اقتصادصحيفة البعث

تأمين بلا أمان..!  

علي بلال قاسم

لا يزال يغلب على برنامج الضمان الصحي الذي طبق منذ سنوات، الكثير من الملاحظات وإشارات التعجب التي دفعت مئات المشتركين في هذا المشروع المهم إلى التململ والضجر من شركات إدارة النفقات التي تمارس وترتكب السبعة وذمتها تحت مظلة التأمين الصحي، وما رافقها من تسويق لطالما وعد موظف الدولة بوضعه على سكة البحبوحة والأمان الطبي الذي من المفترض أن توفره شركات تعاقدت معها الحكومة للتصدي لهذه المسؤولية، وهذا ما لم يحصل بشهادة الحكومة والمشترك المغلوب على أمره في جملة المنغصات الحاصلة.

منذ زمن، لم تعد المسألة تتوقف على شكاوي يتم تناقلها من هنا وهناك، بل يبدو أن القضية قيد التفاعل، لتصل إلى مستوى خطير عندما اتخذت أهم الجهات في الشأن الصحي، وهي وزارة الصحة قراراً بالانسحاب من البرنامج، على خلفية رفض نحو 15 ألف عامل توقيع العقد بسبب الاختلاف في البنود مع حجم التغطيات.. وقعت هذه الواقعة في الوقت الذي ترددت وزارة التربية عن توقيع العقد، علماً أن لديها أكثر من 300 ألف مشترك، وهذا ما جعل القضية تتفاعل لتصل إلى درجة مقاطعة بعض الوزارات وأهم المساهمين في البرنامج.

ومع تنبؤ البعض بفشل المشروع وإيقافه، لم يتوان اتحاد العمال عن تأكيد عدم انسجام الجهات كافة والفرقاء في العملية ما سبب فشل المفاوضات وبقاء الخلافات متفاعلة، وبالتالي لم يحصل أي تقدم يذكر في مواضيع معالجة المشاكل وإيجاد بدائل وآليات جديدة تخدم البرنامج، لتسرب المصادر أن سجالاً وجدالاً وصل إلى أشده بين وزارتي المالية والصحة حول المشروع وآلياته، دون التوصل إلى صيغ توافقية تطيل عمر المشروع.؟

لا يختلف المشهد اليوم كثيراً عن الأمس ولهذا صدر مرسوم إحداث “شركة شام” الحكومية المنوط بها القيام بكافة عمليات التأمين الصحي من الخدمات إلى المراقبة والتعاقد، وهذا ما تم التفاؤل من خلاله، ولكن ما يدعو للاستغراب بقاء هذا المرسوم معطلاً منذ ذلك الحين، علماً أن الكل متفق على أن الشركات القائمة ليست إلا مؤسسات طفيلية وانتهازية ولدت في زمن قياسي بتواطؤ بين بعض أقطاب الحكومة والقطاع الخاص، ولا يخفى أن تكون بشراكات من تحت الطاولة…، وبالتالي هل يعقل أن يبقى المرسوم معطلاً وإجراءات السورية للتأمين غير مفعلة رغم إصدارها البطاقة الموحدة للمشتركين، كرمى لعيون من يتاجرون بالبرنامج ويضحكون على لحية الدولة والمواطن..؟!