ثقافةصحيفة البعث

“الكلمات السحرية” تختتم مهرجان مسرح الطفل في حلب

حلب – غالية خوجة 

اختتم مهرجان مسرح الطفل بحلب مع العرض الاستعراضي “الكلمات السحرية”، من تأليف نور حلواني، وإخراج سعيد عبد الحق، والأغاني والموسيقا للفنان مراحب جاهل.

وتتمسك هذه المسرحية باللغة العربية الفصحى لولا بعض الأخطاء الصرفية في الرفع والجر والنصب، وتتماسك وحدة أحداثها المتمحورة حول ثيمة الصدق والوفاء ومساعدة الآخرين حتى لو كانوا شريرين، وهذا ما يفعله بابا سنفور مع فرفور ليخلصه من الذئب الشرير رغم أن فرفور أراد لصديقه كوكي أن يأكله الذئب بعدما دعاه لسرقة الطعام والشوكولا، إلاّ أن كوكي الصادق الذي لا يسرق ولا يكذب ولا يؤذي أحداً أخبر بابا سنفور، فذهب لتخليصه، وهكذا تحضّ هذه المسرحية على القيم كما فعلت مسرحيات هذا المهرجان لهذه الدورة.

ولقد جذبت الكلمات السحرية الأطفال تفاعلياً، وكم كانوا صادقين عندما سألهم بابا سنفور: هل ننقذ فرفرو من الذئب؟ فأجابوا: لا، بعفوية لأنهم لا يحبون الشرير، لكن بابا سنفور ذهب لتخليص الصديق المؤذي ليعلمهم أن على الإنسان أن يساعد الشرير أحياناً لعله يرتد عن شره.

وجذبت هذه المسرحية الحضور لعدة أسباب، منها أنها وظفت الوقت بطريقة متناغمة بين حركة الممثلين وأدائهم الرشيق الفني، وأوصلت الأفكار والأهداف بلغة فصحى، ووظفت السينوغرافيا البسيطة بشكل مناسب، ولعبت المشاهد المختزلة مع الأغاني الخاصة والموسيقا الخاصة الجذابة دوراً جمالياً، مما جعل العرض متكاملاً إلى حد ما، ومفيداً بفنياته الاستعراضية، التي أضافت للثيمة الموضوعية قيمة ببعد أدبي عندما يطلب أحد شيئاً من أحد ما، فلا بد أن يطلبه بأدب مثل: “لو سمحت”، “من فضلك”، وهذه هي الكلمات السحرية، وهي الكلمات التي نسيها المشهد الأخير من العرض، فلم يقل للأطفال وهو يخاطبهم: “هل تسمحون أن نساعده؟”، بل طلب منهم قائلاً: “هل نساعده؟”.

وماذا عن هذا المهرجان وهو يختتم عروضه التي مددت إلى عرض إضافي لكل مسرحية؟

من الملاحظ أن مهرجان مسرح الطفل لهذا العام نال الاهتمام لأسباب متنوعة، أولها الخروج من الحالة النفسية التي خلفتها الحرب الكونية على سورية، ورغبة الأطفال في الحضور الحاشد لأن المسرح يشكّل لهم  الرئة الثالثة، كما أن المسرح أثبت مدى أهميته الحياتية فيما إذا كان متناسباً مع أهدافه؛ أيضاً تركيز المسرح على عدة محاور وأهداف، منها تأسيس القيم النبيلة في النفوس، الصدق لا الكذب، الإيجابية لا السلبية، الدعوة إلى المحبة والتعاون والتضامن، الاهتمام بالوعي الصحي والبيئي، التفاعلية والتشاركية التي يفضلها الأطفال، توعيتهم بالشخصيات السلبية والتواءاتها ومصائرها الخائبة، التركيز على تجاوز الصعاب، الوعي بنصيحة الكبار من أمهات وأجداد ومعلمين، التسلح بالمعرفة والثقافة المتنوعة ومنها ثقافة الحياة.

الاقتراحات 

ومن جملة الاقتراحات التي استنتجناها أن تكون الأعمال باللغة العربية الفصحى كاملة، وأن لا يكون هناك مجرور مرفوعاً، وأن لا تكون اللهجة الحلبية المحلية أساسية، وأن لا تحضر بعض المفردات مثل “بعضّك”، تصميم البروشورات بطريقة فنية كي لا تبدو إحداها إعلاناً عن افتتاح مطعم للفروج، الابتعاد عن التسجيل الصوتي المسبق “بلاي باك – Playback”، كي يكون للممثلين حضورهم المباشر وذكاؤهم في التصرف ومهاراتهم على المنصة خصوصاً عندما تنقطع الكهرباء، فيتجمد العرض والممثلون، إلاّ أن الحضور يتلافى ذلك بالتصفيق، إضافة إلى حضور أكثر من شخصية كرتونية واحدة في أكثر من عمل منها بابا سنفور، إضافة إلى اشتراك أغلب المسرحيات بشخصية الذئب الشرير، كما أن أغلب المسرحيات اتخذت الأسلوب الاستعراضي والتوجيهي بشكل مباشر غالباً، إضافة إلى اشتراكها باللباس الكرتوني المخصص لبعض الشخصيات، ما جعل أغلب العروض عرائس ودمى وربما هي جاذبة أكثر للمرحلة العمرية الابتدائية كطفولة أولى، لكنها ستكون جاذبة أكثر فيما لو ظهر الممثل أمامهم لا سيما إذا كان من أعمارهم وهو يجيد الأداء والغناء والدور بفنية، ولا بد من التركيز على المدة الزمنية لبداية العرض التي استطالت في بعض العروض ولم تكن لصالح العمل، ولم يتفاعل معها الأطفال.

مهرجان مسرحي زائر

ومن المقترحات نرى أن يكون المهرجان القادم متنوع الأساليب الفنية، بشخصيات غير مكررة، وبأسلوب جديد، وأن لا يكون الصوت مسجلاً ليظهر الممثلون مهاراتهم، وإمكانية دوران المسرح ميدانياً على رياض الأطفال والمدارس، مثلاً تحت مسمى “المسرحية الزائرة” ومن الممكن أن تدور مسرحيات المهرجان على مدارس حلب وأريافها، وأن يحتفي مسرح الطفل بالعروض والأطفال أيام العطل طوال العام.

استمارات رأي وتنظيم وإضاءة

وأن يكون هناك استمارات رأي لكل حاضر من الحضور ليكتب اسمه وعمره ويعبر عن رأيه معللاً، مع توقعاته التي كان ينتظرها من العرض المسرحي، وأن يكون هناك بعد كل مسرحية ربع ساعة للاستماع لآراء الأطفال الذين توجه إليهم الأعمال، لنكون أقرب إلى فهم الطفل وما يريده حقاً من المسرح، وأن لا يكون هناك إبعاد للأطفال الصاعدين إلى المنصة من أجل التقاط صورة مع الممثلين والشخصيات الكرتونية، بل أن يكون هناك تنظيم من أجل التقاط هذه الصور، وتنظيم من أجل إنجاح العمل لأننا افتقدنا للمنظمين في الصالة، ويؤخذ على الحضور أنه لا يكترث بمشاعر الآخرين، فهذا يقف هنا حاجباً المسرح عن الجالسين في الصفوف التي خلفه، وهذا الطفل يقف على الكرسي، ومن معه غير آبهٍ به، وذاك الحاضر يرد على هاتفه النقال: “تجده بجانب المكيف”، مكرراً ذلك لدرجة التشويش، إضافة إلى أن الإضاءة لم تكن موفقة على المنصة في بعض المشاهد، فلم تتناسب مع السينوغرافيا والحدث وأبعاد الكلام والحوار والملامح، كما أن الإضاءة لم تعمل أبداً عندما تكون بعض الشخصيات بين الحضور، فتصعد الدرج وتنزل وتتمشى دون أن تكون عليها أية إضاءة!.