ثقافة

دراما الطفل الحاضرة الغائبة

أمينة عباس

تعيد إعادة عرض مسلسل الأطفال السوري الشهير “كان ياما كان” إلى الساحة طرح موضوع الدراما التلفزيونية السورية الموجهة للأطفال، وهو موضوع غائب حاضر بغياب وحضور هذه الدراما، التي تبدو بحجمها وتأثيرها ضئيلة مقارنةً مع حضور وتأثير الدراما التلفزيونية السورية الموجهة للكبار، فمن بين عشرات المسلسلات التلفزيونية الموجهة للكبار قد يمر مسلسل واحد للأطفال وقد لا يمر.. وهنا لنا أن نطرح أكثر من سؤال حول هذه الظاهرة المحيّرة في الدراما التلفزيونية السورية: هل الأمر مرتبط بندرة كتّاب الدراما التلفزيونية الطفلية؟ أم بندرة وجود مخرجين متفهّمين لطبيعة الدراما الطفلية ولطبيعة طفل اليوم بشكل عام؟ أم لتراجع تسويق هذه الأعمال تجارياً وبالتالي ابتعاد المنتجين التلفزيونيين عن تناولها؟
أسئلة كثيرة، وكلها تحمل معطيات نفيها، فثمّة عدد لا بأس من كتّاب الدراما الطفلية ممن أثبتوا وجوداً في أعمال سابقة لكنهم لم يستمروا، وثمة مخرجون قدموا أعمالاً درامية طفلية تركت صدى واسعاً عند جمهور الأطفال، وثمة قنوات تلفزيونية عربية متخصصة للأطفال مستعدة لاستيعاب كل ما يتم إنتاجه من أعمال تلفزيونية طفلية.. فأين المشكلة إذاً؟
بالطبع لسنا هنا بصدد إيجاد أجوبة على هذه الأسئلة الملحّة بقدر ما نسعى إلى إعادة التذكير بأهمية هذه الدراما، وبحقها في أن تنمو وتحيا وسط جوّ غير صحّي يحيط بالطفل العربي عموماً وهو يتلقى عبر عشرات وسائل الإعلام دروساً من فن تسميم العقول، هذا عدا عن ما يتلقاه الطفل العربي في مدارسه من مواد التجهيل المعتمدة على الغيبيات، والتي تستبد بعقل الطفل وتنقله من عالم الواقع إلى عالم الخيال والأوهام.
طفل اليوم بحاجة إلى دراما واقعية تعلّمه كيف يعيش لا كيف يموت، كيف يساعد أشقاءه وأصدقاءه وأبناء وطنه على الحياة لا كيف يدفع بغيره وبنفسه نحو الموت. وما هو الشيء الأكثر قدرة من الدراما التلفزيونية ذات التأثير والهيمنة على القيام بهذه المهمة التربوية والأخلاقية، بل والمصيرية، خاصة ونحن نعيش عصر انقلاب المفاهيم وتبدّل القيم وتقهقر الأخلاق؟.
نريد دراما تلفزيونية طفلية تقفز بطفلنا نحو المستقبل ولا تعود به إلى الماضي السحيق، دراما نستطيع أن نفاخر بها العالم، ونقول نحن هنا وهذه هي حضارتنا وهذا هو إنساننا، إنسان الغد المشرق.