ثقافة

أيام بنكهة “السيلفي”!!!!

صوّر نفسك بنفسك ..فأنت لم تعد بحاجة إلى مصور احترافي لتوثق تفاصيل يومك ولحظات حياتك، ما عليك إلا أن تلتقط صورة عفوية آنية بنفسك بواسطة جهازك المحمول  لتحصل على صورة سيلفي و”السيلفيselfie” كما تم تعريفها هي الصور الملتقطة ذاتياً  بواسطة هاتف ذكي والتي تنشر على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة (فيسبوك، تويتر، انستغرام وغيرها) لتشاركها مع أصدقائك ومعارفك في العالم الافتراضي، فاليوم لم يعد يعنينا أن نلتقط صوراً تذكارية للأصدقاء والأحباء بقدر ما يعنينا تصوير أنفسنا كظاهرة تفشت بوتيرة سريعة مؤخراً ولم تقتصر على المراهقين فقط، بل استشرت بين جميع شرائح المجتمع نساء ورجال وأشخاص عاديين أو مشهورين أوعاطلين عن العمل أو أصحاب مراكز مرموقة حتى أن الرئيس الأمريكي أوباما التقط  صورة سيلفي انتشرت على مواقع التواصل!
إن سيطرة التكنولوجيا على حياتنا هي ما فرضت مجموعة عادات الكترونية وجلبت معها طرقاً جديدة للتواصل والتعبير عن أنفسنا. و”السيلفي”هي إحدى مفرزات هذه التكنولوجيا التي سهّلت فعل أي شي وأباحته وأصبح عشاق السيلفي المنتشرون في أصقاع العالم لا هم لهم سوى التقاط الصور الذاتية مهما كان الثمن غالياً حتى لو كلفهم هذا حياتهم كما حصل مع الفتاة الإيطالية التي لاقت حتفها أثناء التقاطها صورة سيلفي على قمة جرف صخري، فإلى أي درجة وصل إدمان “السيلفي” وهل هو فعلاُ يعد مؤشراً على الإصابة باضطراب عقلي كما خلصت إحدى الدراسات، أم أنه هوس بعادة إلكترونية فاق الحد، أو لعله مجرد تماشٍ مع موضة العصر وشعاراته التي كرست مفاهيم الأنانية والنرجسية وحب الظهور والتفاخر، وجعلت الشهرة عنواناً عريضاً لها حتى أنها كانت دافعاً للبعض لإجراء المزيد من عمليات التجميل، فما تظهره صورة السيلفي من زوايا تسلط الضوء على عيوب في الوجه لم يكن يلحظها الشخص في نفسه من قبل، وقد يعتبر البعض أن السيلفي هو مؤذن  لأفول نجم الصور التقليدية والكاميرات الاحترافية  باعتباره طريقة سهلة في متناول اليد لالتقاط الصور ولاقتناص اللحظة وتوثيقها بعيداً عن التكاليف الباهظة للمصورين المحترفين.
عدوى السيلفي التي تنتقل كالنار في الهشيم وتصيب الجميع بشرارتها ربما سببت الضيق للبعض ومنهم الفنانين الذين بدأ بعضهم يطلق الأغاني لوصف هذه الحالة الهستيرية في محاولة يائسة منهم للوقوف في وجه هذا المد الالكتروني بكلمات تحمل نكهة كوميدية لا تخلو من الاستغراب والاستنكار.
قد تكون  أيامنا المقبلة بنكهة “السيلفي” فنحن لا نعلم هل هي حالة عابرة أم أنها ستغدو واقعاً  ملتصقاً بمواقع التواصل الاجتماعي التي صبغت حياتنا بلون الكتروني ما عدنا  نلون حروفنا إلا به.
لوردا فوزي