ثقافة

ولا ألف اعتذار ..

لوردا فوزي

الانفعال والتسرع وعدم التروي صفات يجب أن يبتعد عنها الفنان الذي يعلم أن لكلمته صدى واسعاً، وأن لسانه حصانه وعليه أن يصونه، فما يقوله ويصدر عنه سينتشر على مواقع التواصل الاجتماعي كالنار في الهشيم ولن يتمكن أحد حتى هو نفسه من التراجع حتى و أن ضغط على زر “الديليت” فما جرى قد جرى والكلمة تبقى ملك لصاحبها حتى تخرج منه، وعندها تصبح مثل “مي وانكبت” ولن يستطيع أياً كان لمَها، ويبدو أن هذا ما حدث بالفعل مع الفنانة اللبنانية نادين الراسي منذ بضعة أيام عندما قامت بنشر تغريدة على مواقع التواصل الاجتماعي قاصدة بها اللاجئين السوريين وقالت فيها (عالحالتين نصيحة افرقونا بريحة طيّبة، قلوبنا طيّبة كتير بس لحمنا قاسي ومُرّ كتير! اسألوا التّاريخ والحَقوا جغرافيّة أصولكُن، مشاركينّا أرضنا وميِّتنا وقمحنا وطرقاتنا وع قلبنا أحلى من العسل وكرامتنا من كرامتكُن، لبنانيّة عم بيموتوا ع الأراضي السّوريَة تيحموا أرضكُن وعرضكن من داعش…) ويستطيع أي قارئ لهذه الكلمات أن يستشف المعنى بشكل واضح  بغض النظر عن الدافع الحقيقي الذي جعل الراسي تنطق بها وتقوم بنشرها، ودلالاتها تنطوي على عنصرية وإساءة كبيرة تجاه السوريين وفيها الكثير من “التمنين” بسبب استقبال بلدها لهم.

في الحقيقة أثارت هذه الكلمات استهجان معظم رواد مواقع التواصل الاجتماعي السوريين والعرب واختلفت ردود أفعالهم ابتداءً من الردود القاسية والاستنكار، وصولاً إلى العتب وخصوصاً من محبي الراسي ومتابعيها، واتهمها البعض بالجحود ونكران المعروف مذكرين الراسي بأن نجوميتها وشهرتها التي تتبوأها اليوم ابتدأت مع السوريين أنفسهم التي تقوم الآن بنبذهم في منشورها، كذلك لم يتوان بعض الفنانين السوريين عن الرد على زميلتهم اللبنانية بطريقة راقية داعين إياها لتكون رسول سلام وتحاول توحيد ما فرقته السياسة، وبعد موجة الرفض العارمة التي قوبل بها منشور الراسي “اللا إنساني” لم يكن أمامها إلا أن تقدم اعتذاراً “متأخراً جداً” للشعب السوري وأن تؤكد بأن ما حصل هو سوء تفاهم قائلة “إن أمي سورية وأخوالي في الجيش السوري”، ناسية أن بعض ما يكسر لا يصلحه ألف اعتذار.

على الفنان أن لا ينسى أنه لا يمثل نفسه فقط بل عليه أن يكون سفيراً نبيلاً لبلده، ولكننا رغم الأسى لا نرى لبنان العظيم من خلال نادين الراسي فـ “لبنان.. هل للراسيات كأرزه تاجٍ ينضرها على الآباد”، ولبنان كان ومازال وسيبقى في عيون السوريين هو لبنان الشقيق ولبنان الكرامة ولبنان  فيروز.