اقتصادزواياصحيفة البعث

ملف يستحق العناية..؟!

 

تخصص الحكومة بموازنتها العامة أموالاً كبيرة للوزارات والجهات الحكومية لتلبية متطلباتها التي من خلالها تنفِّذ مشاريعها وبرامجها؛ والحديث هو عن الجهات الخدمية والاقتصادية بصفة خاصة، إلا أن تداخل الاختصاصات يشكِّل ضغطاً كبيراً على تلك الجهات.
وتبرز هذه التداخلات كثيراً في القطاع التعليمي والتدريبي، فإذا استثنينا وزارة التربية والتعليم بعد أن أصبحت القطاعات التعليمية التي كانت تتبع جهات رسمية أخرى في أغلبها تابعة لها..، إلا أن التعليم والتدريب ما بعد الثانوي لا يزال موزعاً بين جهات عدة، كوزارة التعليم العالي التي تتبع لها الجامعات وعدد من المعاهد، فيما يتبع عدد آخر من المعاهد الفنية والمهنية لوزارات أخرى.. وإن كان عددها محدوداً.
بهذه الوضعية تصبح برامج التعليم والتدريب غير متجانسة، وتختلف مستوياتها وحجم الإنفاق عليها، ومن الأفضل للعملية التعليمية والتدريبية أن يكون كل التعليم والتدريب ما فوق الثانوي يتبع وزارة التعليم العالي؛ فهذا سيصحح الكثير في مسارات التعليم والقبول للطلاب والطالبات بعد الحصول على الثانوية، بما يتفق مع احتياجات التنمية وسوق العمل.
إلا أن الملموس وبعد كل هذا المجهود الكبير من التعليم والتدريب، يتضح أن الحاجة لمستويات مهنية معينة في سوق العمل، تضطر الجهات العامة (تحت عنوان إعادة تأهيل وتدريب الموارد البشرية) لتبني التدريب من جديد؛ وعليه فمن الضروري هنا أن نصل لصيغة محددة بمفهوم المؤهل لسوق العمل…
إن اعتراضات القطاع الخاص قد لا تكون كلها صحيحة أو دقيقة، وأخذها بعين الاعتبار يُعد عرقلة إضافية أمام التوطين المنشود، وفي الوقت نفسه فإن التنسيق -مثلاً- بين وزارتي التعليم العالي والعمل على تبني برامج التدريب بإطارها المناسب لسوق العمل، سيلغي الكثير من الجهد والوقت والمال الذي ينفق على التدريب بعد التخرج؛ إذ سيكون الطالب قد حصل على تدريبه المناسب، وتتفرغ الجهات المتعددة التي تندرج تحت مهام ما يسمى بـ”التنمية البشرية” لمعالجة أمور أخرى، وفي إطار أكثر دقة ومنفعة، حتى يستفيد طالب العمل أكثر، وكذلك الجهة التي توظفه.
بالمختصر تعد التداخلات في الاختصاصات بين العديد من الجهات الحكومية حالة قديمة، وتحتاج إلى جهود كبيرة لفلترتها، بغية الحد من تأثيراتها ومفرزاتها، ونأمل أن يفتح ملفها من جديد لدراسة واقعها، ووضع الحلول العملية لتقليل الآثار السلبية التي تتسبب بها من هدر للمال والوقت؛ فالتنمية أهم ركائز نجاحها هو إنجازها في وقتها المطلوب، وبالتكاليف المناسبة.
قسيم دحدل
Qassim1965@gmail.com