ثقافة

شكران مرتجى لزاهي وهبي: لا أستطيع تصور صباحاتي في غير دمشق

“حدا بيسأل طفل ليش بتحب أمك” تجيب الفنانة شكران مرتجى مضيفها “زاهي وهبي” عن هذا الحب الجامح لسورية وتكمل”جواب السؤال كتير صعب” تعرّف نفسها بالفلسطيسورية، نجمة الكوميديا كما يراها البعض وعاشقة التراجيديا كما تقول هي، طرفة التي أضحكتنا من القلب في مسلسل “دنيا” وأمل في “جميل وهناء” هي أم عبدو في “الأمّيمي” وليلى المعنّفة في “نساء من هذا الزمان” وهي بدايةً زكية التي رسخت صورتها في الذاكرة من أول ظهور لها في “خان الحرير” والكثير الكثير من الأدوار المتميزة، عفويتها وصدقها في التمثيل هي السّمة ذاتها في أداء دورها في الحياة حتى ليلتبس عليك الأمر بينها وبين الشخصيات التي تؤديها بالرغم من دخولها عالم التمثيل مصادفة لتعثّر تحقيق حلمها في العمل الصحفي.

عن هذا القاتل تكمل:”دائما أشبّه حالة حبي لسورية وفلسطين كما لو خيّرت طفل وأحرجته بسؤال أتحب أمك أم أبيك أكثر فسورية أعطتني الكثير، الأمان، عدم الإحساس بالغربة، الإحساس بالانتماء، بالحب تجاه فلسطين أكثر، لم أشعر أني غريبة يوماً وأن فلسطين شيئاً مقحماً في الجمهورية العربية السورية، بل هي عنصر أساسي في كل بيت وكل أسرة وكل حديث”.
شكران مرتجى لا ترى في بقائها في بلدها سورية زمن الحرب شيئاً غريباً حتى أنها لم تفكر يوما بالمغادرة مفضلةً عيش التجربة كما الجميع “أنت لاتتخيل الإحساس عندما أنزل إلى الشارع أحكي مع الناس عن انقطاع الكهرباء والمياه وعن خوفي مثلما هم خائفون وعندما أشاركهم الأمل” الدنيا بخير وبكره بتنحل” أنا لا أستطيع تصور صباحاتي في غير دمشق إلا للضرورة والسفر، صباحي يكون أجمل عندما أكون في سورية”.

متعة ورسالة أيضاً
قدمت نفسها في التمثيل بعفوية وتلقائية كما في الحياة:”أمثل لأني أشعر أن التمثيل رسالة وفي ذات الوقت هو متعة حقيقية، كل ما له علاقة بالإنسانية أعيشه من خلال التمثيل” وتعزو استمراريتها لتعاملها مع التمثيل كموهبة ما جعلها تمتلك الشعور الدائم بالتجدد.
“ فوزية” في باب الحارة ترى في دراما البيئة الشامية حكاية تنفتح على قصص كثيرة وليس مطلوباَ منها أن تكون رسالة. موضحة أن المسلسل الذي انتقدناه كثيراً وشتمه الكثيرون بقسوة “حوكم بشدة لأنه ليس علينا محاسبته كعمل تاريخي بل كعمل درامي اجتماعي” لم أكن ضد النقد الذي طال المسلسل لكنني كنت ضد الشتيمة ولذا قلت من لم يعجبه المسلسل عليه ألا يتابعه” وتتابع: “أعمال البيئة الشامية أوصلت هذه البيئة إلى الناس وفتحت أعينهم على حاراتها وشوارعها ونشرت رائحة ياسمينها”.
ومع صوت فيروز يشدو” شام يا ذا السيف” تجول في شوارع دمشق “البراعة ليست في الأداء على الشاشة، البراعة في أن يكون الإنسان إنسانا”.

بعض الوجع
وكم يؤلمك ما تتعرض له سورية الآن ومنذ عدة سنوات يسألها زاهي وهبي؟
الوجع كبير تقول “باتت الدموع لاتكفي ولا الدراما تفيد، يوجعني جداً ويؤلمني أكثر أن يكون بعض وجعها من بعض أبنائها، سورية تستحق منّا غير هذا، أتمنى لو تتسع يداي لاحتضانها لقد احتضنتنا كثيراً، كل العرب، عندما كانوا يشعرون بالوجع سورية كانت لهم الحضن”.
عن فلسطين تتحدث كما لو أنها تتحدث عن سورية والعكس صحيح تقول: “هو شيء لا يتجزأ فسورية تشكل وعيي ووجداني وفلسطين تعني لأي أحد فكيف لي أنا ابنة غزة” وليتنا نستطيع تقديم شيء لها” إلا أنها تشعر بالسعادة لمشاركتها في مسلسل”حارة المشرقة” الذي يتضمن خطاً عن فلسطين تؤدي فيه دور سيدة فلسطينية تدعى”جفرا” التي تنتقل للعمل في المقاومة بعد العمل السياسي لتكتشف الزيف حولها وتجد نفسها وجها لوجه أمام أبشع أنواع الخيانة” خيانة الوطن تقول”فلسطين جرح دائم وساخن كما جرح سورية الآن ولاشيء يرقى إلى ما نعيشه حالياً” أما عن إهمال الدراما لهذا الجرح فترى أنه علينا المراهنة على المرحلة القادمة ويشغل تفكيرها فكراً جديداً هو”فكر الانتقام” بات ينتشر أمام أطفال هذا الجيل والذي علينا العمل على مواجهته من خلال دراما بناءة تبني النفوس والقلوب.
في مسلسل “نساء من هذا الزمن” تؤدي شكران مرتجى دور ليلى الزوجة الضعيفة التي تتعرض لكل أنواع التعنيف من قبل زوج جاهل تقول”أقسى أنواع التعنيف هو التعنيف اللفظي، العنف الجسدي يشفى الكسور تجبر لكن العنف اللفظي يكسر المرأة يطحنها والمرأة لا يليق بها أن تكون مكسورة المرأة يليق بها الشموخ والعزة”.
وبالرغم من تنوع أدوارها من الفتاة المثقفة المتحررة إلى الأنثى الضعيفة وبنت الضيعة البريئة إلى أدوار كثيرة قدمتها لكنها تقول”على كل شخص أن يأخذ مكانه فأنا مثلاً لا أرى نفسي في دور فتاة لبنانية” وتضيف أنها تفضل الإضاءة على الجانب الإيجابي من هجرة صناع الدراما السورية إلى بيروت خلال هذه الفترة فالمهم تواجد هذه الدراما وصناعها وفنانيها” علينا أن لانكون سبباً في تراجع الدراما السورية التي تصدرت المشهد طويلاً بطريقة تفكيرنا السلبي”.

ثقافة الاعتراف بالخطأ
وبصدق وجرأة تعترف بأنها أخطأت بطريقة اعتذارها عن المشاركة في مسلسل “رفّة عين” مع صديقتها الفنانة”أمل عرفة” والمخرج”المثنى صبح” قبل التصوير بيوم واحد تقول أنه تصرف غير مهني وخطأ” كنت غير مقتنعة بالدور خصوصاً أنه أمام أمل وبعد دنيا أنا أسعى إلى الكمال، أعترف بعدم المهنية كان علي الاتصال شخصياً بالمخرج والخجل هو ما منعني” مقرّة أنها كانت الطرف الخاسر بالتأكيد، هي قيمة جديدة لظهور جميل والأجمل أن تنهيه بتحية للوطن من القلب وتكتب حروف اسمه على شمس لا تغيب أبداً.
بشرى الحكيم