محليات

حصانة قرار !

عندما يحاول المواطن تطويع الأنظمة والقوانين وحرفها عن سكة الصواب وتجييرها لخدمة مصالحه، تتعدّد الأحكام وتتسابق الاتهامات في مضمار الحقوق والواجبات التي يمنع المساس بها تحت أي ظرف أو عنوان، وطبعاً نحن لا نبرّر ولا نشرعن المخالفة لأحد، بل نحاول ومن باب المقارنة أن نلج في تفاصيل يختلط فيها التنفيذي بالتشريعي.
وبغضّ النظر عن صوابية القرارات الصادرة عن بعض الوزارات أو انحراف بوصلتها عن سكة المنطق والقانون، ودون الخوض في تفاصيل عمل الإدارات المختلفة أو التدقيق في آليات تعاطيها مع قضايا الناس، نسأل هل يحقّ للوزير مصادرة الحقوق التي كفلها الدستور للمواطن وخاصة في موضوع التقاضي ومنح القرار الوزاري صفة القرار المبرم الذي لا يمكن الطعن فيه بأي شكل بعد أن منحته السلطة الوزارية درجة القطعية؟ وهل تسمح السلطة والحصانة الممنوحة له بمخاطبة وزارة أخرى لتسانده في مساعيه الرامية إلى حرمان الناس من الاعتراض على قراراته والتظلم عبر القضاء؟ وهل يجوز تجيير المراسيم حسب الرغبات والأهواء الشخصية وإزاحة مواد الدستور وتحييدها بقوة القانون؟.
تساؤلات كثيرة تثيرها مطالبة وزير الإسكان لوزارة العدل بإصدار تعميم إلى الجهات المختصة فيها، لبيان أن قرارات إسقاط العضوية الصادرة عن وزير الإسكان والتنمية العمرانية بموجب المادة 62/ز/ من أحكام القانون 99 لعام 2011 الناظم لعمل قطاع التعاون السكني قابلة للتظلم في الوزارة فقط عن طريق الاتحاد العام للتعاون السكني وغير قابلة للطعن أمام المحاكم الاستئنافية، وبالتالي عدم قبول الدعاوى المرفوعة خلافاً لذلك لكونها تعرقل تنفيذ قرارات الوزير وتسهّل قيام بعض مجالس إدارات الجمعيات التعاونية الفاسدة التي تتم محاصرتها ووقف فسادها من داخل الوزارة، بالتحايل على القانون واللجوء إلى القضاء دون سند قانوني للحصول على أحكام قضائية مخالفة لأحكام المرسوم الشريعي 99.
وبين محاولات إكساب إجراءات الوزارة الصفة القانونية وإدخالها من بوابة المصلحة العامة ومكافحة الفساد ولجم المخالفات وحماية الحقوق إلى حيز التنفيذ، وحقيقة أن المشرّع عندما أجاز للجمعيات التعاونية السكنية ولكل ذي مصلحة الطعن بقرارات الوزير أمام القضاء كان يقصد من ذلك حماية أعضاء الجمعيات السكنية والحفاظ على حقوقهم، بين هذين الأمرين تتشابك المبررات وتختلط الأوراق الوزارية وتتعدّد وجهات النظر التي مهما اختلفت فلن تستطيع الاحتكام إلا لأحكام الدستور، فهل من مجيب؟.
بشير فرزان