دراساتصحيفة البعث

مؤامرة أمريكية على الصين ..

ترجمة: علاء العطار

عن “تشاينا ديلي” 1/6/2020

تلقي الإدارة الأمريكية بوشاح اللوم على الصين في مسألة تفشي فيروس كورونا، وما ذلك إلا لتغطية فشلها في السيطرة على انتشار الفيروس في البلاد والحد من عدد الضحايا، الذي أمسى الآن الأعلى في العالم، ولعل إحباط الولايات والمنظمات الخاصة الأمريكية الناجم عن فشلهم الذريع، ما دفعهم إلى رفع دعاوى قضائية على الصين. لكن هذه الدعاوى معيبة من الناحيتين القانونية والواقعية. وفيما يلي آراء ثلاثة خبراء صينيين في هذه المسألة:

  • يقول هوان جين، وهو أستاذ بجامعة الصين للعلوم السياسية والقانونية ورئيس الجمعية الصينية للقانون الدولي: منذ آذار من هذا العام، ادعى بعض المشرعين والمسؤولين ووسائل الإعلام ومراكز الأبحاث والمنظمات غير الحكومية أن الصين “مسؤولة” عن تفشي الفيروس، ورفعت بعض الولايات والمنظمات الأمريكية دعاوى ضد الحكومة الصينية للحصول على تعويضات كبيرة على الخسائر البشرية والاقتصادية.

ورفع هذه الدعاوى إساءة للقوانين المحلية، بل إنه أحد الوجوه القبيحة لسياسات الولايات المتحدة المتمثلة في السعي وراء القوة والهيمنة. ويسهل الدفاع في هذه الدعاوى في القانون الدولي، لا بل في النظام العالمي الذي تأسس بعد نهاية الحرب العالمية الثانية وتشرف عليه الأمم المتحدة، وهو انتهاك لسيادة الصين.

وعلى الرغم من أن الصين كانت أول من أبلغ عن تفشي كوفيد 19 في ووهان، لم تفلح منظمة الصحة العالمية والمجتمع العلمي الدولي في تتبع منشأ هذا الفيروس، ويجب أن تترك مسألة تتبع منشأه للعلماء المختصين، وليس تسييسها.

والأهم من ذلك، أنه لايوجد قانون دولي ينص على أن الدولة التي ينتشر فيها الفيروس أولاً تتحمل مسؤولية تفشيه، وعليه لا يوجد شيء يسمى بمسؤولية دولة أبلغت لأول مرة عن تفشي أي مرض، وهكذا لا تتحمل الصين مسؤولية رسمية عن الجائحة بموجب القانون الدولي، خاصة وأن العلماء لم يفلحوا بتتبع مصدر الفيروس.

أُبلغ عن الإيدز لأول مرة في الولايات المتحدة في ثمانينيات القرن الماضي، وسرعان ما انتشر في جميع أصقاع المعمورة، ولم يطلب المجتمع الدولي قط تحميل الولايات المتحدة مسؤولية تفشي الفيروس ولم تدفع أي تعويضات لكل الدول التي أصابها الإيدز.

  • ويقول ليو هواوين، مدير معهد القانون الدولي في الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية: إن جزءاً لا بأس به من تاريخ البشرية يدور حول مكافحة الإنسانية لأحد الأوبئة. ويؤثر في انتشار هذه الأوبئة تطور البلدان كصعود القوى العظمى واندثارها، ونشوب الحروب واستمرارها وانتهاؤها، والتطورات والتغيرات التي تطرأ على الأديان والثقافات، وبإمكان الناس استخلاص دروس من تاريخ الأوبئة، حتى إن بإمكانهم التنبؤ بما سيحدث.

وتعكس جائحة كورونا نقاط القوة والضعف المعرفية لدى مختلف البلدان، وتبيّن لنا الاتجاه الذي ينبغي علينا أن نبذل جهودنا فيه لمكافحة الجوائح.

يجب أن تستند مكافحة الفيروس على الأساليب العلمية، بالنظر إلى أن الفيروس لا يميز بين أي أيديولوجية أو نظام اجتماعي أو دين أو عرق. ويعدّ الحجر الصحي، بما في ذلك الحجر الصحي المنزلي، و “التباعد الاجتماعي” أمراً ضرورياً لمنع انتشار الفيروس والسيطرة عليه، وهو الأمر الذي اتبعته الصين بشكل صارم ولم تتعلم منه العديد من البلدان الأخرى.

وفي أقل من شهر، حددت الصين هذا الفيروس بأنه فيروس جديد، وأبلغت منظمة الصحة العالمية وبلداناً أخرى، واستنتاج أن الفيروس نشأ في مكان معين دون دليل ليس أمراً علمياً. وكانت الصين أول من دق ناقوس الخطر لتلفت الانتباه إلى الخطر القادم من جائحة وشيكة وقادت الطريق في استكشاف مخاطر الجائحة وساهمت في البحوث العالمية حول الفيروس.

وعلى الرغم من أن البحث العلمي عن أصل الفيروس لم يحرز أي تقدم، رفع بعض السياسيين والنشطاء القانونيين الأمريكيين على عجل دعاوى قضائية تطالب بدفع الصين تعويضات عن الوباء، وهو انتهاك صارخ للحصانة السيادية للدول الأخرى التي تعترف بها الولايات المتحدة نفسها، وكل هذا في سبيل تحويل انتباه الرأي العام الأمريكي عن فشل الإدارة الأمريكية في احتواء الفيروس.

  • أما تشو غوجيان، وهو نائب رئيس الجمعية الصينية للقانون الدولي الخاص، فيقول: إن الدعاوى المرفوعة في المحاكم الأمريكية التي تطالب بتعويضات من الحكومة الصينية أو وكالات حكومية أو أفراد يعملون لدى الحكومة ليست إلا إساءة استخدام مريعة للقانون المحلي على أساس اتهامات لا مبرر لها.

وتبعاً لمبدأ الحصانة السيادية، لا تخضع الصين وحكومتها للولاية القضائية لمحكمة في دولة أخرى، وبالتالي لا يمكن استدعاء الصين للدفاع عن نفسها في أي إجراءات قانونية. ومبدأ حصانة الدول ذات السيادة فقط مبدأ أساسي من مبادئ القانون الدولي فحسب، بل قاعدة قانونية مقبولة على نطاق واسع في نظر الهيئات القضائية في جميع البلدان. والولايات المتحدة هي دولة لديها تشريعات محلية شاملة بشأن الحصانة السيادية للدول، ويمنح قانون الحصانة السيادية الأجنبية الذي سُنّ في عام 1976 حصانة الدولة للولايات ذات السيادة والحكومات التي تقع ضمن السلطان القضائي للمحاكم الأمريكية.

إن تفشي فيروس كورونا هو أسوأ جائحة مرت في هذا القرن، ويحتاج المجتمع الدولي بأسره إلى التعاون لاحتوائه بفعالية، لذا يجب على السياسيين عديمي الضمير في الولايات المتحدة وبلدان أخرى أن يمتنعوا عن رفع مثل هذه الدعاوى القضائية ضد الصين في المحاكم المحلية، ودون أي دليل. هؤلاء السياسيون يعتقدون أن هذه الدعاوى القضائية ستعفيهم من مسؤولياتهم، وأن هذه التحركات ستساعدهم على تحقيق أهدافهم السياسية، وتحويل انتباه الرأي العام عن فشلهم في احتواء الفيروس في بلدهم.