محليات

شطحات الزراعة الرقمية خيالية وضرب الأخماس بالأسداس غير مجدٍ تصريحات الوزير تتضارب مع واقع متأزم تقدّمه “تطوير الغاب” والفلاح أدرى بشعابه

يبدو أن وزارة الزراعة عندما تتحدث بلغة الأرقام الإحصائية عن خططها الزراعية والإنتاجية وعن أعداد الثروة الحيوانية تشطح كثيراً وتقدم لنا أرقاماً غير موجودة إلا في سجلاتها.
ففي قراءة متأنية للأرقام التي قدّمتها وطرحتها في بداية الموسم الشتوي، أشارت إلى أن خطة زراعة محصول القمح لهذا العام بلغت مليوناً و/700/ ألف هكتار وعلى أثرها راحت تضرب أسداسها بأخماسها وتحسب إنتاجنا المتوقع من القمح، (طلع) معها أنه قد يصل إلى /2.5/ مليون طن وربما أكثر.
مدير الإنتاج النباتي في وزارة الزراعة فاجأنا قبل أيام بأن المساحات المزروعة بالقمح المروي هي /518176/ هكتاراً، و/294/ ألف هكتار في المساحات البعلية في منطقة الاستقرار الأولى، فإذا جمعنا المساحتين المروية والبعلية لا تتعدى المساحة الإجمالية /800/ ألف هكتار وهذا يعني أن الوزارة تشطح كثيراً عندما تتحدث بلغة الأرقام في الوقت الذي يجب فيه أن تكون هي المرجع الرئيسي لمثل هذه الإحصائيات.

أرقام دقيقة
هنا يطرح السؤال نفسه من أين لوزارة الزراعة هذه الأرقام الخلبية التي تتحفنا بها بين الحين والآخر عند الحديث عن المساحات الزراعية أو الإنتاجية وعدد الأغنام وغيرها من الأمور الأخرى؟ ما يؤكد أن كل إحصاءاتها على هذه الشاكلة ولا توجد لديها أرقام دقيقة في هذا الخصوص.
يجدر القول هنا أنه في الوقت الذي يقول فيه وزير الزراعة: إن المحاصيل الشتوية جيدة، وإن ذلك ينسحب على القمح والشعير المروي ومعظم مساحات البعل، وكذلك الحال بالنسبة للبقوليات وخاصة الحمص والعدس، يخرج مدير الهيئة العامة لإدارة وتطوير الغاب المهندس غازي العزي ليؤكد أن محصولي القمح والشعير ليسا على ما يرام، بمعنى أوضح ليسا جيدين وإنما مقبولان حتى في المساحات المروية، حيث تعرّضا للتقزيم والسبل المبكر بسبب الظروف المناخية وانحباس الأمطار والجفاف، بينما المحصولان المذكوران في المساحات البعلية في وضع سيئ جداً.
ويردف الغزي: منذ أواخر شهر آذار الماضي تم البدء بإطلاق المياه من السدود لإرواء القمح الذي يحتاج إلى أكثر من ريتين.

خيرها بغيرها
ولعل مشاهداتنا اليومية لمحصولي القمح والشعير وغيرهما من المحاصيل الأخرى كالبقوليات، تتيح لنا أن نصوّر الواقع الزراعي أكثر من غيرنا وهذا ما ينقله المزارعون والفنيون في اجتماعات اللجنة الزراعية، ما يؤكد أن الفلاحين أدرى بشعابهم الزراعية أكثر من تقديرات وزارة الزراعة، ولولا عزيمة المزارعين وإصرارهم على التشبّث بأرزاقهم والعمل في أرضهم رغم محاولات الإرهابيين تعطيل النشاط الزراعي وما يشكله من استقرار للواقع الغذائي لكان الوضع أكثر سوءاً.
الخلاصة: قد تكون محاصيل البقوليات كالحمص والعدس والمحاصيل العطرية الأخرى أحسن حالاً من الشمندر والقمح والشعير رغم أن تسعيرتها الأخيرة قد أثلجت قلوب المزارعين، “وخيرها بغيرها”.

حماة – محمد فرحة