ثقافة

هل أصبح “الفيسبوك” منبراً للنقد؟

جلال نديم صالح
قبل فترة نشر أحد زملاء المهنة رأيه النقدي في أحد العروض المسرحية التي قدمت، وما أريد التوقف عنده ليس الرأي النقدي الذي طرحه هل كان موضوعياً في حكمه أم جائراً، بل ما أثار اهتمامي ردود الفعل الكثيرة على ما كتب التي لم تأت عبر صفحات الصحف، إنما كانت عبر صفحات الفيسبوك، حيث تلقى المقال الكثير من الانتقاد والمهاجمة من قبل أصدقاء المخرج، وبعضهم له علاقة بالنقد في حين بعضهم الآخر ليس كذلك، كل منهم أدلى بدلوه وأيدهم في ذلك مخرج المسرحية من خلال بعض الإضافات التي جعلت من التعليقات أكثر حدة واختلطت فيها الاتهامات المختلفة والهجوم الشخصي لتغيب الموضوعية عن كل ما ورد. وتكررت تلك الحالة منذ فترة قريبة بعد أن أشعلت وسائل التواصل قضية تتعلق بمسلسل “غداً نلتقي” الذي يعرض في الموسم الرمضاني الحالي، إذ اتهمه بعض اللبنانيين بالإساءة للشعب اللبناني وللسيدة فيروز، هؤلاء أيضاً قدموا آراءهم من خلال تحليلاتهم السطحية وقراءاتهم لبعض مشاهد المسلسل بشكل مختلف عما قصده صناع العمل، وهنا قام المؤلف بالرد وإيضاح وجهة نظره من خلال صفحته الشخصية على الفيسبوك، وهنا القضية كانت أكبر حيث تبنت محطة الـ mtv اللبنانية ما تم تداوله حول العمل وقدمت تقريراً في إحدى نشراتها تتهم العمل بالإساءة للشعب اللبناني، وطالبت بإيقاف العمل وربما القائمة تطول، إن أردنا البحث في هذا الإطار.
ما أردت طرحه هنا سؤال بسيط وخطير بآن معاً، ويغدو أكثر وضوحاً يوماً بعد يوم، وهو إلى أي درجة يمكننا اعتبار “الفيسبوك” منبراً موضوعياً للنقد باعتبار أنه يمكن أن يقدم مساحة أكبر لطرح الآراء ومناقشتها، وذلك في إطار المشكلة الأكبر التي تبرز والتي حاولت تلخيصها من خلال المثالين، وهي أن صفحات “الفيس” في غالب الأحيان مفتوحة  بدون ضوابط، وعلى تلك الصفحات  تتنوع الآراء والاهتمامات ومستويات الفهم والتحليل، والمؤسف أكثر أن الكثيرين يتخذون منه منبراً لكيل الشتائم والاتهامات دون حسيب أو رقيب. هذا السؤال قد تجيب عنه السنوات القادمة مع أنني لست متفائلاً، لأننا للأسف إلى الآن لم نتقن ثقافة الحوار واحترام الرأي الآخر، وحين نتقنها -إن استطعنا ذلك يوماً- نستطيع طرح القضايا بشفافية مع احترام من يخالفوننا بالرأي، وربما سيكون “الفيسبوك” قد أصبح في طي النسيان، بعد أن ظهرت وسائل تواصل أكثر أهمية وسهولة.