ثقافة

في حوار حول تجربته الأدبية وروايته “رحلة إلى المريخ” نبيل قوشجي: الكتابة والطب متلازمتان في حالة إنسانية وعاطفية.. وأحاول في كتابتي ألا أشبه أحداً..

تعددت قائمة الأطباء الذين خرجوا من الملاءة البيضاء ليضعوا بصمتهم في عالم الأدب والشعر والفن، مؤكدين أن الإبداع كل لا يتجزأ، وأن الموهبة لا تتعارض في مضمونها مع الاختصاص، ولم يكن آخر هؤلاء الطبيب نبيل نادر قوشجي، الذي قدم مؤخراً أول أعماله الروائية “رحلة إلى المريخ”.
ويرى الدكتور قوشجي في حوار مع نشرة سانا الثقافية أنه لايوجد تناقض بين مهنة الطب والكتابة عندما تتوافر الموهبة، فكلتاهما متلازمتان في حالة إنسانية واحدة، وتتفقان في النزوع العاطفي والداخلي للرؤية التي يمتلكها الطبيب الروائي، لذلك أراد أن يجمع ما لديه من نثرات عبّرت عما في داخله وصوغها على شكل روائي.
ويوضح قوشجي أنه يحاول تجاوز الأصناف الروائية على الساحة العربية على أن تتلاءم روايته مع كل البنى التي يقدمها الروائيون ويتقبلها القراء على مختلف بيئاتهم وثقافاتهم، وعلى أن تحافظ الرواية على أسلوبها الفني والسردي بما يجب أن تتمتع به من جماليات.
ويقول: أحاول أن أنفلت من كل التأثيرات حتى لا أشبه أحداً، رغم قراءتي لمعظم الروائيين وقناعتي ببعضهم وخلافي مع بعضهم الآخر، إلا أنني قد أتشابه في بعض المفاصل مع الروائي السوري الراحل عبد السلام العجيلي بسبب العمل في المهنة ذاتها، وفي استخدام بعض الأدوات والدلالات التي نمتلكها بصفتنا طبيبين، ولكن لكل منا منهجه وطريقه وسلوكه السردي.
وفي روايته “رحلة إلى المريخ” يلجأ قوشجي إلى الإسقاط التاريخي والأسطوري على شخصيات الرواية، والذي يوضحه بالقول: إن شخصيات الرواية لا تنتمي إلى بلد واحد حتى يتسنى للعمل الروائي أن يخرج من إطار محدد وحتى يخص الإنسان بشكل عام، معتبراً أن العمل الروائي الناجح يجب أن يكون شمولياً يحمل ابتكاراً وإبداعاً للعالم بأجمعه.
كما اعتمد الدكتور قوشجي في الرواية على الحوارات النفسية التي تركز على المونولوج ووصول الشخصية إلى أعماقها، حيث كثيراً ما يحدّث البطل ذاته ويتوقف معها بغية توضيح أفكار معينة يريدها الكاتب علماً أن الرواية عند قوشجي تحتمل في طرقها وشعابها أكثر من بطل، حيث يتعدد الأبطال وتتشعب الأحداث في خدمة الفكرة.
والعمل الروائي بحسب قوشجي يجب أن ينجز بحذر، لأن الرواية دائماً عليها أن تتجاوز التي قبلها وألا تكرر ما قبلها، مما يحمل الروائي مسؤولية مهمة، لكي يخدم في إبداعه الإنسان الذي ينتظر الجديد، لذلك لا يجد مانعاً من الترقب والانتظار عندما تختمر الفكرة في الذهن ويبدأ الكاتب بالتأهب للعمل الآخر.
ويسعى قوشجي في أسلوبه الروائي إلى ما يجده يضع الإنسان على الطريق الصحيح وأن يبتعد عن الجشع والسلبيات الأخرى حتى يتمكن من تحقيق رسالة الحضارة في المحبة والسمو والوصول إلى أقصى الطموحات سواء ظل في الأرض أم ذهب إلى المريخ كما تتحدث الرواية، مفضلاً أن تكون الرواية ذات طابع بيئي واحد، ولا تكون تحت تسمية معينة، بل تأخذ طابعاً شاملاً.
وبرأيه فإن الكاتب الراحل أديب النحوي تجاوز كل من حوله من الروائيين لأنه إضافة، لما يمتلكه من موهبة وأسلوب سردي شائق ومفردات يضعها بتقنية في بنائه الروائي، فهو يمتلك رسالة إنسانية نقية تخدم الإنسان بشكل عام وبذلك يرقى المستوى الروائي وترتفع الكلمة ويكون التاريخ مستعداً لاستقبال مثل هذا الإنجاز.
وختم قوشجي إن اختيار الفكرة هو الأصعب بكثير من بنية النسيج الروائي حولها، لأن الموهبة متوافرة عند الروائي وهو قادر على الكتابة متى شاء، أما الفكرة فيجب أن تكون منتقاة وجديدة بسبب تزاحم الأفكار والرؤى والطروحات عند الكتّاب والروائيين، فإذا لم تكن الفكرة مبتكرة ولا سابقة لها فعدم وجودها أفضل.
يشار إلى أن الدكتور نبيل نادر قوشجي روائي يكتب بالأسلوب الخيالي ويميل إلى الاتجاه العلمي، وكانت باكورة أعماله الأدبية رواية “رحلة إلى المريخ” كما يعمل أستاذاً جامعياً وطبيب أسنان، وله بحوث عديدة في الطب، حيث نال جائزة أفضل بحث في طب الأسنان في العالم لعام 2005 من الأكاديمية العالمية لبحوث الفم والأسنان، ويتقن الإنجليزية والهولندية والألمانية والفرنسية.