اقتصادتتمات الاولى

25% الطاقة المولّدة المتاحة فقط من الطلب البالغ 6 آلاف ميغاواط حالياً..والتحدّي الأكبر نقص الوقود الكهرباء: 2مليار ليرة فاتورة مشتقات توليد الطاقة يومياً

ما بين 15 – 20 ألف طن مكافئ نفطي (غاز – فيول – مازوت)، كلفتها تتراوح بين 9 – 12 مليون دولار ،أي ما يعادل 1.530 – 2.040 مليار ليرة سورية، هذه هي الفاتورة اليومية التي يجب على سورية أن تؤمّنها وتدفع تكاليفها يومياً، وعلى الحكومة تأمين هذا وغيره لاستدامة عمل مختلف القطاعات ونهوضها، مسؤولية تبيّن حجم المبالغ المطلوبة بشكل يومي لتوليد الطاقة الكهربائية في حال تم استيراد الوقود، وهذا بحدّ ذاته تحدٍّ كبير في ضوء محدودية الموارد ودعم قطاع الكهرباء.
هذه المسؤولية الثقيلة المقدرة على كاهل إدارة منظومة قطاع طاقتنا، لا يقابلها ما هو أقل من تحمّل مسؤوليتنا كمواطنين يتعرّض وطنهم لأشرس حرب إرهابية عرفتها دولة في التاريخ، لم تستثنِ مفصلاً من مفاصل الحياة، مسؤولية أقلها أن نعي واقع الممكن والمتاح في مواردنا ونساهم بكل فعالية في حمايتها والحفاظ عليها بالدفاع عنها، عبر وضع حدّ للتعدّيات على الشبكة الكهربائية وتطبيق الترشيد في الطاقة وتحمّل الوضع، لكوننا نمرّ بمرحلة غاية في الصعوبة والاستثنائية، ما يتطلب إدراكاً كاملاً لحجم التحدّيات التي يُراهن على السوري في تفهّمها والسعي إلى المساعدة في التغلّب عليها أو الحدّ منها.
تحدٍّ كبير
أمام هذا التحدي الكبير الذي تصدّى له عمال وزارة الكهرباء من خلال إصرارهم على إصلاح الأعطال التي تصيب المنشآت الكهربائية بعد كل اعتداء بهدف الحفاظ على استمرارية التغذية الكهربائية، وتقديمهم من أجل هذا أكثر من 150 شهيداً، بادرت المجموعات الإرهابية مؤخراً -قبل أربعة أشهر- إلى تصعيد استهدافها لقطاع الكهرباء عن طريق استهداف أنابيب نقل الغاز إلى محطات التوليد، فانخفض إنتاج الكهربائية بشكل كبير، ولاسيما في المنطقة الجنوبية (دمشق – ريف دمشق – درعا – السويداء – القنيطرة)، كان نتيجتها أن توقفت ثلاث محطات توليد رئيسية في تلك المنطقة عن العمل، على الرغم من جاهزيتها التامة للعمل وإنتاج الكهربائية، ما أدّى إلى انخفاض كميات الطاقة المولّدة بشكل كبير، حتى وصلت إلى 1500 – 1600 ميغاواط، في حين أن الطلب الحالي على الطاقة يبلغ نحو 6000 ميغا واط، الأمر الذي يعني أن الطاقة المولّدة المتاحة لا تتجاوز نسبتها 25% من الطلب على الطاقة.

استنفار متواصل
واقع وظروف اضطرت وزارة الكهرباء والجهات التابعة لها إلى تطبيق برنامج تقنين كهربائي على كل محافظات القطر، بهدف المحافظة على وثوقية الشبكة الكهربائية واستقرارها تجنّباً لانهيارها، ولأجل ذلك تبذل الحكومة مساعي كبيرة لتأمين الموارد اللازمة ضمن الأولويات المتاحة لاستيراد النفط اللازم لسدّ العجز الحاصل في كميات الوقود المتاحة.
بناء على ذلك، وفي ضوء محدودية كميات الطاقة الكهربائية المولّدة، يعقد يومياً اجتماع يضم فعاليات مؤسسات الوزارة (توليد – نقل – توزيع)، يتم خلاله تحديد كميات الوقود المتوفرة (فيول – غاز)، ويوضع برنامج لتشغيل محطات التوليد وتحديد كميات الطاقة الكهربائية الممكن توليدها استناداً إلى كميات الوقود المتوفرة، بعد تحديد كميات الطاقة الكهربائية المتوقعة، ليتم توزيعها على كل محافظات القطر، مع الأخذ بالحسبان استهلاك كل محافظة وطبيعة الأحمال والتجمعات السكانية الموجودة فيها التي تشكلت في ضوء الأزمة، إضافة إلى اعتبارات أخرى.
واستناداً إلى كميات الطاقة المخصصة لكل محافظة، تقوم الشركة العامة للكهرباء في المحافظة المعنية بوضع برنامج تقنين يتناسب مع هذه الكميات المخصصة للمحافظة، بشكل يحقق العدالة بين كل مناطق المحافظة قدر الإمكان، مع الأخذ بعين الاعتبار بعض الحالات الاستثنائية لتأمين تغذية كهربائية مستمرة لبعض المنشآت المهمة والحيوية والخدمية في المحافظة (مشافي – مخابز – مطاحن – مضخات آبار مياه…. الخ).

ليس تميّزاً
وتجدر الإشارة إلى أنه عند تأمين تغذية كهربائية مستمرة لبعض المنشآت الحيوية التي لا يمكن تغذيتها بشكل منفرد، فإنه قد يكون هناك بعض الأبنية والمساكن التي تتغذى من الخطوط المغذية لهذه المنشآت، وبالتالي فإن هذه الأبنية ستتغذى بشكل مستمر بالطاقة الكهربائية وتعفى من برامج التقنين شأنها شأن المنشآت الحيوية التي تتغذى من الخطوط نفسها، علماً أن هذه الحالات قليلة جداً، إذ تسعى الكهرباء دائماً إلى فصل وعزل تغذية المنشآت الحيوية قدر الإمكان ووفق الإمكانات الفنية المتاحة.

البرامج متغيرة
الجدير بالذكر، أن برامج التقنين هذه قد تتعرض للتغيير في كل لحظة، بسبب تعرّض أي جزء من المنظومة الكهربائية لأعطال، إما لأسباب فنية أو بسبب اعتداءات المجموعات المسلحة، وهذا سيؤدي حتماً إلى زيادة ساعات التقنين أو انخفاضها، أي إنه في ظل هذه الظروف التشغيلية للمنظومة الكهربائية يتعذر تثبيت برنامج تقنين، لأنه متغيّر تبعاً للحالة الفنية للمنظومة الكهربائية.

3 مليارات إضافية
رغم كل ذلك، هناك تنسيق دائم مع وزارة النفط والثروة المعدنية ووزارة الدفاع والجهات المختصة والمجتمع المحلي لتحسين واقع واردات الوقود من غاز وفيول، وهذا يأتي من خلال إعادة تشغيل بعض الآبار التي خرّبتها المجموعات الإرهابية والاعتداءات على خطوط الغاز في منطقة القلمون والمناطق الشرقية والشمالية الشرقية؛ وقبلها الاعتداء على خطوط السكك الحديدية والقطارات التي تنقل المشتقات اللازمة لتشغيل محطات التوليد.
أمام هذه المستجدات بادرت وزارة الكهرباء بالتنسيق مع وزارة النفط إلى إيجاد بدائل لنقل الفيول إلى محطات التوليد عن طريق الصهاريج، بدائل كلّفت الكهرباء مبالغ وتكاليف إضافية تجاوزت 3 مليارات ليرة لتحفيز سائقي الصهاريج على نقل الفيول إلى محطات التوليد بهدف الحفاظ على استمرارية توليد الطاقة الكهربائية وبالتالي استمرارية التغذية الكهربائية للمشتركين، ناهيكم عن خسائر القطاع التي تجاوزت 200 مليار ليرة.

بالقريب العاجل
وعلى الرغم من ذلك وغيره تتعهّد وزارة الكهرباء بالعمل الدائم على الإيفاء بمتطلبات الطلب على طاقتها آملة أن يكون ذلك في القريب العاجل، علماً أنه في ظروف الحرب لا يمكن وضع برنامج زمني يحدّد إنجاز العمل لأن  هناك دائماً متغيّرات لحظية خارجة عن الإرادة.
قسيم دحدل
Qassim1965@gmail.com