ثقافة

دار الأسد للثقافة والفنون تطلق مهرجان “قوس قزح سورية” للفنون الشعبية

بمناسبة عودة نشاطات وفعاليات دار الأسد للثقافة والفنون بعد انتهاء فترة الصيانة في مسارحها عقد مدير الدار الأستاذ جوان قره جولي مؤتمراً صحفياً بحضور مجموعة من الموسيقيين ومدراء الفرق الراقصة ليعلن انطلاق فعاليات مهرجان قوس قزح سورية للفنون الشعبية اعتباراً من 26 ولغاية 30 من الشهر الجاري بالتعاون مع وزارة الثقافة.
المهرجان بهدف التوثيق
بدأ قره جولي المؤتمر بالحديث عن الحضارة السورية والفسيفساء الفريد الموجود فيها، مبيناً أن هذه الحضارة تعرضت على مدى حقب متعددة لهجمات أعنف مما نواجهه اليوم، وقد ذهب الجميع وبقيت الحضارة السورية تاريخاً وأدباً وفناً، ومما بقي كذلك الفنون الشعبية، هذا التراث المدعاة للفخر والاعتزاز، مبيّناً أن دار الأسد لا تهتم فقط بالكلاسيكيات الشرقية والغربية بل وبالفنون الشعبية التراثية، والمهرجان فرصة برأيه لتقديم هذه الفنون وتعريف الناس بها ليكون المنحى الثاني منه منحى توثيقياً على صعيد الغناء والرقص والموسيقا والديكور والأزياء، طالباً المساعدة من قبل الإعلام للتركيز على ما سيقدمه هذا المهرجان من خلال نشر المعلومة الموثقة وتعميمها لتعريف الناس على التراث السوري بكل أطيافه وتسليط الضوء على الفرق المشاركة التي أتى بعضها من مناطق بعيدة واعداً هذه الفرق بالمشاركة مستقبلاً في حفلات خارجية.
المهرجان سيكبر ويتوسع
وأكد قره جولي  في مؤتمره أنه لدينا تراث غني ولا يدّعي أن مهرجاناً كمهرجان قوس قزح في دورته الأولى سيقدم كل شيء فيه، لذلك كان لا بد من تقديم مقتطفات بسيطة، مبيناً أن هذا المهرجان سيكبر ويتوسع أكثر في السنوات القادمة لأن حفلاً أو نشاطاً واحداً لا يمكن أن يختصر حضارة بأكملها، معتقداً أنه واعتباراً من هذا المهرجان لا يصح برأيه ألا يعرف المواطن السوري شيئاً عن تراثه، وللإعلام برأيه دور كبير في ذلك، حيث أن المهرجان مادة خصبة ومن الضروري أن يستغلها الإعلام للحديث عن هذه الفرق وتقييم ما ستقدمه، داعياً النقاد والمهتمين لتوجيه أي نقد قائلاً: “دعونا نتقاتل على المسرح من أجل الفن بدلاً من حمل السلاح” موضحاً أن الجميع يجب أن يكون في خندق واحد للدفاع عن تراثنا، والثقافة برأيه سلاح فتّاك لمجابهة الفكر الظلامي.
لماذا لا نفاخر برقصاتنا؟
كما بين قره جولي في تصريحه لـ “البعث” على هامش المؤتمر أن تراثنا الشعبي لا يقل أهمية عن التراثات الفنية الأخرى، فلماذا نعجب برقصة السامبا ونمارسها ولا نفاخر بدبكاتنا ورقصاتنا؟ ولماذا يبهر العالم برقصة السامبا والسالسا وغيرهما وهما رقصتان شعبيتان في الوقت الذي ننظر فيه إلى تراثنا الفني نظرة دونية؟ معترفاً أن الخطوة الأولى في حماية تراثنا الفني قد جاءت متأخرة، ولكنها أفضل من ألا تأتي أبداً، وأن هذا المهرجان مثله مثل أي مهرجان سبق وأن أقامته الدار خطوة أولى وسيصبح دورياً، مبيناً أن البداية دائماً صعبة ولا تخلو من الأخطاء، وهذا أمر طبيعي برأيه موضحاً أن أولويات الدار في هذا المهرجان تقديم الصورة الصحيحة والموثقة عن هذه الفنون ودعم الفنانين الموجودين في المناطق البعيدة كما في القامشلي والحسكة، والتأكيد على أنهم موجودون وقادرون على اعتلاء خشبة المسرح، وهذا في النهاية رهاننا كلنا كسوريين. كما حيا قره جولي في تصريحه المشاركين في هذا المهرجان القادمين من مناطق بعيدة (القامشلي-الحسكة-عفرين) مشيراً إلى أنه سيطرح موضوع تبني الفرق المشاركة في مهرجان قوس قزح من قبل وزارة الثقافة لرعايتها ودعمها حتى لا تتوقف عن العمل.
وتحدث قره جولي أيضاً في المؤتمر الصحفي عن مهرجان الموسيقا العربية المزمع إقامته في 16 آب بمشاركة عدد كبير من النجوم السوريين كميادة بسيليس وشهد برمدا وإياد حنا ووضاح إسماعيل ولميس حرب وبشرى محفوض، منوهاً إلى أن هذا المهرجان عمل على احتضان المواهب الشابة بتقديمها وتعريف الناس بها ومشيراً كذلك إلى مشروع فكرة ضمّ التخت النسائيالشرقي ليكون ضمن فرق الدار، بالإضافة إلى إحياء مشروع “معاً إلى سورية” الذي حقق نجاحاً كبيراً في المحافظات والذي يقوم على دعوة الفرق الفنية للتجوال في المحافظات السورية، بالإضافة إلى مشاريع أخرى قادمة ستقام بالتعاون مع وزارة الثقافة بهدف تعميم الثقافة والتوجه للمواطن السوري أينما كان.
مقصرون تجاه تراثنا السوري
وأكد الأستاذ إدريس مراد المنسق العام للمهرجان على هامش المؤتمر في تصريحه لـ “البعث” على أن الهدف من المهرجان فنيّ قبل أي شيء آخر، وكمتابع للموسيقا السورية منذ سنوات طويلة رفض فكرة البقاء في مقاعد المتابعين والتنظير في الشأن الموسيقيّ للانتقال إلى مقاعد الفاعلين في الحياة الثقافية لترى بعض مشاريعه النور كملتقى البزق، واليوم مهرجان “قوس قزح سورية” في الفنون الشعبية، ولم ينكر مراد أننا مقصرون في الحفاظ على تراثنا السوريّ، ويحزنه أن موسيقا ورقصات كثيرة غابت عن المسارح السورية لتكون لها مساحة كبيرة من خلال هذا المهرجان الذي سيتيح المجال لتعريف الناس به وبالفنانين الذين لم يسبق أن قدموا نشاطاً في دار الأوبرا وهم يمتلكون أصواتاً جميلة لكنهم غائبون عن الساحة الفنية، بالإضافة إلى أن المهرجان سيكون خطوة حقيقية لتتلوها خطوات أخرى على صعيد الحفاظ على التراث لقناعته أن مثل هذا المهرجان لا يكفي ولا بد من وجود لجان مختصة وأقسام لدراسة الموسيقا الشعبية في أكاديمياتنا الموسيقية، منوهاً مراد إلى أن الأهداف الأخرى من المهرجان هي في تعزيز اللقاء بين السوريين بكل أطيافهم في ظل الحرب الكونية التي تشنّ على سورية وتراثها وهويتها ليبرهن هذا اللقاء للبعض أن السوريين بكل أطيافهم ما زالوا أخوة يعملون سوية ويدافعون عن الوطن بالسلاح والثقافة مشيراً ومن خلال البحث في كنوز هذا التراث والتحضير لهذا المهرجان  إلى وجود تقاطعات كثيرة في تراثنا، وهذا يبرهن على أن التراث السوري تراث متداخل ذو جذور واحدة، وهو تراث عريق يحسدنا عليه كثير من الناس، والمطلوب اليوم الدفاع عنه والحفاظ عليه.
ألوان  الفن السوري منشأها واحد
وكإنسان سوري وأحد المشاركين في هذا المهرجان وكموسيقي عريق أشار الفنان حسام بريمو  في تصريحه لـ “البعث” إلى أهمية هذا المهرجان ودوره في تعريف السوريين بالغنى والتنوع الذي يتمتع به تراثهم، والمهرجان في دورته الأولى واستمراره لدورات لاحقة هو غاية في الأهمية في الحفاظ على هذا التراث لأنه لا يمكننا برأيه وخلال عدة أسابيع أو أشهر أن نبحث عن نفائس مخبأة، وبالتالي فنحن بحاجة لوقت طويل وللعديد من المهرجانات التي يجب أن توثق هذا التراث حتى نصل في نهاية مجموعة من هذه المهرجانات إلى وثيقة جيدة وغنية سواء في الشعر أو الموسيقا أو الرقص، منوهاً بريمو إلى أنه وخلال البحث بين هذه النفائس توضّح وجود خطوط اتصال بين كل التراثات المتنوعة في سورية من حيث المقام والموضوعات المطروحة، وهذا يؤكد أن كل الألوان التي تلون فيها فن الغناء والرقص في سورية هي ذات منشأ واحد تفرّعت وشكّلت هذه الشجرة الجميلة، والطموح برأيه هو الاستمرار في توثيق هذه الكنوز العظيمة التي تحلم بقية الشعوب أن يكون لديها لنظهره للعلن قبل أن يستولي عليه الآخرون.. وكمشارك في الجانب الآرامي من خلال اللوحات الآرامية التي ستقدمها “لونا” للغناء الجماعي بيّن بريمو أنه ومن خلال هذه اللوحات سعى لإظهار كمية كبيرة من المفردات الآرامية في الأغاني التي ستقدمها لونا حتى تألف الأذن هذا الرنين الآرامي أبو اللغة العربية للتذوق من هذا النبع الذي ما زال موجوداً حتى الآن، ولأنه شريك لغتنا في الجمال والجرْس، منوهاً إلى أن المهرجان سيعلن ولادة فرقة يونا (الحمامة) للرقص والتي هي مثل لونا لا لون لها بل فرقة ملونة، تغني لكل الشعوب وبكل الألوان.
أمينة عباس