أخبارصحيفة البعث

“واقع تصديع الهويات الوطنية” في اليوم الثاني من الندوة الدولية

دمشق- سنان حسن:

حمل اليوم الثاني من الندوة الفكرية الدولية، التي تنظمها مديرية الثقافة في دمشق، في المركز الثقافي بأبو رمانة، عنواناً بارزاً “تصديع الهويات الوطنية وتداعي المفاهيم الدولية والتحوّلات الاجتماعية والديموغرافية”، حيث شدّد المحاضرون على أهمية الحفاظ على الهوية كمقدمة للحفاظ على الدولة ومقدراتها والقضايا المركزية، مؤكدين أن الهوية القومية والهوية الوطنية تتعرّضان لهجمة شرسة من القوى الامبريالية والدول الطامعة بدولنا.

وفي الجلسة الأولى، التي أدارتها الدكتورة أشواق عباس، تحدّث نائب الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أبو أحمد فؤاد عن “تراجع مفهوم الدولة الوطنية ومظاهر تصدع الهوية الوطنية”، حيث تناول بشكل مفصّل واقع الهوية الفلسطينية، كونها مستهدفة بشكل كبير كمدخل لتصفية القضية الفلسطينية، مبيناً تأثير المتغيرات  والتحولات الدولية والإقليمية على الهوية الفلسطينية، ولاسيما بعد توقيع اتفاق أوسلو، والذي كان له الأثر البالغ على الهوية لما نتج عنه من مشاكل وصلت إلى حالة الانقسام التي تشهدها الساحة الفلسطينية اليوم، مضيفاً: إن التغيرات التي شهدها العالم والتدخلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي طرأت على كل المنظومة العالمية والتي أدت إلى تبلور ما يطلق عليه اسم الاحتكارات الخمسة، كوسيلة جديدة لضمان السيطرة على الصعيد العالمي لصالح الثالوث المركزي “الأوروبي- الأمريكي – الياباني”، والتي كان من أهدافها تفكيك النظم السياسية، وإعادة تركيبها بما يخدم مصالحها، كما يجري في لبنان وليبيا والعراق، مشدداً على أن استعادة وحدتنا الوطنية، وإعادة بلورة هويتنا يحتاجان إلى تضافر عوامل، أبرزها أن تكون الهوية معبّرة عن الواقع الراهن للشعب الفلسطيني بوصفه كلاً لا يتجزأ، وثانياً أنه لا فكاك بين إعادة تأكيد مقومات الهوية الوطنية وبين ضرورة تجديد المشروع الوطني الفلسطيني باندماجه مع الرؤية القومية العربية، وثالثاً إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية ككيان معنوي، وليس بهدف استخدامها ورقة صراع سياسي، بل بوتقة لاحتضان الهوية الوطنية.

وفي المحور الثاني، تحدّث الأب الياس زحلاوي عن “سورية أرض الإبداع التاريخي السباق”، وطالب بدراسة التاريخ، وأن يقرأ الجميع تاريخ دخول المسلمين إلى دمشق، وتعاملهم مع أبناء جلدتهم المسيحيين لبناء الدولة الأموية وبناء الحضارة العربية، مؤكداً أن وجودنا رهن بفهم تاريخنا ورهن بكتابة تاريخ خاص بنا وبحاضرنا ومستقبلنا كشعوب.

وفي الجلسة الثانية، التي أدارها الدكتور عبد الحسين شعبان، تحدّث الأستاذ حنين نمر عن “تحديات الدولة الوطنية ووضع المواطن العربي وربطها بالتحولات الأممية”، وأضاف: لقد فتحت الحرب على سورية العديد من الملفات، منها العلاقة الجدلية بين المسألة الاجتماعية والمسألة الوطنية وحتى المسألة الديمقراطية والحريات العامة، مبيناً أنه لا تعارض بين المسألتين الأولى والثانية، حيث إن المهمات الاجتماعية للقوى التقدمية يجب أن تصان، وعلى الدولة أن تحافظ على مكتسباتها ونهجها التقدمي العام الذي سلكته الدولة خلال العقدين السابقين، فالقطاع العام بما يحويه من مؤسسات كان له دور كبير جداً في صمود الدولة بوجه الحملة الصهيونية الامبريالية العالمية.

وفي الشق الثاني من الجلسة الثانية تحدّث من الأردن الأستاذ عليان عليان عن آثار العولمة وأثرها في تصديع الهوية الوطنية، فقال: إن أهمية البحث في هذا العنوان تأتي في ظل اندحار المشروع الصهيوني الأمريكي الرجعي في سورية، فسورية بانتصارها على العدوان لعبت دوراً أساسياً، ليس فقط بالحفاظ على الهوية الوطنية السورية، وإنما على الهوية القومية العربية، فالغرب يحاول تذويب الهوية القومية العربية ودمجها في الهوية الأمريكية الامبريالية، ولكن سورية استطاعت من خلال نضالها وتضحياتها أن توقف هذه الحملة، وأن تعيد الاعتبار للهوية القومية العربية.