ثقافة

“القدس ستبقى لنا” رسالة كورال الحجرة من الأوبرا

“لا ميلاد بلا القدس، والقدس ستبقى لنا” بهذه المفردات وجه المايسترو ميساك باغبودريان تحية إلى القدس في الأمسية التي قدمها كورال الحجرة التابع للمعهد العالي للموسيقا بقيادته على مسرح الأوبرا، وسط حضور كبير، لتكون زهرة المدائن محوراً أساسياً في الأمسية التي حفلت بأغنيات الميلاد وبتراتيل دينية بمشاركة التينور ناجي حمود بالغناء المنفرد، وعازف البيانو فادي جبيلي. فتوجت إبداعات كورال الحجرة بتوظيف باغبودريان التقنيات الأكاديمية للغناء الجماعي وفق تعدد الأصوات، والتناوب بالترنيم، وتجزيء الكورال، والتداخل بالمفردات، وتعاقب الأصوات في مواضع بين اختلاف طبقات الصوت للذكور والإناث والغناء في مواضع دون موسيقا، ليجد الحاضرون أنفسهم إزاء مسرح أوركسترالي بشري لكورال أكاديمي مختلف، واكتملت التجربة الإبداعية لباغبودريان بالإعداد الغنائي لزهرة المدائن، ليمرر كورال الحجرة رسالة الميلاد من سورية بأن القدس مدينة الأقصى ستبقى لنا، وستبقى عربية لأنها تاريخ العرب وعقيدتهم الدينية. ولم يكتف باغبودريان بجمالية المفردة المتناغمة مع اللحن إذ اعتمد بشكل واضح على الشاشة لتدعم المشهد الغنائي الموسيقي بصور الشموع والميلاد والكنائس المضاءة، ليمرر أيضاً صور اقتحام القدس من قبل الصهاينة، لتختزل صورة مدينة القدس المحتفلة بالميلاد المجيد الرسالة.
ألحان شعبية أرجنتينية بدأت بمسار هادئ ورقيق لترانيم ميلادية لجون روتتر”ترنيمة ضوء الشمع وترنيمة المسيح الطفل” بمرافقة البيانو-العازف فادي جبيلي- ليشكل ركيزة أساسية للغناء وللامتداد الصوتي بالقفلة الغنائية، واتسمت هذه الترانيم بطقس كنسي روحي أضفت إليه صور الشموع سكينة وصفاء، ليتغير مسار الأمسية بتقديم لوحة ميلادية بعنوان “ميلادنا” للمؤلف الأرجنيتي آريل راميريز الذي اعتمد على الألحان الشعبية ببناء أغنيات استمد كلماتها من الميلاد باللغة الإسبانية،  ضمت ست مقطوعات بمشاركة الأكورديون وبعض الآلات الإيقاعية منها الكونغا والبنكوز، بالإضافة إلى آلات الإكسسوار الإيقاعية التي لها وقع خاص على المفردة وعلى المتلقي منها تامبورين والمثلث مع الآلة الوترية زوردو، فأخذت الترانيم مساراً خاصاً مع الألحان الحيوية النابضة بالحياة ذات الإيقاع الحرك والسريع، وبدأت مع “البشارة” بمشاركة ناجي حمود بالغناء المنفرد، ثم مقطوعة الحج مع مؤثرات صوت أجراس الكنيسة والإيقاعيات وفواصل البيانو، ليصبح اللحن أجمل في مقطوعة الميلاد كمقدمة موسيقية صغيرة تداخلت فيها الإيقاعيات مع البيانو مع جمالية المفردات وصوت ناجي حمود، ثم مقطوعة الرعيان والملوك المجوس التي كان فيها حضور كبير للموسيقا، ثم الهروب إلى مصر خاتمة اللوحة وتميزت بجمالية لحنية خاصة على وقع الضربات الإيقاعية للعازف علي أحمد.
وبدا باغبودريان مع الكورال أقرب إلى الجمهور بتقديم لوحة ميلادية رائعة مستمدة من مقتطفات للأغنيات المألوفة للجميع بلغات متعددة، والتي تحمل معانيها رسالة المسيح بنشر المحبة والسلام مثل هليلولا وجيوس تشيلد و”ضوي جاية من دنيا بعيدة” و”تتلج أشعار وسلام” ليتفاعل الجمهور ويغني مع باغبودريان والكورال”ليلة عيد”.

القدس مسيحية إسلامية عربية
وشغلت القدس حيزاً كبيراً من الأمسية حيث ذكر باغبودريان بأنه لاميلاد بلا القدس، فقدم تجربة إبداعية للغناء الكورالي من خلال أغنية”زهرة المدائن” كلمات وألحان الأخوين رحباني ليغني الكورال بروح صدى صوت فيروز، “لأجلك يا مدينة الصلاة أصلي” تزامنت مع الصور المرئية للقدس،ليعكس باغبودريان الخصائص الأكاديمية وتقنيات تعدد الأصوات(سوبرانو-آلتو-تينور-باص) في تداخل المفردات بتقسيم الكورال وفق الطبقات سواء بالكلمة أو بالترنيم، ليدخل بعض المفردات الدينية ضمن المقاطع الغنائية، وركز على مفردة الصلاة بمقطع”أصلي” ليردد الكورال مفردة الصلاة باللغة السريانية والبيزنطية واللاتينية والأرمنية والعربية، ليمرر رسالة القدس العظيمة ومكانتها الدينية. والأمر اللافت أن باغبودريان دمج بين المقاطع مقتطفات من الأنشودة الإسلامية” طلع البدر علينا” ارتبطت باللحن الإيقاعي، وفي مواضع أخرى تردد ذكر الرسول (ص) لتصل رسالته برمزية مع صوت الآذان، ليصل صوت كورال الحجرة إلى العالم مستنكراً كل القرارات ليؤكد بأن القدس ستبقى مسيحية إسلامية عربية.
ملده شويكاني