دراساتصحيفة البعث

مجموعة السبع أصبحت رفاتاً من الماضي

ترجمة: علاء العطار

عن موقع “يوراسيا ريفيو” 4/6/2020

 

لا يهمنا قرار ترامب تأجيل اجتماع مجموعة السبع إلى أيلول المقبل، وتأكيد المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أنها لن تذهب إلى القمة إن لم تُعقد في نهاية حزيران، ولكن ما يهمنا هو التأكد من أن لقاء مجموعة السبع التالي لن يكون الأخير، وهذا الأمر متروك لأوروبا لتسدل الستائر على ما يمكن وصفه بأنه أكثر الأحداث السنوية المخيبة للآمال، وأكثرها إرباكاً، وأكثر الأحداث السنوية التي حظيت بتغطية مبالغ بها.

لا يقع كل اللوم على سياسات “أمريكا أولاً” في زوال مجموعة السبع، مع أن معاداة ترامب للتعددية سرّعت في انحدارها، ناهيك عن ذكر حرب الإهانات والتعرفات الجمركية التي وجهها ترامب لأصدقاء مجموعة السبع.

كانت مجموعة السبع مهمة ذات يوم، إذ تأسست في سبعينيات القرن الماضي عندما هيمنت الولايات المتحدة وايطاليا واليابان وكندا وفرنسا وألمانيا وبريطانيا على الاقتصاد العالمي، فصاغت الأجندة الاقتصادية وسيّرتها على هواها، وفي عام 1998، عندما انضمت روسيا، كانت آسيا تمر بانهيار مالي واقتصادي.

تغيّر الزمان اليوم، فمع صعود الصين والهند والبرازيل وغيرها، لم تعد لمجموعة السبع أهمية تذكر، وظلّت في وضع الإنعاش لسنوات، وربما لايزال الصحافيون الشرهون متلهفين لافتراس بيانات القمة عديمة النكهة، فيحولونها بصورة سحرية إلى تقارير إخبارية يكسر بها المحررون مللهم، ولكن لا أحد يهتم حقاً، حتى أسواق الأسهم.

كُلّف آلاف الصحافيين بتغطية قمم مجموعة السبع، وتجولوا من اوكيناوا إلى جينوا ووكاناناسكيس وسان بطرسبرغ وايفيان وغلين ايغلز، وتراهم يبحثون بيأس عن أية معلومة يمكنهم تقديمها لغرف الأخبار مهما كانت صغيرة، ومن أي متحدث رسمي صغير، ليصدمهم الواقع بأن كل هذه التجمعات زائفة، مثلها كمثل أية “سيدة أولى” في الغرب تمشي بكعب عال للاستعراض فقط.

في بعض الاجتماعات، دعا الأعضاء الكبار والأقوياء المشاركون في قمم مجموعة السبع نظراءهم من الدول القوية الصاعدة إلى احتساء القهوة بعد الغداء، وكان هذا أهم ما استطاع الصحافيون جمعه.

الحقيقة واضحة وبسيطة: “مجموعة السبع هي رفات من الماضي، وباتت هائمة وعاجزة، ولا تعلم ما هي متطلبات هذا العالم شديد الاضطراب وسريع التغير”، لذا يجب على أوروبا أن تستجمع شجاعتها لتفصل أجهزة الإنعاش عن هذه المجموعة، ففي الوقت الذي تكافح فيه البلدان للعثور على الأدوات المناسبة لتحقيق انتعاش اقتصادي سريع، ولخلق فرص عمل، ومساعدة أكثر الفئات ضعفاً، يحتاج العالم إلى إدارة اقتصادية حكيمة وشاملة، وفيما يلي بعض الخيارات التي ينبغي على الاتحاد الأوروبي استكشافها في حال امتلك الشجاعة والجرأة:

أولاً: أن يمنح مجموعة العشرين بعض الحيوية، حيث تتطلب الطبيعة العالمية للأزمة الحالية، والبحث عن طرق جديدة ومبتكرة لتسريع الانتعاش، التضامن في إرشاد وقيادة القوى الاقتصادية القديمة والجديدة.. إن مجموعة العشرين في وضعها الحالي غير ملائمة لهذا الغرض، إذ لدى دول المجموعة مصالح مختلفة، وسياسات متباينة، ومستويات تنمية مختلفة، لكن ما يربطهم هو السعي المشترك نحو انتعاش اقتصادي سريع، وليس بإمكان مجموعة العشرين إصلاح سياسات الدول ذات السياسة بحكم أنها تفتقر إلى أدوات الإنقاذ اللازمة، لكن ضغط الأنداد الجماعي يمكنه إحداث مزيد من التوافق.

ثانياً: سيشجع كوفيد 19 النزعة الإقليمية، الأمر الذي سيعزز دور الكتل الإقليمية وثقلها، ولطالما تاجرت الدول الآسيوية، شأنها شأن الدول الأوروبية، بين بعضها أكثر مما تتاجر مع غيرها، يقول باراغ كانا، مؤلف كتاب “المستقبل هو آسيا”: “عجّل الفيروس هذا التحول”، ستصبح الكتل الإقليمية أكثر أهمية لأن التعافي وإلغاء الحظر سيحدثان بالتدريج على الأرجح، مع تنفيذ الحكومات لسياسات التحفيز في سبيل تعزيز الاستهلاك المحلي، وسلاسل التوريد شبه القريبة.

ثالثاً: حان وقت استثمار مزيد من الطاقة والجهد في استخدام الاجتماع الآسيوي الأوروبي كأداة جيوسياسية استباقية، تأسس الاجتماع الآسيوي- الأوروبي عام 1996، ويضم 53 لاعباً آسيوياً وأوروبياً يجتمعون بانتظام ببنى مختلفة- مؤتمرات القمة والوزراء والخبراء- لمناقشة قضايا متنوعة كالسياسة الخارجية والأمن والتجارة والدين، للأسف، كان أداء الاجتماع الآسيوي- الأوروبي ضعيفاً على مر السنين على الرغم من أن المحادثات الأخيرة حول الاتصال حسّنت ارتباطه.

ختاماً، لن يكون الخروج من مجموعة السبع سهلاً، لكن هناك خيارات مناسبة وأكثر مصداقية، وتتطلب الأوقات الاستثنائية إجراءات استثنائية.