دراساتصحيفة البعث

حجة قانونية دامغة حول عدم شرعية القدس عاصمة للعدو الصهيوني

فاروق سعد الدين زيادة

باحث في شؤون الأمم المتحدة من فلسطين

من المؤلم أن يتم التعتيم على قرار الجمعية العامة في دورتها الخاصة حول القدس الذي اتخذ تحت بند “الاتحاد من أجل السلم”، والذي اتخذ بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة “377” لعام 1950 حول الحرب الكورية.

لقد حاولت أجهزة الإعلام العالمية والعربية، وعلى الأخص الخليجية، الادعاء بأن القرار المتخذ قرار عادي للجمعية العامة للأمم المتحدة، وبذلك فإنه قرار استشاري فقط لا يختلف عن قرارات الجمعية العامة السابقة، وليست فيه صفة الإلزام، بينما واقع الأمر هو أن القرارات التي تتخذ في دورة خاصة للجمعية العامة تحت بند “الاتحاد من أجل السلم” بأغلبية الثلثين لها صفة الإلزام، وقوة الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة.

وللتوضيح فإنه عندما قامت كوريا الديمقراطية بالهجوم على كوريا الجنوبية عام 1950، حاولت الولايات المتحدة التدخل في الحرب لصالح الجنوبية بإصدار قرار من مجلس الأمن لإرسال قوات تحت مظلة الأمم المتحدة للوقوف إلى جانب كوريا الجنوبية، فقام الاتحاد السوفييتي السابق باستخدام حق “الفيتو” لمنع اتخاذ قرار بهذا الخصوص، فقامت الولايات المتحدة بالالتفاف على ذلك بالذهاب إلى الجمعية العامة التي كان لها فيها آنذاك الغالبية الساحقة، بحجة أنه لا يجوز عرقلة منع تهديد الأمن والسلم الدوليين من قبل إحدى الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن باستخدامها حق النقض “الفيتو”، ومنع المجلس من اتخاذ قرار بهذا الشأن، فكان أن دعت الدول الغربية إلى عقد دورة استثنائية خاصة للجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1950 تحت عنوان “الاتحاد من أجل السلم”، تم فيها اتخاذ القرار رقم 377، بتصويت 52 دولة ضد 5 دول، أي بغالبية الثلثين، جاء فيه أنه في حال قيام عضو دائم في مجلس الأمن بعرقلة اتخاذ قرار يتعلق بالأمن والسلم الدوليين فإنه يحق لدورة خاصة للجمعية العامة تجاوز ذلك باتخاذ قرارات بأغلبية الثلثين تكون لها قوة قرارات مجلس الأمن، ومن ضمنها الصلاحيات الممنوحة بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، وقد تم بموجب هذا القرار إرسال قوات للأمم المتحدة إلى كوريا، كما تم عقد الجمعية العامة في دورة استثنائية بموجب القرار 377 لعام 1950 “الاتحاد من أجل السلم” عام 1956، عندما قامت بريطانيا وفرنسا باستخدام حق النقض الفيتو في حرب السويس لمنع إرسال قوات فصل السلاح بين مصر و”إسرائيل”، وأصدرت الجمعية العامة قرارها بأغلبية الثلثين بإرسال قوة عسكرية للفصل بين القوات المصرية و”الإسرائيلية”.

وفي الختام فإن عقد اجتماع استثنائي لدورة خاصة للجمعية العامة للأمم المتحدة بموجب القرار 377 تحت بند “الاتحاد من أجل السلم”، وإصدار قرار حول القدس بأغلبية الثلثين له صلاحيات مجلس الأمن، والصلاحيات في الفصل السابع أمر بالغ الأهمية، أي أنه بمثابة صدور قرار من مجلس الأمن بموجب البند السابع.

وقد تم بموجب هذا القرار اعتبار قرار ترامب حول القدس أو أية قرارات أحادية أخرى من أية جهة كانت باطلة ولاغية، وليست لها أية صفة قانونية، كما أن هذا يفتح الباب أمام الذهاب إلى المحكمة الجنائية الدولية دون عرقلة من الفيتو الأمريكي، أو غيره، ومحاسبة “إسرائيل” ومسؤوليها.

ملاحظة

لقد حاول الإعلام الغربي والخليجي تمييع الموضوع والتعتيم عليه، وقد ذهبت فور سماع خبر صدور القرار إلى وكالة رويترز ووجدت أنها تشير إليه كقرار للجمعية العامة له صفة استشارية، ثم ذهبت إلى الـ BBC فوجدت الغموض نفسه، ثم ذهبت إلى وكالة CNN فكان فيها شرح أوسع، ولكن دون الإشارة إلى القرار 377 لعام 1950، أو إلى قرار “الاتحاد من أجل السلم”، وأخيراً ذهبت إلى موقع الأمم المتحدة الرسمي فوجدت البيان الرسمي الصادر، وكان يذكر بوضوح أن: الجمعية العامة انعقدت في دورة استثنائية خاصة في إطار قرار الجمعية 377 لعام 1950 وتحت بند “الاتحاد من أجل السلم”.

إن هذا يكشف بوضوح رضوخ الإعلام الغربي للصهيونية، وللأسف الشديد الموقف الخياني والمخزي للإعلام العربي، وعلى الأخص الإعلام الخليجي.. لقد كان صحفيو سكاي نيوز عربية من دبي، والعربية الفضائية، يحاولون التشكيك في القرار، والتقليل من قيمته وأهميته وقوته، للأسف الشديد.