محليات

شبهة “المهندس والمتعهد”

لا ندّعي البطولة في كشف اللثام عن فساد بعض الوحدات الإدارية والبلديات، ولاسيما مهندسي المكاتب الفنية في ملفات غضّ الطرف والتستّر على مخالفات سكنية أضعف إيمانها إضافة طابق “خلسة”، وأكثرها خطورة تلك الأبنية والعمارات التي تُنجز بسرعة خارقة في انتهاك أعمى للقوانين والأنظمة والأعراف الاجتماعية الحساسة!!.
خلال يوميات الأزمة تحوّلت الأحداث إلى شماعة لمتاجرين وأمراء حرب ارتكبوا “السبعة وذمتها” تحت شعارات باتت مكشوفة ومفضوحة لمواطن يدرك تماماً أن الانتماء للوطن يتمثّل بالممارسة والسلوكيات وليس بالأقوال التي يجاهر بها البعض ويضمر كل السوء بحق مجتمعه والحقوق العامة، ليصبح اللهاث وراء المرابح الحرام والقفز فوق الحرمات نهجاً يُمنع الاقتراب منه، لأن لعنة الشيطنة جاهزة عند مجموعات من التّجار والمقاولين ومتعهدي البناء، والتي دخلت مع أجهزة البلديات في شراكة دمار وخراب وليس بناء -كما يدّعون- تحت ذرائع إيواء وتأمين شقق ومنازل للناس في مناطق محسوبة على أنها آمنة وعليها طلب وكثافة إقبال!.
يقول قائل إن هكذا ممارسات ليست حديثة العهد وهي تحصل منذ سنوات طويلة؟!، ولكن الكل يعرف أن الهجمة على مخالفات البناء استعرت لدرجة لم تعد مقبولة وبشكل علني ومفضوح وتحت أعين المحافظات ومهندسيها، فالمتعهد يتبجح بالقول إن أي مهندس بلدية مهما كبر أو صغر يصمت مقابل 10 آلاف ليرة، وفي أحسن الحالات لايكلف السكوت عن المخالفة ولاسيما في أيام كهذه أكثر من 50 -100 ألف وهو رقم لا يساوي شيئاً أمام الأرباح الطائلة التي يحقّقها المقاول في عمليات البيع والمتاجرة بمصير أناس يخاطرون بحياتهم في عمارات مجهولة المواصفات.
هي ليست تهمة تطلق جزافاً بحق بعض الكفاءات المشهود لها بالنزاهة والشرف، ولكن لكل شوكته التي توخزه في رقبته، وهؤلاء الفاسدون وبائعو الضمير لا يمكن التساهل معهم في تمرير مخالفات من هذا النوع، حيث لا معايير ولا مواد تساهم في تقوية أسس وبنيان البنايات عدا الزمن القياسي الذي تُنجز فيها ما يجعلها عرضة للميول والتشقق والهبوط والسقوط في حالات يذكر التاريخ الكثير منها، وعندها لا ينفع الندم وسوق المذنبين والفاعلين إلى العدالة.
هو جرس إنذار من الواجب قرعه قبل أن يقع الفأس في الرأس في ملف لا يمكن إغفاله في سياق الزحام واللهاث لمخالفات البناء وتداعياتها التي تستحق اللعنة، في وقت تتسرّب أنباء عن تحركات على مستوى المكاتب التنفيذية للمحافظات ولاسيما في دمشق وريفها لمحاسبة المهندسين والموظفين الذين يثبت تورطهم في فساد مخالفات البناء على الأملاك الخاصة والعامة، وما سجلته محافظة دمشق من تبليغ نحو 20 مهندساً لحضور جلسات لجان تحكيمية وعدلية لهذا الغرض أكبر دليل على بوادر إجراء ملموس لوضع حدّ لهذا التطاول على القانون!!.

علي بلال قاسم