ثقافة

هل يتحول الشذوذ إلى قاعدة؟!

متابعاتي الدائمة لبعض الندوات النقدية التي تقام إن كان في مجال الشعر أو القصة والرواية أعادت إلى ذاكرتي لقائي بأحد النقاد المصريين خلال إحدى دورات مهرجان دمشق المسرحي، المهم أنني في ذلك اللقاء سألت الناقد بعد أن شاهدنا أحد العروض وما تبعه من نقد: مارأيك بما سمعت؟، ابتسم حينها وقال: سأعيد النظر بكل تاريخي النقدي لأنني رغم السنوات الطويلة التي قضيتها في هذا المجال ومؤلفاتي الكثيرة فيه إلا أنني أستمع من بعض النقاد لأشياء غير موجودة أصلاً في العرض الذي شاهدناه، ولا أدري من أين يأتون بهذا. ذلك الكلام ليس ببعيد كثيراً عما نراه اليوم مع الاختلاف أنني لست بناقد إلا أن الجزء الأكبر من الندوات النقدية التي تتناول منجزاً إبداعياً ما تتحول إما لمديح مشبوه أو لانتقاد شخصي، فكثيراً ما نرى أحد الشعراء في مجموعته الأولى قد وصل إلى قمة الإبداع وختم مشواره بناء على رأي البعض، في حين نرى تجارب أخرى تستحق أن تذكر لا أحد يتوقف عندها ويصل الأمر لدى بعض (النقاد) إلى اتخاذ المنصات مكاناً لاستعراض عضلاتهم النقدية ويتجاوز بعضهم ذلك إلى انتقاد زملاء آخرين، لكن بطبيعة الحال ولله الحمد أن هذه الحالات رغم وجودها لا تستطيع أن تخفي حقيقة وجود نقاد حقيقيين يرفعون سلاح النقد في سبيل النهوض بالمنجز الإبداعي لأنهم يدركون خطورة عملهم والأمانة الملقاة على عاتقهم في هذا المجال إن وجود هؤلاء على قلتهم يبقي الأمل موجوداً بألا يتحول الشذوذ النقدي إلى قاعدة يصبح فيها النقد هادماً للإبداع بدل أن يكون رافعاً له.
جلال نديم صالح