أخبارصحيفة البعث

إيكونوميست: سقوط المهرج.. رئيس وزراء فاشل ودولة منكوبة

لندن – تقارير

قالت مجلة إيكونوميست البريطانية إن حكومة رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون انهارت أخيرا، فقد استطاع طوال أشهر التخلص من فضيحة تلو الأخرى، والآن رفضه نوابه بشكل لا رجعة فيه، ووافق على أن رئاسته للوزراء قد انتهت.

وأوضحت المجلة في افتتاحية لها أن إسقاط جونسون تم بسبب عدم نزاهته، لذلك قد يستنتج البعض أن تغييرا بسيطا للقيادة سيكون كافيا لإعادة بريطانيا إلى مسارها الصحيح.

وأشارت إلى أنه على الرغم من أن بصماته واضحة في جميع جوانب الفوضى اليوم فإن المشاكل أعمق من أن يكون مسؤولا عنها رجل واحد، وما لم يعمل حزب المحافظين الحاكم على مواجهة هذه الحقيقة فإن الصعوبات الاجتماعية والاقتصادية العديدة التي تواجهها بريطانيا ستزداد سوءا.

وأضافت المجلة البريطانية أن جونسون تشبث بشدة بالسلطة حتى النهاية بحجة أن لديه تفويضا مباشرا من الشعب، واصفة ذلك بالهراء، مشيرة إلى أن شرعيته مستمدة من البرلمان، وشبهته بالرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب الذي كان كلما زاد تشبثه بالسلطة زادت عدم أهليته لتولي المنصب.

وأشارت إلى أنه على الرغم من أن الخاتمة استغرقت فترة مؤلمة فإن مصير جونسون حسم في 5 يوليو/تموز الجاري عندما استقال وزيران، وكان السبب المباشر هو سلوك نائب رئيس حزبه الذي اتهمه رجلان بالاعتداء الجنسي في حالة سكر، وكذب داونينغ ستريت بشأن ما عرفه رئيس الوزراء عن سجل الرجل في الانتهاكات، وأرسل الوزراء لتكرار الأكاذيب، تماما كما فعل قبل شهور بشأن الحفل غير القانوني أثناء فترة الإغلاق بسبب وباء كورونا.

وقالت إن جونسون رفض فكرة أن الحكم يعني الاختيار، وكان يفتقر إلى التماسك الأخلاقي المطلوب لاتخاذ قرارات صعبة من أجل المصلحة الوطنية إذا كان ذلك يهدد شعبيته، كما أنه يفتقر إلى الاتساق وفهم التفاصيل لرؤية السياسات بكل الوضوح، كما ابتهج بالدوس على القواعد والأعراف، وأن المتأصل في أسلوبه هو إيمانه الذي لا يتزعزع في قدرته على الخروج من المشاكل عن طريق غزل الكلمات، فيما كان يراوغ ويكذب بشكل صريح.

وأشارت المجلة إلى أن جونسون ذا “الشخصية الجذابة” تمكن من ربط الفصائل ذات التوجهات المتناقضة في حزبه ببعضها البعض لأنه لم يشعر أبدا بالحاجة إلى حل تناقضاتها، وبدلا من ذلك كان يؤيد كلا من الحمائية واتفاقيات التجارة الحرة.

ووصفت ذلك بسياسة الفانتازيا، ففي حملته لمغادرة الاتحاد الأوروبي وعد جونسون الناخبين بأن بإمكانهم الحصول على كل ما يريدون: ثروة أكبر، والمزيد من الحرية، وتنظيم أقل، والمزيد من الديناميكية، وهجرة أقل، وأن الاتحاد الأوروبي سوف يطرق باب بريطانيا بيأس للتوصل إلى صفقة، وعملت هذه الفانتازيا بشكل جيد لدرجة أن الخيال أصبح المبدأ التنظيمي لحزب المحافظين.

الحاجة لحكومة متماسكة وحازمة

وأوضحت المجلة أن بريطانيا تواجه اليوم مشاكل خطيرة، فلديها أعلى معدل تضخم في مجموعة السبع، ومن المتوقع أن تشهد أبطأ نمو في المجموعة عام 2023، وانتشرت فيها الإضرابات من نقابات السكك الحديدية إلى المحامين والأطباء، ومع ارتفاع تكلفة المعيشة هناك حاجة إلى حكومة متماسكة وحازمة على وقف الإنفاق.

وختمت بأن بريطانيا في حالة خطرة، فهي أفقر مما يتخيل الناس، فقد تضخم عجز الحساب الجاري وانخفض الجنيه الإسترليني وتزايدت تكاليف الفائدة على الديون، وإذا أصرت الحكومة القادمة على زيادة الإنفاق وخفض الضرائب في نفس الوقت فقد تدخل في أزمة، انتهى الوقت الذي كان فيه كل شيء ممكنا، مع رحيل جونسون يجب أن تصبح السياسة مرة أخرى مرتبطة بالواقع.

 

التايمز: بقاء مكلف    

من جهتها، وصفت افتتاحية “التايمز” البريطانية نجاة جونسون من تصويت سحب الثقة الذي أجري الليلة الماضية بأنه نصر مكلف، وجاء بفارق ضئيل، ويشير إلى حجم التمرد ضد قيادته.

وأشارت الصحيفة في افتتاحيتها إلى إعراب جونسون عن أمله في أن تصويت الليلة الماضية سيمكن الحزب من وضع حد للأحداث الأخيرة، لكنها لفتت إلى أن التاريخ يوحي بغير ذلك. وعلقت بأنه، بالطبع، سيدعم نفسه ليخالف التاريخ، ويتخلص من هذه النكسة الأخيرة كما فعل كثيرا في حياته المهنية من قبل.

وأضافت الصحيفة أنه حتى لو نجا جونسون من هذه الاختبارات، فإن السؤال الأوسع هو ما الذي ينوي فعله لاستعادة ثقة الجمهور قبل الانتخابات المقبلة؟ فرغم كل شيء لم يكن التمرد عليه مدفوعا فقط بالغضب العام منه أو الشكوك حول نزاهته.

ورأت الصحيفة أنه إذا تجنب جونسون قيادة حزبه إلى هزيمة كارثية في الانتخابات المقبلة، فسيحتاج إلى إظهار درجة من السيطرة والتركيز كانت غائبة إلى حد كبير حتى الآن في رئاسته للوزراء، حتى في ظل فريقه الحالي من المستشارين.

وأضافت الصحيفة مع ذلك فإن الخطر يكمن في أن سلطته قد تأثرت بشدة لدرجة أنه سيجد صعوبة متزايدة في إنجاز أي شيء. وبدلا من ذلك سيكون الإغراء هو الاستمرار في السعي إلى تعزيز موقفه بإثارة انقسامات جديدة، سواء بتشجيع الحروب الثقافية داخليا أو تأجيج صراعات جديدة مع الاتحاد الأوروبي.

وختمت بأنه من غير المرجح أن يغفر الجمهور مثل هذا الافتقار العميق للجدّ مع التحديات غير المسبوقة التي تواجه البلاد.