ثقافةصحيفة البعث

علاء عساف: الكتابة حاجة.. والتمثيل أولاً

بعد مشاركته في مسلسل “شوارع الشام العتيقة” كممثل وكاتب والذي عُرض ضمن موسم رمضان 2019 أصبح التحدي والإحساس بالمسؤولية كبيراً بالنسبة للممثل الشاب علاء عساف الذي يبيّن في حواره مع “البعث” أنه اليوم يقوم بقراءة عمل جديد يتمنى أن يكون جيداً، أما على صعيد الكتابة فقد انتهى من كتابة عمل يتناول حالة الشارع السوري اليوم بما يتخلّله من أوجاع وصعوبات اقتصادية ونفسية واجتماعية جسيمة، مؤكداً أنه لا يمكن لنا أن نهمل هذه النواحي بتجاهل ما يحيط بنا من أزمات ومخلفات الحرب وما تركته في نفوسنا، متمنياً أن يكون عبر ما يكتبه اليوم قد اقترب من الهمّ السوري ولو بنسبة قليلة.

شوارع الشام العتيقة

ويوضح عساف أن الكتابة بالنسبة له ليست مهنة بقدر ما هي حاجة، فهو كممثل بالدرجة الأولى من حقه وحقّ غيره من الممثلين التعامل مع مادة جيدة، والدراما السورية برأيه افتقدت في السنوات الأخيرة لمادة ورقية تحاكي هموم وقضايا مجتمعية مهمّة، حيث لم نعد نقرأ نصاً يحمل رسالة أو مضموناً إلا فيما ندر، لذلك كان لابد له بدلاً من انتظار الفرصة أن يعمل على صنعها من خلال “شوارع الشام العتيقة” الذي لم يكن بالنسبة له مجرد عمل دمشقي، بل كان مشروعاً حقيقياً حاول أن يقول من خلاله إن دمشق ليست كما صوّرتها بعض الأعمال الدمشقية في السنوات الأخيرة، فكان من الضروري إظهار المرأة الدمشقية بهيئة أكثر تعقلاً بعيداً عن القالب المتردي الذي وضِعت فيه. ويتساءل علاء عساف: “لماذا عندما نتكلم عن التاريخ الفلسطيني يكون العمل ملتزماً وهادفاً كـ”التغريبة الفلسطينية” أو “عائد إلى حيفا” أو “حارس القدس” وتكون المرأة الفلسطينية فيه شريكة في النضال والتفكير، وعندما نتحدث عن المجتمع الدمشقي نصوّر الرجل الدمشقي بنمط كوميدي، والمرأة الدمشقية بقالب متخلف، حدوده لا يمكن أن تتعدّى المطبخ أو (صبحية النسوان) مؤكداً أن هذا لا يجوز، لذلك حاول عساف في “شوارع الشام العتيقة” إظهار رجال بعقول مكتملة ونساء تملك حقها في القول والفعل ومحاولة النهوض بمجتمعها، مؤكداً أن “شوارع الشام العتيقة” وإن لم يشبع طموحه إلا أنه كان سعيداً بالأثر الحقيقي الذي تركه عند متابعيه على الرغم مما كان ينقصه على صعيد الصورة والتسويق، مفسراً أن النجاح بالنسبة له ليس بكمّ المشاهَدة، حيث إن هناك مسلسلات تتابَع بكثرة رغم أنها بلا معنى بسبب الترويج الهائل لها، وإنما بمقدار الأثر الذي تستطيع أن تتركه في نفوس المشاهدين حتى ولو كان عددهم أقل نوعاً ما.

موضة خطيرة

ولا يتفق عساف مع من يقول إنه يتواجد بكثرة في الأعمال الشامية، موضحاً أنه لم يعمل إلا في ثلاثة أعمال شامية، لكنها دخلت في لعبة الأجزاء فكان مضطراً للمشاركة فيها كالتزام أدبي مع الشركة المنتجة كي لا يؤثر ذلك على سيرورة العمل، مبيناً أنه شارك في أعمال اجتماعية أكثر مثل “الغريب” و”نبتدي منين الحكاية” و”حائرات” وغيرها، مع إشارته إلى أنه في هذا الموسم الرمضاني اعتذر عن عملين من البيئة الشامية، وهذا دليل على أنه ليس ميالاً لهذه النوعية وإنما للعمل الذي يراه جيداً بغضّ النظر عن بيئته. وحول الأعمال المشتركة أعلن علاء عساف أنه ليس ضدها شرط وجود مبرّر درامي لجعلها مشتركة، أما أن تصبح موضة فهذا خطر برأيه على الدراما السورية التي بدأت تفقد هويتها في السنوات الأخيرة، طالباً أن ندرك حجم الكارثة التي تتعرّض لها درامانا، وهو المؤمن أن كل ما يحدث ممنهج لإفقاد العمل السوري هويته وحضوره إلى جانب ما تقوم به وسائل التواصل الاجتماعي والهجمة الشرسة التي نراها لنشر الانحلال الفكري والمجتمعي، وتقديم مسلسلات بعيدة كل البعد عن أوجاع الشارع السوري من خلال ممثلين مقحمين على الشاشات على أساس أنهم نجوم، في حين لم نسمع بهم إلا من خلال السوشال ميديا وبعض الأعمال المشتركة، مع تأكيده أن الأعمال السورية والممثلين السوريين الحقيقيين أصحاب رسالة وسفراء سورية في الخارج.

التطهير والتصدي

يرى علاء عساف أن الكوميديا كالتراجيديا وظيفتها تصوير الحياة ولكن بأسلوب مختلف، حيث تتعرّض الكوميديا لنقائص أفراد المجتمع بطريقة وأسلوب يضمن لنا عنصر الفكاهة بعيداً عن التجريح، بهدف تسليط الضوء على هذه النقائص والسخرية منها لمعالجتها، وهذا أهم أهداف الدراما من وجهة نظره وهو التطهير والتفادي والتصدي لعيوبنا لتكون تحت المجهر بطريقة بسيطة قبل أن تتحوّل إلى كوارث، فلا نستطيع حينها إلا أن نحاكيها بتراجيديا قاسية، لذلك يعتبر عساف الكوميديا نوعاً من أنواع النقد الذاتي.

وبغضّ النظر عن كون الممثل خريجاً أم لا، يؤمن عساف أن الفن بحاجة لموهبة قبل الدراسة، مع تأكيده على أهمية صقل هذه الموهبة سواء بالدراسة أو بالخبرة، والفن برأيه يحتاج إلى خيال قبل العلم كما في الغناء، حيث إن هناك من يغنّي سماعي وهو في الصف الأول، والأمر كذلك في مجال التمثيل والأمثلة كثيرة على ممثلين عالميين وعرب غير خريجين وهم أهم النجوم في العالم: مارلون براندو، نيكولاس كيج، روبيرت دي نيرو، كاميرون دياز، توم كروز، جيم كيري، يحيى الفخراني، عادل إمام، أحمد مظهر، وبالتالي فإن المطلوب برأي عساف ترك المواهب الشابة تعبّر عن نفسها دون طاقات سلبية، ويؤسفه اليوم وجود تكتلات وحملات وهمية مأجورة ومدفوعة الثمن تحاول ضرب مواهب شابة واعدة ومهمّة، وتقوم بالمقابل بمدح ممثلين لم نسمع بهم ولم نرَ مشهداً مؤثراً واحداً لهم.

ويختتمُ عساف بالإشارة إلى أن تعاطيه مع المهنة قد اختلف عما سبق، حيث كان يحاول أن يثبت نفسه ليس إلا، واليوم يرى نفسه فناناً صاحب مشروع وشريكاً في صناعة العمل الذي يعمل فيه، وأي عمل غير هادف أو لا يعالج قضية ولا يملك فكرة أو مضموناً هو خارج مشروعه ولن يعمل به، وهذا السبب الأهم لعدم تواجده على الشاشة لهذا الموسم.

أمينة عباس