ثقافةسلايد الجريدةصحيفة البعث

أول مونتير في سورية.. وداعاً مروان عكاوي

فقدَ الوسطُ السينمائي في سورية مؤخراً المونتير والمخرج مروان عكاوي، أشهر مونتير في سورية طوال عقدَي الستينيات والسبعينيات، وهو صاحب أكبر عدد من الأفلام في تاريخ السينما السورية على صعيد المونتاج، حيث قام بمونتاج أكثر من ستين فيلماً طويلاً وأكثر من 25 فيلماً وثائقياً، إضافة إلى بعض الإعلانات.. وكمخرج في رصيده خمسة أفلام طويلة، وثلاثة أفلام وثائقية، كما ساهم في إنتاج أربعة أفلام من إنتاج مشترك في أوروبا، واحد منها كان إنتاجاً سورياً بريطانياً ناطقاً بالإنكليزية.

سورية بين القديم والحديث

ولِدَ مروان عكاوي في دمشق عام 1942 وكان والده يعمل كعارض في أحد دور السينما وتعلّم من والده مهنة العرض وأصبح عارضاً سينمائياً في سن الرابعة عشرة، وبعد نيله الشهادة الثانوية سافر إلى بريطانيا لدراسة السينما، ولدى عودته كان من أوائل من عملوا في المؤسسة العامة للسينما لدى تأسيسها عام 1963 وقد تنقل فيها من مساعد مخرج إلى مساعد تصوير ومساعد ديكور.

ثم تحوّل إلى المونتاج بفضل المخرج جوزيف فهدة، الذي كان له أكبر أثر في توجهه نحو المونتاج، في وقت كانت الأفلام السورية تعتمد على مونتيريين من مصر والعراق ولبنان، فكان أول فيلم من مونتاجه في العام 1964 تحت عنوان “سورية بين القديم والحديث”، وهو فيلم صوّر لمصلحة دائرة السينما للمخرج اليوغسلافي بوشكو فوتشينيتش، وعندما عاد الفيلم من الطبع والتحميض في سويسرا كان بوشكو قد عاد إلى بلده، فتجرأ عكاوي على إتمامه بإشراف جوزيف فهدة وفاز بجائزة مهرجان برلين الفضية عام 1964. ويُعدّ الفيلم من التجارب الأولى في العالم لعمل فيلم وثائقي من غير تعليق، وكان عكاوي يعدّه من أهم تجاربه في المونتاج، ومن خلال هذا الفيلم بدأت شهرتُه، في الوقت الذي نشطت فيه صناعة السينما في سورية من خلال القطاعين العام والخاص، مع الإشارة إلى أن عكاوي ترأس قسم المونتاج في مؤسسة السينما بدمشق في الفترة بين 1964-1975، وأنه منتج معظم أفلام الفنان دريد لحام، والتي أُنتجت من قبل القطاع الخاص نذكر منها: صح النوم ، سمك بلا حسك ، غوار جيمس بوند وغيرها؟

الإخراج

أخرج عكاوي خمسة أفلام، وكان أول عمل يخرجه في سورية عام 1973 بعد حرب تشرين مباشرة بعنوان “سرب الأبطال” ويتحدث فيه عن مشاركة الطيران السوري في حرب 1973، إلى جانب أفلام: زواج على الطريقة المحلية، عشاق، إمبراطورية غوار، وعندما تغيب الزوجات.

إلى اليونان

في العام 1976 قام عكاوي بإنجاز العمليات التقنية لفيلم “لبنان.. لماذا؟” في اليونان، وهو يتناول الحرب في لبنان وكان من إخراج جورج شمشون، وبعد ذلك تردّد عكاوي إلى اليونان أكثر من مرة إلى أن قرّر الاستقرار فيها بشكل كامل عام 1982 حيث عمل فيها في مجموعة من الإنتاجات العربية التي كانت تُنتَج في اليونان، لأن اليونان كانت مركزَ الإنتاج العربي بسبب النقص في التقنيات الموجودة في الوطن العربي، إلى أن انضمّ إلى قائمة الفنيين السينمائيين، حيث قرّر أن يتحول للإنتاج وأنجز على هذا الصعيد مجموعة أفلام كفيلم “حديث الشيطان” إنتاج مشترك بريطاني يوناني، وهو من نوع الدراما الوثائقية، وقد فاز بجائزة كالاماتا اليونانية عن الخدع البصرية، وهو يعالج بعض الأساطير التي دخلت إلى الأديان وأصبحت جزءاً منها وهو باللغة الإنكليزية، وقد شكّل منعطفاً في حياة عكاوي لأنه كان أول فيلم يشارك في إنتاجه عالمياً.

همومي الجميلة

عمل مروان عكاوي أيضاً في الدوبلاج، حيث يوجد في رصيده نحو 250 حلقة تلفزيونية دوبلاج إلى اللغتين العربية والإنكليزية، فضلاً عن دبلجة أفلام روائية طويلة ووثائقية، كما أصدر بحثاً بعنوان “الصور المتحركة” وبحثاً بعنوان “رسائل من غرفة المونتاج إلى المتفرج”، وبحثاً على شكل أطروحة وترجمة لكتاب “أبي يرقص” للكاتب نيكولاس باباندريو إلى العربية ونُشِرَ بعنوان “سياسة ورقص”، ووضع كتاباً بعنوان “همومي الجميلة- نظرة أخرى على المونتاج السينمائي” من منشورات وزارة الثقافة- سلسلة الفن السابع عام 2011 وهو كتاب ذو صفة تعليمية تفيد كثيراً كل من يعشق مهنة المونتاج.

مناصب وجوائز

شغل عكاوي منصب رئيس لجنة التحكيم في مهرجان أفلام الدول الإسلامية في طهران بمناسبة مؤتمر القمة الإسلامية عام 2000، وهو عضو لجنة التحكيم في مهرجان مونت كارلو الدولي عام 2003، وعضو جمعية السينما والتلفزيون البريطانية، ونال العديد من الجوائز، أهمها: الجائزة الفضية في مهرجان برلين عن فيلم “سورية بين القديم والحديث” عام 1964 والميدالية الذهبية عن مجمل أعماله في السينما السورية من مهرجان دمشق السينمائي عام 2003 كما فاز 11 فيلماً قام بمونتاجها بجوائز متنوعة في العديد من المهرجانات العالمية.

لم يتوقف عكاوي يوماً عن تمثيل بلده، فكان دائماً يعلن دفاعه عن قضاياه في مشاركاته الدولية، وساهم في إدارة رابطة المغتربين السوريين في اليونان، كما ساهم في إنشاء جمعية البيت السوري في اليونان لمساعدة اللاجئين السوريين أثناء الحرب على سورية.

أمينة عباس