اقتصادتتمات الاولى

“النفط” تؤكد حل الأزمة خلال أسبوع.. و”التجارة الداخلية” تنفي أي رفع في أسعارها تجار السوق السوداء يتحكمون بتسعيرة الغاز عبر بث شائعات تسري كالنار في الهشيم

ارتفع سعر أسطوانة الغاز “المنزلية” خلال أسبوعين بمعدل ضعفي السعر الرسمي المحدّد من قبل وزارة التجارة الداخلية، وذلك بعد تراجع المعروض للبيع إلى أدنى مستوى له منذ بدء الأحداث في سورية عام 2011.
وبدأت أزمة الغاز هذه، بعد الهجوم الأخير الذي شنّه مسلحو ما يسمى تنظيم “داعش” الإرهابي على حقلي “الشاعر” للغاز، والذي تمكن الجيش العربي السوري من استعادته في اليوم السادس من الشهر الجاري -بعد عدة أيام من سيطرة المسلحين عليه- ليعود الحقلان، وتبقى الأزمة على أشدها في جميع أنحاء البلاد؟!.
تساؤلات
في وقت، تساءل الكثيرون عن مصدر الأسطوانات التي تُباع حالياً من قبل بعض التجار في السوق السوداء بأسعار خيالية؟ مع تأكيدات رسمية عن توقف حقل الشاعر عن الإنتاج، ما أدى إلى عدم وصول صهاريج الغاز، في حين تتحدث مصادر مسؤولة بوزارة النفط لـ”البعث” عن إنتاج غاز ضمن الحد الأدنى.. وإن أخذنا بجدية التخمين الثاني، نطرح تساؤلاً آخر: لمن تُباع الكميات القليلة المنتجة؟ فإن بيعت بشكل نظامي للمراكز العامة، يفترض أن تبقى ضمن حدودها السعرية بين 1100 و1250 ليرة، بينما تجاوزها حاجز 4 آلاف ليرة يرجح كفة بيعها للتجار المعتمدين والبائعين غير النظاميين؟ وهذا التحليل هو الأقرب للحقيقة.. ولا تحليل ثالثاً أمامنا نطرحه؟!. وذلك على اعتبار أن محافظة حماة أعادت نهاية الأسبوع الفائت تشغيل وحدة تعبئة أسطوانات الغاز في قسم غاز حماة، وذلك بعد ورود شحنة من الغاز السائل إلى المحافظة، حسب تصريح عضو المكتب التنفيذي لقطاع التموين في حماة مسعف علواني الذي كشف عن تعبئة الغاز المتوقفة عن العمل منذ نحو 10 أيام نحو 15 ألف أسطوانة فور وصول الغاز السائل، مؤكداً استمرارها بتعبئة وضغط أسطوانات الغاز لتلبية جانب من احتياجات المواطنين، والتخفيف من الأزمة التي تفاقمت الأسبوع الأسبق، ولفت علواني إلى أن هناك شحنات قادمة سيتم توريدها إلى المحافظة من مستودعات الغاز السائل.

أسرار
ومن الملاحظ، وكما في كل عمل تخريبي، وفور ورود أنباء عن استيلاء الإرهابيين على حقول الغاز في أي مكان بسورية، تظهر مباشرة أزمة مادة الغاز وتلوح في الأفق، كالعادة، لمدة من الزمن، حتى باتت شماعة يعلق عليها تجار الأزمة سر أسعارهم المرتفعة، ويبدؤوا احتكار المادة والقيام برفع تدريجي في أسعارها بحجة نقصانها، مع إشاعة أخبار حول احتمال انقطاعها من السوق؟!.
بدأت تلك الأخبار الكاذبة منذ شهرين بالحديث عن مشاورات في أروقة وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك لرفع السعر نتيجة قلّة توفر الغاز، وبعد انتشار تلك الشائعات زاد سعرها فعلياً في السوق السوداء، فلم يكن أمام وزير النفط والثروة المعدنية، سليمان العباس سوى نفي تلك الأنباء جملة وتفصيلاً، وعدم وجود أي دراسة أو حتى خطة في المستقبل القريب لرفع سعر أسطوانة الغاز على الصعيد الحكومي، وأكد أن ما يتم تداوله من أحاديث عن رفع مرتقب لسعر أسطوانة الغاز المنزلي والتجاري مع نهاية العام الجاري بمقدار500 ليرة، مجرد شائعات ليس لها أساس من الصحة!!.

تشوهات
غير أن الصائدين من التجار في المياه العكرة، استندوا لتثبيت ما يروّجون له من شائعات حول احتمالات كبيرة لرفع الحكومة سعر أسطوانة الغاز، من خلال كلام مقتطع من تصريح وزير النفط آنذاك، واعتبروه تلميحاً غير مباشر لذلك، عندما قال: “إنه وبعد زيادة سعر مادتي المازوت والبنزين، سوف يلجأ كثير من المواطنين إلى الغاز المنزلي للتدفئة بدلاً من المازوت، وكوقود للسيارات بدلاً من البنزين، نتيجة الفارق السعري بين المواد، وهذا يتطلب معالجة التشوه في الأسعار والاستخدام غير الصحيح للمشتقات النفطية”، فكان لهؤلاء التجار ما أرادوا، ورفعوا سعر الأسطوانة مباشرة في السوق السوداء مابين 500 و700 ليرة.
نشاط سوق الغاز السوداء دفع بالمسؤولين في وزارتي النفط والتجارة الداخلية إلى تأكيد قرب وصول صهاريج الغاز إلى كافة مناطق القطر، وتوقعات بانفراج الأزمة كحد أقصى خلال أسبوع من تحرير حقلي الشاعر من رجس الإرهاب، ومن عمليات الصيانة، كما بيّن المسؤولون أن أزمة الغاز ليست في محافظة واحدة فقط، بل في كافة المحافظات، وهناك العديد من المشكلات التي يتم العمل على حلها؟!. في إشارة إلى تداعيات الأعمال التخريبية التي طالت حقلي الشاعر.
التدفئة
نقصان المعروض من الغاز أو فقدانه من بعض المناطق، وفي فصل الشتاء تحديداً، ليس كما هو في مواسم السنوات السابقة عندما كان وقود التدفئة “المازوت”متوفراً ورخيص السعر، بل يمكن توصيفها بـ”أزمة الغاز”، كون تصاعدها بالنسبة لبعض الأسر السورية يعدّ كارثة، لاعتمادها على الغاز في التدفئة، لتصبح مادة الغاز البديل الأفضل.
ما يثير القلق، التخوف مستقبلاً من صعوبة كبح جماح ارتفاع الأسعار الذي لم يعد أحد يتوقع أين من الممكن أن يستقر، في ظل الغياب شبه التام للجهات الرقابية وترك المخالفين المستغلين سماسرة السوق يسرحون ويمرحون على هواهم متحكمين بأسعار سلعة تكاد تكون المادة رقم واحد لجميع المواطنين.
دمشق– سامر حلاس