اقتصادصحيفة البعث

لأن ليراتنا في “عقاراتنا”..؟!

 

من المشكلات التي تواجه السوق العقارية على اختلاف نشاطاتها وتخصصاتها عدم توفر الكفاءات الوطنية، وأهمها قطاع تطوير الأعمال والتسويق والمبيعات وإدارة الأملاك والمرافق وإدارة المكاتب العقارية، وهذا ينسحب أيضاً على القيادات العليا والسبب قيادات مترهلة تدير هذه الشركات والقطاعات، علماً أن هذه التخصّصات عوائدها كرواتب ومميزات وعمولات تعتبر من أعلى الوظائف دخلاً مقارنة بمثيلاتها في القطاعات الأخرى.
كما أننا لا ندري حقيقة الشركات العقارية التي تمّ الترخيص لها للعمل في السوق العقارية السورية الواعدة جداً، والتي ناهز عددها الـ35 شركة وربما أكثر، حقيقتها من حيث الكفاءة والقدرة على التطوير لهذا القطاع، إضافة إلى الملاءة الفنية والمالية، ومستوى العاملين فيها وخبراتهم وحتى عددهم.
والسؤال الأكثر إحراجاً هو: هل كل هذه الشركات شركات فعلاً بكل ما يعنيه معنى ومصطلح شركة، أم إن منها ما هو بمثابة مكاتب مقاولة؟!.
هذا ونحن بعد لم نتطرق للسؤال حول وجود مؤسسات عقارية خاصة، والتي من المفترض أن تكون في السوق السورية، نظراً لضخامة عملية إعادة الإعمار، وما تتطلبه من إمكانيات بشرية كفوءة ومالية كبيرة!.
ولو استرجعنا تاريخنا العقاري، لما وجدنا -على سبيل المثال لا الحصر بناء واحداً- حتى في العاصمة دمشق يعكس خصوصيتنا السورية عمرانياً، الأمر الذي يؤشر إلى غياب شبه كامل لمفهوم الهندسة المعمارية، علماً أن أهم وأشهر معماري في التاريخ عامة والسوري خاصة هو سوري.
إن القطاع العقاري وتقسيماته: السكني والتجاري والسياحي والترفيهي، على المستوى الحكومي والقطاع الخاص، يعاني من شُحّ الكفاءات، وهذا ملاحظ بسبب عدم وجود مراكز ومعاهد تدريب متخصّصة في مجال صناعة العقار المتنوعة والمتشعبة في مجال الدراسات العقارية والتقييم والتسويق والمبيعات وإدارة الأملاك والتطوير والاستثمار العقاري وتطوير الأعمال وإدارة المشروعات وإدارة المرافق والتصاميم الفنية وإدارة المكاتب العقارية، يضاف لها الأنشطة المرتبطة بالسوق العقارية مثل المقاولات ومواد البناء.
حتى على مستوى مجالس إدارة الشركات والرؤساء التنفيذيين فالغالبية يفتقدون الخبرة والمعرفة والتأهيل في إدارة الشركات، والأمثلة كثيرة على فشل وتعطيل الكثير من المشروعات التي كان من الممكن نجاحها لولا إداراتها التي تفتقد إلى الرؤية والفكر العقاري الذي يؤهلها لإدارة استثمارات ومشروعات بمئات الملايين وبعضها بالمليارات ومعظم هذه الإدارات كلنا يعرف كيف تأتي!!.
ولعلّ المرحلة الآتية عمرانياً ستضعنا أمام تحدي تعويض العمالة المهاجرة والمتسربة بكل صنوفها ومستوياتها العقارية، ممن كان لديها شيء من الخبرة والمؤهلات.
والسؤال هنا أيضاً: هل سنجد أنفسنا في قادمات الإعمار أمام تحدي العمالة المستوردة، وأي عمالة هي التي نريدها لتكون قادرة على التطوير وإضافة ما ليس لدينا لا سابقاً ولا حالياً، وكم ستكون كلفتها؟.
الإجابة على ذلك، تستدعي الاهتمام بالكوادر الخريجة الصاعدة وإفساح المجال لخيالها وخيلائها العمراني التطويري، حتى لا نجد أنفسنا أمام فجوة كبيرة بين سوق العمل واحتياجاتها وبين حجم البطالة التي ربما ستكون مقنعة في هذا القطاع أيضاً!.
ولعل إحداث معهد عالٍ للتطوير العقاري، يهدف إلى خلق خريجين متخصصين بعد تخرجهم من كليات الهندسة الإنشائية والعمرانية والديكور، ويعمل على برامج تناسب احتياج السوق العقارية في مرحلة إعادة الإعمار، من شأنه تشكيل لبنة أساسية لقطاع عقاري رائد بخصوصيته السورية.
ولأن ليرات إعمارنا ستصبّ في عقاراتنا، فإن ما يخدم هذا التوجه والاستثمار فيه عقارياً وبشرياً، إنشاء صناديق استثمار عقاري مساهمة وتدرج في البورصة.
ق. دحدل
Qassim1965@gmail.com