اقتصادصحيفة البعث

غياب الآليات التخطيطية السليمة في الساحل السوري يحول ميزاته الطبيعية إلى معضلة..!

 

 

دمشق– محمد زكريا
تحولت الميزات الطبيعية الحيوية التي يمتلكها الشريط الساحلي السوري إلى معضلة للإقليم وسكانه، وذلك نظراً لغياب الآليات التخطيطية السليمة وتحديداً المكانية منها. وبحسب الدراسة التي قامت بها هيئة التخطيط الإقليمي فإن إقليم الشريط الساحلي يشكل مورداً محدوداً للداخل السوري، ويتيح للبلاد الإطلال على المياه الدولية، وهو أحد أبرز المنافذ الحدودية الوطنية عبر مرفأي اللاذقية وطرطوس. وتشير الدراسة إلى نشوء تركيب عالي الاستقطاب للبنية التحتية والعمران والسكان باتجاه السهل الساحلي الزراعي المحدود، ولعلّ هذا المورد هو أكثر الموارد الطبيعية المستنضبة على المستوى الوطني وستشكل خسارته هدراً غير قابل للاستعادة لمورد حيوي مهم وناضب.
مدير عام الهيئة المهندسة ماري التلي بيّنت لـ”البعث” أهم التحديات الإقليمية التي تواجه الإقليم، منها تدهور الموارد الطبيعية وانخفاض التوعية البيئية ولاسيما في السهل الساحلي الخصب وخط الشاطئ والمياه البحرية وموائل الأحياء المائية، إلى جانب ارتفاع مستويات الحرمان من فرص التنمية في العديد من نواحي الإقليم، ولاسيما في النواحي المتوزعة على مرتفعات جبال الساحل، الأمر الذي يؤدي إلى انخفاض في مستوى مؤشرات التنمية البشرية كافة، إضافة إلى سوء التوزع المكاني التنموي على مستوى الإقليم وسوء تموضع عدد من الاستثمارات الصناعية واللوجستية وتأثيرها السلبي على البيئة والأنشطة العمرانية، فضلاً عن تراجع الفرص الاستثمارية وفرص العمل في المناطق الريفية نظراً لوجود العديد من المحددات أمام استغلال أكبر لمورد الأرض المحدودة في الإقليم، وازدحام المصالح الجيوستراتيجية ذات الطابع الوطني، والاقتصادية والسكانية المتنافسة على الواجهة البحرية المحدودة والضيّقة، بالتوازي مع ضمور مدن الهضاب وبروز حالة السوحلة، ناهيكم عن الانتشار العمراني العشوائي خارج التنظيم وخرسنة الأراضي الزراعية والطبيعية والشواطئ، واستنزاف الأراضي بفعل ضغوط حركة الاصطياف من مختلف أرجاء سورية، وضعف قدرة الإقليم التصنيعية حتى في مجال تلبية الطلب المحلي، وبقاء العديد من الموارد الزراعية والمائية دون استثمارات تصنيعية تسهم في رفع القيمة التبادلية والتصديرية لمنتجات الإقليم، والاستثمار الصناعي للأملاك البحرية، إضافة لغياب الدراسات التفصيلية لمناطق الاستهلاك السياحي.
وبحسب التلي فإن كل ذلك يستدعي القيام بدراسة متكاملة للإقليم، بغية وضع رؤى تخطيطية تنموية للإقليم وفق معايير وأسس تنموية تناسب الإقليم وإمكانياته تكون بمثابة منصة توجيهية لمستقبل التنمية فيه، من خلال تقييم الوضع الراهن للإقليم وفق مبدأ تحليل مكاني متعدّد القطاعات (اجتماعي، اقتصادي، زراعي، بيئي، سياحي) يساعد في تحديد الإشكاليات والفرص والتحديات الراهنة والمستقبلية فيه، إلى جانب وضع استراتيجية تنمية مستدامة تنسجم مع محددات الإطار الوطني للتخطيط الإقليمي، وتلبي القطاعات المستقبلية للإقليم الساحلي، إضافة إلى تحديد الأولويات في تطور الحلول المناسبة للمشكلات الراهنة والمستقبلية وبما يتناسب مع الخصائص الفريدة التي يتميّز بها الإقليم عن غيره كالموارد الطبيعية والشريط الساحلي، ويعود بالفوائد الاقتصادية والتنموية على سكان الإقليم وتطوير خارطة استثمارية مثلى تسهم في توجيه وقيادة عملية التنمية في الإقليم.