اقتصاد

نقطة ساخنة استحقاق الوطن

لم يعد يخفى على أحد مدى ظلم العقوبات الاقتصادية التي فُرضت على الشعب السوري، طيلة السنوات الثلاث الماضية، وحقيقة من حاكها ليسلب مصيرهم ويربطه بقرار خارجي، في محاولة لجعلهم أتباعاً بلا سيادة.
الاستحقاق الرئاسي جاء صفعة لمن أراد لسورية أن تكون مسلوبة القرار والسيادة، خاصة وأن برامج المرشحين الثلاثة لم تخلُ على الإطلاق من التركيز على الثوابت الوطنية وعدم التنازل عنها، إضافة إلى الهمّين الاقتصادي والاجتماعي، إلى جانب مكافحة الفساد، فضلاً عن إعادة الإعمار والبناء.
استحقاق جاء بمثابة ضربة مزدوجة لكل من تربص بسوريتنا شراً، فهو رسخ الخط الوطني وعدم التنازل عن مقدراتنا من جهة، وأظهر للعالم أجمع أن السوريين قادرون بما أوتوا من قوة أن يعيدوا بناء ما دُمّر وخُرّب من جهة ثانية.
ولعله من المفيد في هذا السياق أن نستذكر مقولة “ويل لأمة تأكل مما لا تزرع، وتلبس مما لا تصنع”، ونشير أيضاً إلى حكمة قيادتنا السياسية والاقتصادية التي وضعت نصب عينيها الحفاظ على رباطة جأشها وجهودها الحثيثة في هذا الاتجاه، كي لا يصيب بلدنا هذا الويل، وذلك من خلال العمل للحدّ من خروج الأراضي الزراعية من الإنتاج قدر الإمكان، في ظل حرب ضروس كادت تأكل الأخضر واليابس، إلى جانب تأمين نقل المنشآت الصناعية إلى المناطق الآمنة.
وحريّ بنا في هذه اللحظة المفصلية إدراك أن قوة ومتانة متلازمة (السياسة والاقتصاد) كفيلة بالحفاظ على قرارنا السيادي، إذ لن يكون هناك بناء اقتصادي متين دون حنكة سياسية، والأخيرة لن تكون ناجحة بعيداً عن أوراق اقتصادية رابحة، ونسوق هنا مثالاً معروفاً للتذكير وليس كمعلومة، أن القرار السياسي ساهم بتعظيم مخزوننا الإستراتيجي من القمح، الذي أصبح ورقة رابحة بأيدينا.
اليوم نحن على موعد تاريخي سيحدّد مصيرنا بأنفسنا دون غيرنا، وعلينا جميعاً أن نساهم باختيار من سيقود الدفة إلى بر الأمان، ولعل السنوات الثلاث الأخيرة درس لنا يجب الاستفادة منه، وقد رأينا بأم أعيننا ما حلّ ببلدنا، ولنعلم أن الوطن لا يُبنى إلا بسواعد أبنائه.. فطوبى لمن جرَّب واحتسب.

حسن النابلسي
hasanla@yahoo.com