مجلة البعث الأسبوعية

سيناريو أزمة تسويق حمضيات طرطوس يعيد نفسه حلول غائبة وأصحاب قرار متعنتون والمزارع يتألم

البعث الأسبوعية – طرطوس-لؤي تفاحة

 

هو السيناريو ذاته يتكرر مع بدء كل موسم إنتاج محافظة طرطوس من محصولها “الاستراتيجي ” رغم عدم اعتراف الحكومات المتعاقبة بكونه استراتيجي تحت حجج واهية  وفي كل عام يسمع المزارع ذات الوعود والامنيات بمعالجة مشاكله سواء ما يخص تكاليف الانتاج والزراعة وليس آخرا ما يخص قضية تسويقه في ظل عدم وجودبوادر تصديرية كونه الحل  الاكثر قدرة على امتصاص الفائض وفي ظل عدم السماح بإحداث معامل للعصر نزولا عند رغبة وممانعة موردي المكثفات الخاصة بذلك  لمصالحهم المادية  الخالصة وإن كان بعدهم الطوفان؟!..والبعث مرةتلو المرة تفتح جرح المزارعين النازف على مدار الاعوام ظنا منها ربما يفعلها القائمون هذه المرة ويجتروحون “معجزة ”  تهبط عليهم من السماء تكون كفيلة بوضع حد لجرحهم المستمروإن كانت المكتوب مقروء من عناوين الاجتماعات المتتالية دون بارقة لأمل في مكان ما فماذا قال من تحدث “لمجلة البعث الاسبوعية:

 

مزراعون : الكلفة عالية والعائد زهيد

 

ضمن استطلاع أجرته البعث مع عدد من مزراعي الحمضيات في أكثرمن منطقة تشتهر بزراعة الحمضيات بكافة الاصناف وبمساحات واسعة ومنذ سنوات فقد كان القاسم المشترك لمجمل معاناتهم تتمحور حول غياب الدعم المقدم من الجمعيات الفلاحية وكذلك بقية الجهات ومن أهمها عدم توفر مادة المازوت المدعوم وارتفاع سعر المادة بالسوق السوداء رغم توفرها بكثرة حيث يصل سعر عبوة المازوت \عشرين \ليتر بأكثر من 40 الف ليرة وكذلك ارتفاع أسعار الاسمدة لأكثر من مئة ألف ليرة  للكيس الواحد وعدم توفره في المصرف الزراعي وتحديدا خلال الموسم المحدد لأعمال التسميد وغيرها من الهموم والمشاكل الصعبة التي تضغط على المزارع فيقول أحمد علي : أملك حوالي عشر دونمات مشجرة بكافة أصناف الحمضيات ولا سيما الحامض وخلال الموسم الماضي اضطررت لشراء الكمية التي أحتاجها من السماد من قبل تجار بسعر باهظ للغاية  وكذلك أجور الشحن والنقل وغلاء المبيدات وما تحتاجه الشجرة على مدار العام وعند موسم القطاف يتعرض المزارع لغبن من نوع أخر والمتعلق بتحكم تجار سوق الهال بالمادة وتصنيفها كما يحلو له وتحديد السعر المناسب لهم وليس للمزارع الذي يأتي ببضاعته  إلى مركز السوق وعلى حسابه الشخصي متحملا تكاليف باهظة أخرى تتعلق بالشحن وتحكم أصحاب سيارات الشحن حيث لا تقل أجرة أي شاحنة عن 40 الف ليرة لمسافة لا تتجاوز 20 كيلو متر تحت حجة عدم توفر مادة المازوت وتكاليف الصيانة وقطع الغيار بدوره أشار علي قاسم وجودت غانم إلى صعوبة تأمين وسائط لنقل محاصيلهم من مزارعهم الخاصة إلى مركز سوق الهال بشكل يخفف من معاناتهم المادية كون الموسم يشكل مصدر رزق لهم ولعائلاتهم التي تنتظر موسم القطاف لتسديد من يترتب من ديون على مدار العام من أجور سماد و ديون للصيدليات الزراعية حيث يتحكم أصحابها بسعر مبيع الادوية والمبيدات اللازمة وكذلك معاناتهم مع تجار سوق الهال وما يتقاضونه من نسبة مرتفعة \7%  وعمليات الخصم التي يقومون بها على كل صندوق بحجة السمسرة ووزن العبوة وغير ذلك الكثير مطالبين بضرورة إعادة النظر بكل هذه الحسومات غير المحقة والتي تنعكس سلبا على أوضاع المزارع , بدوره تمنى المزارع عيسى برهوم بإن تقدم الحكومة دعما حقيقيا لمزارعي الحمضيات في المنطقة الساحلية كون المنطقة وطبيعة الاراضي مناسبة بشكل كبير لزراعة هذه المادة ولاتوجد خيارات أخرى لتبديل الزراعة سوى تحويل مئات آلاف الأشجار من الحمضيات إلى حطب لزوم التدفئة والقضاء على كل هذا الجهد  وضياع تعب عقود من الزمن حتى تكبر هذه الأشجار ولكن بسبب تدني أسعار الحمضيات بأن المزارع بات على قناعة تامة أن الحكومة ليس لديها مشكلة بتحويل هذه الأشجار إلى حطب .ربما!  كما طالب المزارع علي عيسى بأن تقوم السورية للتجارة باستلام كميات كبيرة من  الموسم الحالي نظرا لغياب أي أفق لفتح أسواق للتصدير أو قيام تجارنا بمقايضة الحمضيات بمواد زراعية مثل الموز أو غيره وتخفيف الأعباء عن كاهل المزارعين الذين يحلمون بيوم وهم يرون محصولهم له القيمة الذي يستحقها بدلا من هذا الإمعان في ذل المزارع وبيع محصوله على قارعة الطرقات بلا رحمة أو شفقة رغم كل هذا التغول الحاصل في كافة المواد والمنتجات ماعدا الحمضيات وذلك لغاية في نفس من يتحكم به

 

تجار سوق الهال يردون : بدوهم فقد رد بعض  تجار سوق الهال أو من يعمل تحت أجنحتهم بإن ما يتقاضونه من نسبة هي ضمن القانون الممنوحة لهم \7% بالاضافة لأعمال العتالة والتنزيل  والتحميل وأجور النظافة وفواتير الكهرباء والمياه التي تزداد بشكل غير مبرر وربما غير مدروس فقد بيّن ياسر حبوس بإن أجور النقل بعد قرار ارتفاع سعر المادة قد ضاعف كثيرا من المصاريف التي يتحملها أصحاب المحلات في هذا السوق بالإضافة للعديد من المصاريف الاخرى فيما قال أيمن ابراهيم بإن عمليات الحسم والخصم الحالية  على البضاعة جاءت بعد  ارتفاع أجور العمال العاملين في السوق وهم أيضا أصحاب عائلات ولديهم ظروفهم المعيشية الصعبة مطالبا بضرورة الجهات المعنية من بلدية وغيرها الاهتمام أكثر بواقع النظافة والصيانة لهذا السوق نظرا لأهميته الاستراتيجية كونه الوحيد الذي يشكل صلة الوصل لأكثر من محافظة

 

اتحاد فلاحي طرطوس :

 

بدوره أشار محمود ميهوب رئيس اتحاد فلاحي طرطوس إلى جملة من الصعوبات والمشاكل التي تثقل كاهل مزارعي الحمضيات ومنها ما يام تكراره سنويا ومع بداية كل موسم ومنها مشكلة التسويق التي تشكل أهم معاناة المزارع في ضوء عدم وجود أسواق تصديرية تكفل بامتصاص هذا الفائض من الانتاج والمقدر لهذا العام بأكثر من 216 الف طن  لمختلف الاصناف ولفت ميهوب في كلامه “للبعث” إلى إن خطة مؤسسة  السورية للتجارة بتسويق كميات محددة من الانتاج لاتفي بالغرض المطلوب وحتى بالنسبة لتحديد أسعار المنتج بحسب التصنيف تبقى دون طموح المزارع وكذلك الاتحاد نظرا لتكاليف مستلزمات الانتاج الباهظة وعدم قدرة المزارع على تسويق منتجه لجملة من المعوقات وبيّن ميهوب بأنه وبعد عدة اجتماعات في المحافظة  وتوجيهات الحكومة فقد تم تحديد أسعار  البرتقال “أبو صرة ” على الشكل التالي \400-500-550\ليرة للانواع الثلاثة الاولى فيما تم تحديد سعر الكيلو الحامض \640-670-700\ ليرة لافتا إلى إن  تحديد هذه الاسعار رغم كونها لا تعكس قناعتنا إلا إنها جاءت بعد بذل جهود ومحاولات بهدف إقناع المؤسسة لقبولها بهذه الاسعار  في ضوء الحاجة الماسة للمزارع وكذلك في ضوء كمية  التسويق التي تنوي المؤسسة تلبيتها من حقول المزارعين وتأمين بعض المستلزمات ومنها صناديق التعبئة وشحن البضاعة, وبخصوص واقع زراعة الحمضيات ودور التنظيم الفلاحي بدعم المزارعين قال رئيس الاتحاد بإن الصعوبات التي يعاني منها مزارعو الحمضيات في طرطوس قديمة جديدة نظرا لغياب الحلول والإجراءات العملية والكفيلة بمعالجة مثل هذه الصعوبات ومنها مشكلة تصدير الفائض والبحث عن أسواق خارجية سيما وإن المنتج السوري من الحمضيات يضاهي الكثير من المنتجات الاخرى كونها يخلو من استخدام المبيدات الضارة او غيرها ويلبي رغبات المستهلكين ولا سيما بدول الجوار مثل العراق الذي يشكل فتح خط التصدير له أحد أهم الحلول نظرا لقوة هذا السوق وطلبه للمنتج السوري وكذلك بقية الاسواق الخارجية الاخرى ,وقال ميهوب بإن من ضمن المشاكل والتي لطالما كان أحد مطالب الاتحاد ومن خلفه المزارعين هو ضرورة إقامة معامل للعصائر يستوعب كميات كبيرة من الانتاج وكونه يشكل حاجة ماسة حتى بالنسبة للمستهلك ولكن لأسباب غير مبررة لم يتم تلبية هذا المطلب منذ سنوات فيما يقف المزارع متفرجا بحرقةعلى ما يتعرض له رزقه الذي هو مصدر دخله الوحيد له فيما يباع بأبخس الاثمان ودون سعر التكلفة بكثير مقابل لا يتعرض للتلف  الكلي أمام نظره تحت الاقدام هذا إذا ماكان هو كذلك بضوء عدم قدرته على تسويقه وتحكم تجار سوق الهال بالسعر الذي يفرضونه وغلاء الاسمدة وعدم توفرها أيضا بالإضافة لذلك غلاء ثمن الادوية والمبيدات حيث يبقى المزارع مرهونا إما لتاجر الادوية أو لتاجر السوق والاثنانلا يرحمان

 

 

 

دور مقبول للتجارة :بحسب المهندس محمود صقر مدير فرع السورية للتجارة الذي أوضح بأنه تم عقد اجتماع في محافظة طرطوس برئاسة عضو المكتب التنفيذي المختص بيان عثمان وحضور كل  مدراء الجهات المعنية حيث تم الاتفاق على الاسعار التالية لمادة الحمضيات بحسب التصنيف المشار إليه أعلاه حيث تقدم السورية للتجارة كل التسهيلات والإمكانيات المتوفرة لديها من آليات النقل وصناديق حقلية ووحدات تبريد لخدمة الاخوة المزا رعين وتسهيل العملية التسويقية لافتا إلى خطة المديريةتسويق أكبر كمية من المنتج بحسب امكانيات المؤسسة المالية واللوجستية وفق تعليمات الادارة العامة والوزير

 

صورة مؤلمة:مهما قيل عن تسويق موسم حمضيات “وقد قيل الكثير حوله ” ولكن يبدو بإن الجهات المسؤولة مصرة على وضع العجين في أذنيها لكي لا تسمع صرخات ووجع مواطنها المغلوب على أمره والذي يقع  في كل موسم بين سندان الانتاج وتعبه وجهده وصبره وحتى ألمه وبين مطرقة امكانية تسويقه  كما يرغب بالحدود الدنيا من سعر تكلفة الموسم وذلك في ظل غياب كل الحلول الناجعة وليس أقلها  تحرك الجهات المعنية وغرف التجارة وغيرها والقيام بدورها المطلوب والتي على أساس ذلك ت م إحداثها كونها تشكل واجهة موازية لتدخل الحكومة الايجابي عندما تعجز الاخيرة  لظروف قاهرة عن تحقيق ذلك  وأمام هذا العجز وعدم تلبية مصلحة الفلاحين سواء لجهة تقديم مستلزمات الانتاج وضبط  سوق هذه المستلزمات من أدوية وسماد ومازوت تبقى كل الحلول المطروحة هي حلول إسعافية مؤقتة , وعليه  من المهم طرح السؤال التالي هل يبقى مجديا التغني كثيرا بما تحتله سورية من مراتب متقدمة في  انتاج الحمضيات أم إن صورة تحويلها لحطب التدفئة  نظرا لارتفاع سعر طن  خشب التحطيب من الحمضيات أو الزيتون باتت أكثر قبولا لدى أصحاب القرار في ظل كل هذا التنطيش والإهمال غير المبرر؟!