دراساتصحيفة البعث

الإعلام الأمريكي ينعي صفقة القرن

محمد نادر العمري

كان لافتاً، بعد تصاعد وتيرة العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني ورد فصائل المقاومة على الإرهاب الإسرائيلي، ما تناولته وسائل الإعلام الأمريكية عن عدم الوصول للأهداف المبتغاة من “صفقة القرن” وسلسلة التطبيع التي حصلت. كانت أولى الصحف التي تداولت ذلك “واشنطن بوست” الأميركية في مقال لـ ماكس بوت نائب رئيس التحرير والمختص في الشؤون الشرق الأوسط، رأى فيها أن- ما أسماها- الاشتباكات الأخيرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين توضح أنه لا يوجد “سلام” ولا “شرق أوسط جديد”، كما زعم الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في 15 أيلول 2020، عندما افتخر بإنجازاته في السياسة الخارجية وهي توقيع اتفاقيات أبراهام لتطبيع العلاقات بين “إسرائيل” وبعض الأنظمة العربية. إذ قال ترامب حينها في احتفال في البيت الأبيض: “بعد عقود من الانقسام والصراع، نحتفل ببزوغ فجر شرق أوسط جديد، ستعمل هذه الاتفاقيات معاً كأساس لسلام شامل في جميع أنحاء المنطقة”.

وقال الكاتب: ” إنه بعد ثمانية أشهر يبدو هذا التفاخر أكثر إثارة للضحك الآن مما كان عليه في ذلك الوقت، فلا تزال الفوضى المليئة بالدماء نفسها كما كانت دائماً”.

في حين حملت نيويورك تايمز “صفقة القرن” سبب هذا التصعيد الحاصل اليوم، حيث أشارت إلى أنه حتى أولئك منا الذين يدعمون “إسرائيل” يجب أن يعترفوا بأن السبب المباشر للتصعيد الحالي هو الاستيلاء الإسرائيلي المستمر على الأراضي في القدس والضفة الغربية، وهو الأمر الذي قام ترامب بالكثير لتشجيعه بدعمه الثابت لزميله اليميني الشعبوي، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عبر “صفقة القرن”، فقد تم بناء أكثر من 9200 منزل استيطاني في الضفة الغربية خلال سنوات ترامب في ظل عدم احتجاج واشنطن، ونتيجة عدم محاولة كبح التوسع الإسرائيلي، كما فعل الرؤساء الأميركيون السابقون، اعترف ترامب بشكل غير حكيم بضم “إسرائيل” لمرتفعات الجولان وقطع المساعدات عن الفلسطينيين.

وتابعت الصحيفة إن هذه الصفقة منحت المستوطنين جرعة من التطرف، حيث حاول المستوطنون الإسرائيليون اليمينيون مؤخراً إخلاء ست عائلات فلسطينية أخرى من منازلهم في القدس، وقد حاول نتنياهو تصوير الأمر على أنه نزاع عادي على الأرض.

في حين اعتبرت العديد من مواقع الإخبارية الأمريكية أن “صفقة القرن” خلقت حالة من العنصرية القانونية، حيث يشير الفلسطينيون إلى أن النظام القانوني الإسرائيلي متحيز ضدهم إذ يسمح هذا القانون للإسرائيليين بالمطالبة بحيازة منازل فقدوها في عام 1948 لكنه لا يمنح حقوقاً مماثلة للفلسطينيين، ويرى الفلسطينيون عمليات الإخلاء التي تلوح في الأفق كجزء من خطة إسرائيلية للاستيلاء على القدس بشكل صارم بحيث لا يمكن أن تكون أبداً عاصمة لدولة فلسطينية مستقبلية، وبعدها زاد ترامب الطين بلة، من خلال اعترافه بالسيادة الإسرائيلية على القدس بأكملها عندما نقل السفارة الأميركية من “تل أبيب” إلى المدينة المقدسة.

وأضافت المواقع في العديد من تقاريرها أن الفلسطينيين يعتبرون أن “صفقة القرن” زادت من التطرف الإسرائيلي في إهانة الأماكن المقدسة، وهذا ما أغضب الشعب الفلسطيني، ودخلت احتجاجاتهم في مصادمات مع الشرطة الإسرائيلية، حتى أن رجال الشرطة الإسرائيليين دخلوا المسجد الأقصى، أحد أقدس الأماكن في الإسلام، وأطلقوا الرصاص المطاطي والقنابل الصوتية أثناء ملاحقة شبان فلسطينيين كانوا يرشقونهم بالحجارة.