ثقافة

بين الثقافة والإعلام

سلوى عبّاس
في الاجتماع الذي دعا إليه وزير الثقافة عصام خليل منذ فترة القائمين على الشأن الثقافي في المؤسّسات الإعلامية بكل مجالاتها المقروءة والمسموعة والمرئية، قال إنَّ أهميّة الثقافة في مواجهة الحرب على سورية تكمن في العمل على بناء الإنسان وإعادة تكوين العقل الذي تهدَّم، عبر خطاب تنويري علماني عروبي وطني يمثِّل هويّةً لمشروعنا الثقافي. ونوّه إلى ضرورة أن تكون متابعة النشاطات الثقافيَّة التي تقوم بها الوزارة من قبل الإعلاميين متابعة الناقد الممحص، فمن لايتقبل النقد لايستطيع أن يبني أو يحقق مشروعاً ثقافيَّاً، مؤكداً على موضوعيّة الرأي في كل مايطرحه الإعلاميون في تحليلاتهم للنشاطات التي يتابعونها، فوجودُنا كما يرى الوزير يمثّل حالة وطنيّة مرموقة تُستكمل بتفاعلنا المشترك بالنهوض بالعمل الثقافي وتحويل الفعل الثقافي إلى منظومة ثقافية جديدة تقوم على أساس تقديس الرموز الوطنية وتحريض روح المبادرة والإبداع، ورأى هنا أنَّ ثقافة الطفل تأتي كأولوية في المرحلة القادمة، وكذلك ثقافة التسامح والمصالحة مع الذات قبل الآخر.
ونوَّه الوزير في ذلك الاجتماع إلى أنَّ ثقافة المقاومة ليست رد فعل على ثقافة الآخر، بل هي مواجهة ثقافة الموت التي يمارسها الآخرون علينا، مشيراً إلى توافقنا مع الديمقراطية والحريّة ومضامينها، لكن ليس الديمقراطية المعادلة للفوضى والتخريب ودورنا أن ندافع عن حقنا بالحرية المسؤولة في التعبير عن كلّ مانريد طرحه من قضايا، والدفاع عن قناعاتنا الوطنيّة والانتماء للوطن، الذي يمثّل المرجع النهائي لنا.
وفي نهاية الاجتماع اقترح الوزير إقامة ورشة عمل تخرج بنتائج تتضمّن الخطوات التي تسعى من خلال التفاعل الخلّاق بين الصحفي والثقافي لتكوين رأي عام، وتكوين مجموعات عمل تساعد على بلورة المضامين، وإعادة صياغة الذهنيّة التحليلية كمؤشرات ثقافيّة يُبنى عليها فكر عقلي حيوي ينتج فيما بعد إنساناً  متوازناً يفكّر ويلتزم أكثر مما يخالف، إنسان، القانونُ بالنسبة له أخلاقٌ، فنحن مهدّدون أكثر من أي وقت مضى بوجودنا والحل يبدأ من الثقافة والفعل، والحديث عن الماضي يمثّل محطات معيّنة نسترشد بها للمستقبل لأن الحياة ملك هذا المستقبل، والثقافة هاجس مغاير لما هو سائد. هي مهمة نبيلة ترسّخ وعياً عاماً يستجيب لمعطيات الراهن ويكون له المرونة ليتحصّن تجاه أي فكر خلافي آخر، والعمل على إنتاج حالة مشتركة بين الصحافة والثقافة وخلق مساحات إضافية للإبداع.
وانطلاقاً من الموضوعات التي طرحت في الاجتماع أقيمت ورشة العمل التي اقترحها الوزير أول أمس وشارك فيها عدد من الإعلاميين العاملين في الشأن الثقافي، وعدد من المسؤولين عن مفاصل العمل الثقافي في وزارة الثقافة ، وقد عبّر المشاركون في الورشة عبر نقاشهم لمحاورها عن حماسهم ورغبتهم في إنجاز مشروع ثقافي يرتقي بالثقافة ويليق بها، وقد خرجت الورشة بمجموعة من التوصيات ستشكّل خطة عمل لمرحلة نهوض ثقافي نتمنى أن تتوفر لها عوامل ترجمتها إلى فعل ثقافي حقيقي، حتى لايكون مصير هذه الورشة كسابقاتها من الاجتماعات وورش العمل التي خفت وهجُها وحماس المشاركين فيها بمجرد الخروج من قاعة الاجتماعات.