ثقافةصحيفة البعث

المايسترو كمال سكيكر يلحن قصيدة وأغنيات باللهجتين المصرية والسورية

ملده شويكاني

“قطفت لك عمري قطفة لقلك دوم اشتقت لك”، أغنية “لا تقلي ولا قلك” كلمات نرجس عمران وبصوت نانسي زعبلاوي الدافئ، في أمسية تفيض حباً على مسرح الأوبرا لجمالية المفردات، التي عبّرت عن التغني بالحبّ والاشتياق والغيرة والترجي المتناغمة مع جمالية الألحان التي فاجأت جمهور الأوبرا، وأثرت التراث الغنائي العربي والسوري، إذ قدّم المايسترو كمال سكيكر ألحانه الجديدة لشعراء من الجزائر ومصر وسورية، فلحّن قصيدة وأغنيات مطوّلة باللهجتين المصرية والسورية، بمشاركة ريان جريرة ونانسي زعبلاوي وروان مقلد مع فرقة “قصيد” وعازف البيانو إياد جناوي، وعازف الأكورديون وسام الشاعر الذي ألّف له المايسترو سكيكر مقطوعة خاصة.

وتضيف هذه الأمسية نجاحاً كبيراً للمعهد العالي للموسيقا ولدار الأوبرا وللموسيقا السورية ولمسيرة المايسترو سكيكر على صعيد التأليف والتلحين، فتألق إبداعه الفني بالتنويعات الموسيقية وتكرار بعض الجمل بتدرجات موسيقية مختلفة، إضافة إلى التقطيع، ولاسيما في ألحانه للأغنيات المصرية التي تعكس روح موسيقا الزمن الجميل، موظّفاً الأكورديون والبيانو والغيتار، كما أفرد مساحة للترومبيت في مواضع أخرى.

العلم السوري والمتتالية

وعلى صعيد التأليف الموسيقي قدّم سكيكر ثلاث مقطوعات جديدة للموسيقا الآلية، بدأت بأسوار دمشق، وتعني أن كل فرد يعمل بإخلاص وحب هو سور من أسوار دمشق، واستلهمها كما ذكر من جميع الشرائح: الطبيب والعسكري والمهندس والمعلم والعامل.. وغيرهم، فكانت البداية مع الصنجات والبيانو إلى الموسيقا القوية لمتتالية التيمباني والطبل الكبير، ثم تداخل النحاسيات وآلات النفخ الخشبية والوتريات، ليمضي اللحن مع الآلات والإيقاعيات الشرقية، ومن ثم يعود إلى التداخل مع تشكيلة الفرقة تمهيداً للقفلة القوية للمتتالية الإيقاعية والضربة القوية للصنجات على الخلفية السينمائية ووقع العلم السوري المرفرف في سماء سورية.

السماعي والبيانو

أما المقطوعة الثانية فكانت بعنوان “شوق” من قالب السماعي، وهي ذات بعد عاطفي جمالي بدأت بمقدمة للبيانو بمرافقة الإيقاعيات الخافتة، ثم التصاعد الموسيقي للنحاسيات والإيقاعيات، ودور البيانو والأكورديون، لتتسم الخاتمة بالهدوء الوتري.

الأكورديون والتانغو

وحملت المقطوعة الثالثة اسم “ليلة مقمرة”، كتبها سكيكر على نمط الكونشيرتو بين آلة الأكورديون للعازف وسام الشاعر، فأخذ الأكورديون اللحن الأساسي المبنيّ في مواضع على إيقاع التانغو الراقص، وزاد من تأثيرها على الجمهور لوحات الخلفية الرومانسية الراقصة للعاشقين، فبدأت بألحان الوتريات الخافتة مع آلات النفخ الخشبية ليأتي دور الأكورديون مع التأثيرات الإيقاعية، وقد وظّف خلالها وسام الشاعر جزءاً من تقنيات الآلة، ثم تداخل المسار اللحني مع الفرقة إلى الخاتمة بمشاركة ضربات الطبل الكبير والتيمباني والقفلة مع الأكورديون.

لحن شرقي

وتنوّعت الفقرات الغنائية، إذ قدّم سكيكر روان مقلد من طالباته ذات الصوت الواعد، فغنّت للأم من كلمات الشاعر السوري يوسف بويحيى أغنية “مين غيرك”، وعلى نغمات البيانو والغيتار في البداية “مين طول الليل يحكي حكايات ليطلع نور الشمس من العتمة”، ومن ثم الألحان التي يتخللها لحن شرقي راقص، وتكرّرت الجملة الموسيقية للمقطع الأساسي “مين يزرع البسمات” لتنتهي التساؤلات بالقفلة “يا أمي”.

“أحبك” وعلامات الترقيم

ألحان قصيدة “أحبك” للشاعر الجزائري بيان مراد التي تغنت بالحبّ واستخدم فيها الشاعر علامات الترقيم ضمن المفردات الراقية المعبّرة عن اعترافات عاشق، بصوت ريان جريرة المعروف لجمهور الأوبرا، كانت فاصلاً بالأمسية لجمالية الألحان ذات التقطيع في مواضع خاصة، فبدأت مع البيانو والآهات “أحبك أول الكلمات نقطة” وبدور الأكورديون والبيانو والإيقاعيات، يتوقف الشاعر مع الفاصلة والقافية “أفك الآن فاصلتي، وترقص على نبض قلبي قافيتي” بصوت ريان الذي يعلو صوت الموسيقا بتشكيلة الفرقة، ثم فاصل وتري تمهيداً للقفلة بالامتداد الصوتي “إنك أنت ذاتي”.

زعبلاوي والزمن الجميل

الأغنيات باللهجة المصرية بصوت نانسي زعبلاوي وحضورها الجميل على المسرح كان الأقرب إلى الجمهور ضمن مسارها بالأغنيات العاطفية، التي تسرد حكاية حب، كان الفصل الأول فيها لأغنية تعبّر عن مشاعر الغيرة المرتبطة بالحبّ “بغير عليك.. صدقني” كلمات  الشاعر د. هداية مدني، فأخذت الجملة الموسيقية الخاصة بـ”صدقني” أبعاداً جمالية بتدرجات صوت زعبلاوي، وتخلّل الأغنية فاصل موسيقي قبل “القلب اختارك” لتنتهي بالقفلة بمقامات صوت زعبلاوي بتكرار الجملة الأساسية “بغير عليك بجنون.. صدقني” وتابعت زعبلاوي مع اللحن الشائق والمفردات الرقيقة بأغنية “لا تقلي ولا قلك” التي تحكي عن الاشتياق والغيرة بشكل آخر، فتميّزت ببدايتها مع الأكورديون والبيانو والغيتار، وأضافت الجملة الموسيقية للجملة الأساسية “اشتقت لك” سحراً.

وفي المقطع الأخير يبدو دور الناي والترومبيت “وهالشوق على قد المحبة”، ومن ثم يأخذ الترومبيت دوره كصولو ضمن تشكيلة الفرقة، لتأتي القفلة بتقطيع الجملة الموسيقية “اشتقت لك”، وكان الفصل الأخير مع “يلي حقيقي” للشاعر ذاته.

ثم انتقلت إلى اللهجة السورية المحكية فغنّت للشاعرة نرجس عمران “ندم” بدور خاص للبيانو والدرامز والمؤثرات الإيقاعية وصولو الأكورديون.

نمط مختلف

المايسترو كمال سكيكر أوضح في حديثه لـ”البعث” أن هذه الأمسية الثانية لمؤلفاته جاءت بنمط مختلف، إذ اعتمدت أمسيته الأولى على كورال كبير وآلات موسيقية أخذت دور الصولو. ثم عقّب على مشاركة طالبته روان مقلد مع الكورال سابقاً بالغناء الجماعي والفردي، وعن العود أشار إلى حضوره ضمن تشكيلة الفرقة.

روح حسام بريمو

وشاءت الأقدار أن تتزامن هذه الأمسية التي نثرت الحبّ مع وفاة المايسترو حسام بريمو الذي زرع الحب والفرح في قلوب الجميع وعلّم الأجيال كيف تحبّ وتغني، فأهدى كمال سكيكر ألحانه إلى روح حسام بريمو وعزّت نانسي زعبلاوي على المسرح الفنانين والموسيقيين السوريين بوفاته.

كما سُبقت الأمسية بعرض فيلم عن مسيرة فرقة “قصيد” التي تُعنى بتوثيق الشعر واللحن والتاريخ، وشهدت ولادتها دار الأوبرا في عام 2008.