ثقافة

الـمخـدوعـون ..وقـوارب الـمـوت

مات أبطال فيلم “المخدوعون” الثلاثة داخل خزان المياه في سيارة (أبو خيزران) تحت أشعة الشمس اللاهبة، وهم يحاولون الهرب من أوضاعهم الصعبة وقسوة الحياة بعد النكبة والتهجير القسّري، ليذهبوا إلى الكويت البلد الموعود التي ستحقق رغباتهم، لكن الموت خنقاً كان بانتظارهم.
الفيلم الروائي المقتبس عن رواية “رجال في الشمس” لغسان كنفاني إخراج توفيق صالح –إنتاج المؤسسة العامة للسينما، أُقحمت داخل خطوطه الدرامية مشاهد توثيقية لواقع الفلسطينيين الذين هُجروا من قراهم ومدنهم، وحُرموا من أشجار الزيتون التي كانت شاهداً على تاريخهم وذكرياتهم، ليعيشوا في المخيمات ينتظرون الإغاثة والمعونات اليومية ويصبح طعامهم في أغلب الأحيان العدس والماء، لتعود كاميرا توفيق صالح بالفلاش باك إلى القصف الإسرائيلي الهمجي للقرى والمدن الفلسطينية، لنرى في زوايا الفيلم صورة حقيقية عن تهديم البيوت التي تحمي سكانها، وعن قتل الأبرياء.
الفيلم الذي حصل على جوائز عربية وعالمية وتنقل بين ست صالات في باريس، أظهر قوة السينما السورية منذ السبعينيات وتبنيها القضايا العربية الكبرى، عُرض في النادي السينمائي بإشراف مديرة مؤسسة أحفاد عشتار د.أيسر ميداني بالتعاون مع المؤسسة العامة للسينما، وقد اختارت ميداني هذا الفيلم ليكون محور نقاش وتداول، لأن شريطه السينمائي –كما قالت- يعاد أمام أعيننا الآن حينما نرى شبابنا يغرقون بقوارب الموت، وهم يحاولون الوصول إلى الدول الغربية التي غررت بهم وأغرتهم بالمال، هذه الدول التي تدعي أنها صاحبة النزعات الإنسانية هي الدول ذاتها التي فرضت العقوبات على سورية، وأشعلت فتيل الحرب، وساهمت بدعم الإرهاب وإرسال المتدربين بمعسكراتها، والمستهدف هو شعبنا ليجد الناجون أنفسهم تحت رحمة تجار الرقيق الذين يتاجرون بالبشر والأعضاء، ويجرونهم إلى شبكات دعارة النساء والأطفال المنتشرة بشكل واسع.
قوارب الموت التي استخدمها الإعلام الغربي كورقة رابحة لتأجيج الرأي العام ضد سورية تمضي باتجاه موجّه ومسيّس بشكل واضح وليس هذا فقط، فشريط الموت انتقل إلى الضفة الأخرى لتعرض المحطات الفضائية صور اللاجئين السوريين، وهم يرتعدون من البرد ويمكثون بخيام لاتوجد فيها تدفئة، ليستثمروا حاجة اللاجئين بإعلان الحكومة الألمانية بأنها تدرس إمكانية نقلهم إلى أكواخ.
نعود في النهاية إلى فيلم “المخدوعون” الذي يُعرض بصورة أخرى وبرؤية إخراجية تقلد رؤية توفيق صالح، وبضرورة تصدي الإعلام بأشكاله كلها والمرئي خاصة للشريط المسيّس، وتضافر الجهات الرسمية والمجتمع الأهلي لتوعية الشباب كما اقترحت د. ميداني، وكما قال وزير الإعلام عمران الزعبي:”الإعلام السوري يخوض معركة حقيقية في مواجهة الإرهاب الإعلامي”.
ملده شويكاني