محليات

العروض تفضح الرقابة

تقوم الشركات الخاصة في المناسبات والأعياد بتقديم عروض “مغرية” على سلعها تتضمّن تخفيضات كبيرة تصل إلى عشرين ألف ليرة في السلعة الواحدة!.
وتترافق هذه العروض بحملات إعلانية تُكلّف أصحابها مبالغ نقدية كبيرة طوال مدة البيع!.
السؤال: هل هذه العروض حقيقية؟
إذا كانت فعلاً كذلك، فهذا يعني أن أرباح الشركات في السلعة الواحدة قد تصل إلى أكثر من 50% على الأقل من كلفتها الحقيقية غير المصرّح بها أصلاً في البيانات الجمركية!.
وإذا كان الأمر كذلك أيضاً، فهذه العروض تفضح أجهزة الرقابة على مختلف مستوياتها: المالية  والتموينية.. الخ.
وعندما تباع السلعة نفسها بمبلغ يقل 40% في الأسواق المجاورة، فهذا يفضح شركاتنا الخاصة الوكيلة الحصرية للماركات العالمية!.
هذه الشركات تتذرّع دائماً بأن الرسوم الجمركية عندنا أعلى بكثير من الدول المجاورة، وهذا صحيح تماماً نظرياً، ولكن فعلياً ما تدفعه شركاتنا أقل بكثير مما تدفعه مثيلاتها في الدول المجاورة بفعل التلاعب بالبيانات الجمركية!.
وقد اعترفت وزارة المالية مؤخراً بحدوث تلاعب كبير في البيانات للتهرّب من دفع الرسوم الجمركية، والتلاعب يتم على مستويين: القيمة والكميات!.
وبما أن التلاعب قائم ومستمر بالتواطؤ مع فاسدين في جهات عامة معنية بالحفاظ على حقوق الدولة وخزينتها العامة، فهذا يعني أن هامش الربح يتجاوز 50% في السلعة الواحدة!.
اللافت أن أسعار معظم الأجهزة الكهربائية المنزلية “سرية” خارجة عن سلطة أجهزة الرقابة التموينية، وهي تخضع لاحتكار المستورد الذي هو الوكيل الحصري للمنتج “العالمي”!.
وبفقدان المنافس المحلي للمستورد فإن الوكيل الحصري يحتكر السلعة ويحدّد نسبة الربح فيها صعوداً إلى الأعلى فالأعلى كلما زاد الطلب عليها،  وخاصة أن السلع معمّرة غير قابلة للتلف!.
وإذا عرفنا أن الحملات الإعلانية هي على حساب الشركة الأجنبية الأم، بل إن الوكيل الحصري يتلاعب أيضاً ببيانات قيمتها ويشفط ما لا يقل عن 40% من قيمتها من جيب الشركة العالمية، فهذا يعني أن أرباح الوكيل مزدوحة من الإعلانات ومن التهرّب الضريبي!.
وباختصار هو يخدع ربّ عمله من جهة والجهات الحكومية من جهة أخرى!
السؤال: هل الأجهزة الرقابية بمختلف مستوياتها غافلة أم أنها تغض النظر عما تمارسه الشركات الخاصة المروّجة للمنتجات العالمية من غشّ وخداع وتلاعب؟.
نميل إلى الأخذ بالاحتمال الثاني؟.
علي عبود