أخبارصحيفة البعث

ماكرون: لا بديل عن اتفاق مينسك لحل الأزمة الأوكرانية

في خطوة ربما يعدّها مراقبون قطعاً للطريق على محاولات الولايات المتحدة تأجيج صراع دموي في أوروبا وتسديد ضربة لمنظومة الأمن في القارة العجوز، عبر مزاعم تقوم بتسويقها عن هجوم روسي وشيك على الأراضي الأوكرانية، أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عدم وجود بديل لاتفاقات مينسك كأساس لإيجاد حل سلمي للنزاع في منطقة دونباس جنوب شرقي أوكرانيا.

وفي أعقاب لقاء أجراه مع نظيره الأوكراني فلاديمير زيلينسكي في كييف اليوم الثلاثاء قال ماكرون: “اتفاقات مينسك هي الطريق الوحيد الذي سيمكّننا من إحلال السلام، والطريق الوحيد الذي سيتيح لنا إيجاد حل سياسي دائم”.

ووصل الرئيس الفرنسي إلى كييف اليوم قادماً من موسكو حيث أجرى مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس الثلاثاء محادثات استمرت أكثر من خمس ساعات وبحث الجانبان خلالها الأزمة الأوكرانية، بما في ذلك القضايا المتعلقة بالأمن في أوروبا، إلى جانب مواضيع أخرى.

من جهته، أعلن الرئيس الأوكراني، أنه يتوقع عقد قمة في إطار صيغة النورماندي مع قادة روسيا، فلاديمير بوتين، وفرنسا، إيمانويل ماكرون، وألمانيا، أولاف شولتس، “في أقرب وقت”.

وقال زيلينسكي، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع ماكرون عقب لقاء بينهما في كييف الثلاثاء: “اليوم يطوّر بلدانا التعاون في جميع المجالات تقريباً، لكن ثمة أهمية خاصة لشراكتنا في مجال الأمن. تؤدّي فرنسا دوراً نشطاً في إطار صيغة النورماندي. ونحن نثمن كثيراً الموقف الرسمي لباريس والجهود الشخصية لإيمانويل ماكرون التي ترمي إلى تحقيق السلام في أوكرانيا. إنه يفعل حقاً الكثير من أجل ذلك”.

وتابع زيلينسكي: “كانت عملية السلام من القضايا المحورية في محادثاتنا. ونحن نتوقع أن نتمكن في أقرب وقت، بموجب الاتفاقات التي تم التوصل إليها خلال قمة باريس في كانون الأول 2019، من عقد جولة تالية من المفاوضات بين قادة رباعية النورماندي”.

وأضاف الرئيس الأوكراني: إنه يتوقع عقد اجتماع على مستوى مستشاري زعماء دول رباعية النورماندي خلال الأيام القريبة.

وتم إطلاق عمل صيغة النورماندي في حزيران 2014 بهدف تسوية النزاع المستمر في منطقة دونباس جنوب شرق أوكرانيا وتشمل الرباعية كلاً من أوكرانيا وروسيا وفرنسا وألمانيا.

إلى ذلك، قال السفير الروسي في فرنسا، أليكسي ميشكوف: إن هناك قوى على الساحة العالمية يهمّها غياب أي حوار بين الغرب وروسيا حول قضايا الأمن.

وذكر الدبلوماسي في تصريحات أدلى بها لقناة “روسيا 24” التلفزيونية اليوم الثلاثاء: “هناك قوى في أوروبا والعالم غير مهتمة كثيراً بوجود حوار حقيقي بين روسيا وشركائنا في أوروبا حول قضايا الأمن”.

وأشار السفير إلى أهمية المحادثات التي أجراها في موسكو أمس الاثنين الرئيسان الروسي والفرنسي حول القضايا المتعلقة بالأمن في أوروبا.

وذكر أن هذه المحادثات كانت مناسبة من حيث توقيتها، وأنها “قد تؤثر إيجاباً في تطوّر الأحداث”، لكنه أشار إلى أن سير الأمور يرتبط أيضاً بنتائج لقاء ماكرون مع نظيره الأوكراني اليوم.

في سياق متصل، نفى الكرملين صحة معلومات صحيفة “فاينانشيال تايمز” التي زعمت حصول “اتفاق” بين الرئيسين الروسي والفرنسي حول أوكرانيا، في لقائهما أمس الاثنين.

ونفى  ديمتري بيسكوف الناطق باسم الرئيس الروسي، صحة مزاعم الصحيفة الأمريكية حول صفقة (اتفاق) بشأن القوات الروسية، قائلاً: “موسكو وباريس لم تتفقا بخصوص ذلك، فالقيادة في ناتو لا تعود إلى فرنسا”.

كذلك أكد بيسكوف أنه لم يسمع بتقارير أخرى تفيد بأن الرئيس بوتين وافق في مباحثاته مع ماكرون على عدم إجراء مناورات عسكرية جديدة بالقرب من الحدود الأوكرانية.

من ناحية أخرى، لفت بيسكوف إلى أن الوحدات الروسية في بيلاروس ستعود إلى روسيا، إلى أماكن انتشارها الدائم، ولم يُطرح هذا الموضوع مع ماكرون: “لم يقل أحد قط إن القوات الروسية ستبقى في أراضي بيلاروس، ولم يكن هناك حديث عن ذلك”.

وذكرت صحيفة فاينانشيال تايمز، نقلاً عن مصادر فرنسية، أنه على خلفية المحادثات في موسكو بين الرئيسين الروسي والفرنسي، فإن روسيا تحرّكت نحو تهدئة الوضع حول أوكرانيا.

ووفقاً لمسؤولين في فرنسا، حسب الصحيفة، “تم التوصل إلى اتفاق بين الرئيسين على عدم اتخاذ مبادرات عسكرية جديدة، وعلى الدخول في حوار واسع حول موضوع نشر القوات الروسية، إضافة إلى سحب القوات الروسية من بيلاروس هذا الشهر، بعد انتهاء المهمة”.

وواضح من السياق أن هناك من الحلفاء الأطلسيين من يعمل على التصويب على نتائج القمة بين باريس وموسكو، ويحاول جاهداً التعتيم على شيء مهمّ جرى توضيحه من خلالها، وهو أن هناك رأياً أوروبياً مستقلاً يؤمن بالحوار مع روسيا في المسائل المتعلقة بالأمن الأوروبي الجماعي.