الاحتراف من أضيق أبوابه.
أرضية صلبة
عندما يتم الحديث عن الاحتراف فسيكون فلابد من وجود معطيات مثل ضرورة إبرام عقد بين النادي واللاعب، وتوفير المدرب الجيد، وتأمين كافة التجهيزات الرياضية الخاصة به، وتأمين مقدمات العقود والعلاج الطبي، وتغطية تكاليف أي عمل جراحي للاعبين، كما يحق للنادي فرض العقوبات على لاعبيه المحترفين في حال ارتكابهم مخالفة سلوكية أو تقصيرهم في المهام سواء بالتدريب أو بالمباريات والأهم من ذلك أن يكون اللاعب متفرغاً لممارسة اللعبة التي أصبحت مهنته، وهذا الأمر غير متعارف به أو موجود في رياضتنا، ما يجعلنا نتساءل : كيف لنا أن نطبّق الاحتراف في وقت لا تتوفر فيه أدنى مقومات الاحتراف “المال” الذي يعتبر هاماً للاعب؟.
لذلك نجد أن البنية التحتية لنظام الاحتراف تتطلب وجود أرضية خصبة من توفر صالات مجهّزة ومحضّرة بشكل حضاري لكافة الأندية، وهو ما تفتقده كافة الألعاب.
احتراف جزئي
اتحادا كرة اليد والطائرة تقدموا بطلبات للقيادة الرياضية لإدراج اللعبتين ضمن نظام الاحتراف، حتى لو كان في البداية احتراف جزئي، كون اللعبتين وحسب الكوادر اعتبرتهما من الألعاب المنسية في ظل احتراف كرة القدم والسلة، وفعلاً تم مناقشة التقارير المقدمة من الاتحادين المذكورين خلال انعقاد المجلس المركزي للقيادة الرياضية، لتقر جلسة المجلس المركزي الموافقة على الاحتراف الجزئي للعبتين بدلاً من ملامسة ومناقشة واقعهما المتردي، وهو ما استوقف المهتمين باللعبتين، متسائلين بقوة: هل طبقنا الاحتراف الصحيح على كرتي القدم والسلة حتى نطبقه على بقية الألعاب؟ .
الرياضة أصبحت مهنة والجميع يسعى لتحقيق أهدافه من خلالها، ولكن هل لدينا البنية التنظيمية والمادية أصلاً لفكرة الاحتراف وهل لدينا النادي واللاعب والإداري والحكم وأعضاء مجالس الإدارات والمنشآت التي تستطيع مواكبة تطبيق الاحتراف؟
رأي خبير
المدرب الخبير في لعبة كرة الطائرة نزيه جبور أكد لـ”البعث الأسبوعية” أن الاحتراف حاجة ملحة لكل لعبة من الألعاب، ومنها كرة الطائرة التي عاصرتها منذ الستينات وحتى الآن، لذلك يجب أن يكون الاحتراف على مراحل وبشكل متدرج وسيكون له دراسة متأنية وواقعية للحاضر والمستقبل تتناسب والوضع الاجتماعي والمعيشي والاقتصادي والمالي لشريحتها الاجتماعية الممارسة لها والتي قسم منها اتخذتها مصدر معيشي مساعد لهم، والأهم من ذلك وجود المنشآت والاستثمارات والدعاية والإعلان الخاصة بكل نادي لتأمين التدفق النقدي لتغطية الكلفة التقديرية لذلك.
مشيراً إلى ضرورة وجود إعانات مالية شهرية من القيادة الرياضية لكل نادٍ ليس لديه أي رساميل مالية ثابتة كي لا يسبب الاحتراف هجرة لاعبيهم ولاعباتهم إلى أندية أخرى متمكنة “اقتصادياً ومالياً” كي لا تقع اللعبة في المحظور وتخبوا ويطفئ وهجها بالأندية التي ليس لها موارد مالية تغطي تكاليفها، ولو بنظام المكافآت، وليكن الحد الأدنى للأجور المعمول به عندنا مع زيادة 20% للاعبي المستويات الجيدة والمؤثرة والخبيرة والتي مثلت وتمثل المنتخبات الوطنية.
وأضاف جبور: أي لعبة تريد الدخول بعالم الاحتراف، يجب قبل كل شيء أن يكون لها كادر إداري (إدارات الأندية والفرق) وكادر فني (تدريبي وتحكيمي) له مقومات الفكر والعلم الاحترافي ليستطيع الاستمرار به وفق نظم وقوانين تضمن حقوق الجميع (ما لهم وما عليهم).