أخبارزواياصحيفة البعث

ما الذي اختلف؟!

يتساءل المراقب عن موقف ما يسمى “الجامعة العربية” من الأحداث في سورية: ما الذي اختلف بين العام 2011، حين وقف أحمد داود أوغلو وزير خارجية النظام التركي آنذاك على منصة المتحدّث الرئيسي داخل قاعة “الجامعة” وخطب في “الحكام العرب” حول ضرورة التدخل العسكري التركي في سورية لحماية المدنيين السوريين ونشر “الديمقراطية”، وبين موقف “الجامعة” هذا الأسبوع حين ندّدت بالهجوم العسكري التركي على شمال سورية واعتبرته احتلالاً!..

حقيقة ما الذي اختلف، مع أن كل ما كان يمارسه النظام التركي منذ أول يوم للأحداث كان عدواناً متواصلاً لم يتوقّف لحظة واحدة ولم يتبدّل هدفه الأساسي، وإن لبس كل الأقنعة واللبوسات واستغل كل المواقف والاحتمالات؟.

حتماً، لم ينس هؤلاء، أنهم أنفسهم من شرّع للعدوان على سورية بشكل عام، وللعدوان التركي بشكل خاص، وأنهم أنفسهم من دعم النظام التركي ودعم المجموعات الإرهابية بالمال والسلاح والعتاد والغطاء السياسي والدعم الاستخباري وفذلكات التدخل الإنساني وحماية المدنيين وفبركات الكيماوي وفتاوى التكفير والقتل، وخطط التقسيم والتجزئة، وقد تواصل هذا الدعم لبعض “الحكام العرب” من أول يوم للأحداث وما يزال مستمراً إلى اليوم.

ألم يخطر ببال هؤلاء، وهم يتباكون بكاء “الكسعي” داخل قاعتهم، التي كانت وكر التآمر على سورية، أن يفكروا بإقناع شعوبهم أولاً بموقفهم هذا، كأن يقرّروا قراراً أكبر من مجرد التنديد، وأن يتجهوا نحو طرد بعض الدبلوماسيين الأتراك من عواصمهم أو وقف العلاقات الدبلوماسية على مستوى ما، أو أن يزيدوا العيار قليلاً، فيقرروا فرض مقاطعة اقتصادية مقنعة وليست على الورق فقط؟!.

بالتأكيد، خطر ببالهم، لكن دورهم التآمري على سورية يقتضي في هذه المرحلة إطلاق هذا الموقف والاكتفاء به، والاستعداد لموقف قادم في سلسلة من المواقف العدائية التي لم تتوقّف، والتي يقرّرها الأمريكي والإسرائيلي، وينفذها بعض “الحكّام العرب” تحت مسميات مختلفة.

إن ما يحدث في مناطق الجزيرة عدوان تركي موصوف واحتلال همجي واعتداء على السوريين بكل مكوّناتهم وعلى السيادة السورية، وهي فرصة للبعض ممن رهن نفسه للغير وممن لا يقرأ المواقف على حقيقتها أن يقرأ موقف “الجامعة” ومواقف مختلف الأطراف الفاعلين في الأحداث في سورية، وخاصة مواقف من قالوا: “إنهم يتفهمون العملية العسكرية التركية وهواجس النظام التركي” كي يعيدوا حساباتهم ويتخذوا موقفاً أخلاقياً قبل أن يكون وطنياً، ينسجم مع الموقف الجامع للسوريين من الأزمة وتداعياتها، وليكونوا على قناعة أنه لا حامي كالدولة، وقد تمر الدولة بفترة قلقة، وقد يشتد العدوان عليها، لكنها في النهاية تنتصر.

عمر المقداد