ثقافة

بشير بشير في معرضه الجديد: خطوة نحو التجريب والفرح

تشهد صالة الشعب للفنون التشكيلية حالياً معرضاً للفنان بشير بشير، ضم أكثر من أربعين لوحة عمادها التجربة القائمة على المزاوجة بين الحرف واللون، التي استمر بها من خلال إعادة تأهيل بعض الأعمال القديمة والمعروضة سابقاً بطريقة الطباعة بعد استخدام تقانات الحاسوب بتعديل الدرجات اللونية الأساسية للوحة، ومنحها لوناً جديداً.. وبعد الطباعة يقوم الفنان بعمل بعض الإضافات الغرافيكية، التي تتوافق ودرجة الألوان الجديدة وروح العمل، الذي أضحى قريباًً من أسلوب الحفر، وعلى هذه الطريقة يبدي ملاحظاته، معتبراً أن للعمل الفني روحه الخالصة التي تنجزها الحواس، وبأدوات الفنان اليدوية التقليدية، وأن تقانات الحاسوب الطباعية تجعل من اللوحة التقليدية بعداً تشكيلياً آخر قلّما ينتمي لعوالم ومفهوم لوحة التصوير الزيتي المعروفة، وتقلل من أهمية العمل الفني.
والمتابع لأعمال الفنان بشير لا يرى انقطاعاً أو تغيراً بما يخص فهمه العمل للوحته ومقصدها، باعتبارها تقع في خانة واسعة من فنون الأرابيسك التلقائي القائم على رسم الفراغ، وهذا ما يسم أغلب فنون الأرابيسك المجهدة بالتزيين والزخرف والعنايات اللونية، وعلى اللافكرة والتحرر من سلطة الموضوع؛ فهي مجموعة من المرتسمات التي تملأ السطح بحيزات مغلقة يعمل الفنان على تلوينها، مثل من يرسم زيتونة وبعد ذلك ينتبه أن الموضوع الأساس هو الفراغ بين الأغصان؛ فالفنان الذي عُني قبلاً بهذه المرقعات الملونة والمحصورة بتقاطعات الحروف المتشابكة يروي لمتلقيه حكايته البصرية واللونية من خلال ما تعيه عين المتلقي التي تألف الانسجام ومتعة اللون المرصوف بعناية المخرج والمؤثث بفرح المكان، هذا التأليف المتتابع والمخرج بعناية المؤلف يؤدي إلى جملة لا ينقصها اللطف والمؤانسة، ولا تشوبها إيقاعات التعبير النزقة والعالية.
والمضاف الجديد لأعمال الفنان هي الكفاءة الجديدة التي أضافت قيمة استعراضية لمجموع الأعمال المعروضة، ومحاولته تقريب تجربته من مفهوم الحفر، وجعله فناناً غرافيكياً يستعين بالتقانات الجديدة ويستثمرها لصالح هذا الفهم، وهنا تأتي الملاحظة التي تنطوي على أن قيمة فن الحفر بأسلوبيته التقليدية، وولوج الفنان لموضوعات تعبيرية أو تصويرية تحمل معنى يلح على الفنان ويقلقه، وفناننا البشير ليس بوارد من هذا الأمر، ويتضح من خلال إضافاته الارتجالية والسريعة على النسخة المطبوعة.
وعلى العموم فقد نجح الفنان بإقناع العديد من زوار معرضه بالحشد الكبير من اللوحات التي خفف من وطأة التشابه فيه؛ فنجد لوحتين كبيرتين من لوحاته المعروفة تصدرتا صالة العرض، وهما منفّذتان بالأكريليك والألوان الغنية والمبهجة، مما أضاف لإيقاع المعرض حالة من التنوع المستحب، كما رافق المعرض بروشور يحتوي على صور لبعض الأعمال المعروضة “مطرز” بنصوص لأسماء معروفة قدمت تجربة الفنان وهم: د. حيدر يازجي، وأنور رحبي، وسعد القاسم، ود.علي سليم الخالد.
ويسجل للفنان نشاطه من خلال شبكة التواصل الاجتماعي في توجيه الدعوات للأصدقاء والمهتمين لحضور افتتاح المعرض، الذي افتتح بحضور وزيرة الثقافة، الذي أضاف للمعرض دفعاً إيجابياً بأهميته، والذي أكد على أن الوزارة لا تألو جهداً في دفع وتنشيط الحياة الثقافية والتشكيلية، خصوصاً من خلال دعمها للعديد من المعارض والأنشطة الفنية والتشكيلية، ومد الدعم والعون للمبادرين وللتجارب الفنية التي تغني الحياة والثقافة اليومية، وتلامس الوجهة الحقيقية لسورية الجميلة، وهي تطوي مشهد الألم الذي أصاب السوريين.
أكسم طلاع