ثقافةصحيفة البعث

“المقعد الخشبي” من عروض مسرح الشباب للعام 2020

بدأت على خشبة مسرح القباني عروض مسرحية “المقعد الخشبي” تأليف وإخراج موريس فياض، وهو واحد من عروض مشروع دعم مسرح الشباب للعام 2020، وقد بيَّن المخرج فياض في حوار مع “البعث” أهمية هذا المشروع، ورأى أنه خطوة مهمة تقوم بها مديرية المسارح والموسيقا منذ العام 2017 لدعم الشباب بهدف إتاحة الفرصة لهم لتقديم عروض مسرحية لغير المحترفين، لذلك هو يؤمن أنها فرصة ذهبية لكل شاب وشابة لديهم طموح في إيصال رسالة ما من خلال المسرح وليقدّم الموهوب نفسه كما يحب وكما يطمح لما يريد أن يكون عليه مستقبلاً، مبيناً فياض أن المنح تقدم بشروط حددتها مديرية المسارح، وبالتالي فإن الميزانية المحددة قد تكون غير كافية لأن يقدم المخرج كل ما يريده وبرؤيته، لذلك يضطر أحياناً ليتنازل عن أمور كثيرة تتعلق بالديكور والأزياء وكل جماليات العرض ليقدم صاحب المنحة نفسه، موضحاً أن ميزانية المنحة كانت كافية بالنسبة له لأن ديكور العرض بسيط، وبالتالي لم يكن بحاجة لأن يتنازل عن شيء، في حين يضطر بعض المسرحيين الشباب الذين اختاروا نصوصاً صعبة لتقديمها لفعل ذلك.. من هنا يأتي تحدي المخرج الشاب في منح الشباب باختيار نص يمكن تجسيده بأقل التكاليف مع استخدامه لكل أغراضه المسرحية بما يتناسب مع الإمكانيات الموضوعة، حيث من الخطأ أن يقوم باختيار نص يحتاج إلى إمكانيات ضخمة، وهو يعرف مسبقاً ميزانية عرضه.

الحب وأهميته

وكما هي أول تجربة له في مجال الإخراج المسرحي كذلك كانت مسرحية “المقعد الخشبي” أول تجربة له على صعيد كتابة النص المسرحي، حيث كانت قناعته أن يخرج ما كتبه بدلاً من اختيار نصوص أخرى لغيره، وقد ساعده ذلك كثيراً أثناء تنفيذ العرض، مبيناً فياض أن لديه حباً وشغفاً للمسرح ولكل ما يُقدم من حالة مسرحية خاصة، وخاصة تلك الحالات التي تسلّط الضوء فيها على ظواهر قد تكون متفشية في المجتمع دون أن يوليها أحد أي اهتمام، وهو اختار لعرضه موضوع الحب بين الشباب، حيثُ نجد أن لكل شاب فهماً معيناً للحب، وهو موضوع من موضوعات مجتمعية كثيرة لابد أن يسلط الضوء عليها دون أن ينكر وجود موضوعات أخرى قد تكون أهم منه، مع إشارته إلى أن كتابته للنص سهَّلت عملية إخراجه كثيراً لأنه كان قد كتب نصاً شبه مخرج تقريباً، إلا أن ذلك لم يجعله رهيناً لما كتب بشكل حرفي، حيث كان الحوار والنقاش مع الممثلين حاضراً على الدوام  ليتحول الصراع المعروف عادة بين الكاتب والمخرج إلى صراع مع ذاته ككاتب ومخرج بذات الوقت، خاصة وأنه تعامل مع ممثلين أكاديميين كانا متعاونين معه إلى أبعد الحدود، وقد أحبا النص وكانا على دراية بما يجب فعله للوصول بالعرض إلى الهدف المنشود بالتعاون معه كمخرج.

وبعيداً عن دهاليز الاستعراض كمخرج، ولأن النص يتحدث عن نفسه  كنص اجتماعي واقعي قدم فياض عرضاً بمضمونه وهو الهدف الأعلى له فكان الأسلوب الواقعي الذي ينحو باتجاه الطابع الكلاسيكي، معتمداً على اللغة العربية الفصحى في الحوار.. ووجوده كممثل في العرض كان برغبة منه، ولا يخفي أن ذلك لم يكن أمراً سهلاً عليه كمخرج بذات الوقت إلا أنه يؤكد أن وجود ممثلين أكاديميين ومحترفين يسَّر هذا الأمر في تجسيد فكرته، والعمل معه لتقديم حالات الشخصيات كما يجب، شاكراً تعاونهما الخلاق معه.

تشجيع الوجوه الشابة

وأشار الفنان تاج ضيف الله إلى أنه كان معجباً بالنص الذي كتبه فياض، وهذا ما شجعه على المشاركة في العمل، إلى جانب رغبته في تشجيع الوجوه الشابة الطامحة لتقديم عمل مسرحي، وهو يجسد في العرض شخصية فنان تشكيلي في الخمسينيات من عمره تربطه علاقة مع شابة  تتعامل معه كأب تلوذ به بسبب ظروف عائلية تعيشها، إلا أنه كرجل شرقي يحاول أن يتجاوز هذه العلاقة، وهي شخصية مكتوبة بشكل جميل، وقد أضاف عليها ضيف الله من روحه الشيء الكثير، بعيداً عن الشكل التقليدي للفنان التشكيلي الذي كرسته بعض الأعمال، مثنياً على تجربة مشروع دعم مسرح الشباب لرفد الحركة المسرحية بمسرحيين جدد من خلال إتاحة الفرص لهم، مع تأكيده على أن الميزانية المحددة للمنح لن تقف حجر عثرة في إظهار مواهبهم إن وجدت بشكل حقيقي، مع التشديد على منح المنح لمن يستحقها وفق شروط معينة.

العرض الأول 

أما الفنانة رولا طهماز والتي تجسد شخصية نور في العرض فقد أكدت أن ما جذبها للشخصية هو تقاربها مع شخصيتها الحقيقية التي ما زالت تعيش طفولتها بعفويتها، وهو ما نفتقده كأشخاص ننسى هذه الطفولة حينما نكبر، منوّهة بأن تجسيد شخصية تشبه شخصيتها أمر ليس سهلاً، وهي تذكر جيداً أنها وأثناء الدراسة في المعهد قال أستاذها الفنان عبد المنعم عمايري: “أصعب شيء على الممثل أن يجسد شخصيته على المسرح” حتى لا يشاهد الجمهور شخصية الممثل الحقيقية بل الشخصية التي يجسدها، وهذا أمر صعب، مشيرة إلى أن علاقتها كممثلة مع المخرج كانت قائمة على النقاش والحوار للوصول إلى النتيجة النهائية عبر التجريب المتكرر والتفاهم والتفاعل مع المخرج كممثل ومع الفنان تاج ضيف الله صاحب الخبرة الطويلة، منوّهة بأن هذا العرض هو الأول لها بعد التخرج عام 2017، وهي سعيدة بوقوفها على خشبة المسرح والذي تأخر نوعاً ما لأسباب كثيرة، منها الشللية وعدم إتاحة الفرص من قبل المخرجين للوجوه الجديدة، منوّهة بأنها ستشارك قريباً في عرض آخر من إخراج محمد المحاميد عن نص كوميدي مختلف تماماً عما تقدمه في “المقعد الخشبي”.

أمينة عباس