ثقافة

تشرين جذور ودلالات

لتشرين وهجٌ خاص يعرفه السوريون أكثر من غيرهم، فهم من صنعوا تشرين الانتصار والتصحيح وهم من غنوا له ونسجوا قصائدهم له وتساءل شعراؤهم عن لغزه قائلين: ما سره تشرين؟! لذا يحتفي السوريون على الدوام به، فهو علامة فارقة في تاريخهم، من هنا جاءت احتفالية “تشرين جذور ودلالات” التي أقيمت في مجمع دمر الثقافي بالتعاون مع سيدات سورية الخير لتحتفي بتشرين على طريقتها وتسقط انتصاراته على صمود سورية اليوم، وقد استهل الحديث العميد محسن الشيخ ياسين بتوجيه التحية لأرواح الشهداء فهم قناديل تنير لنا درب الانتصار ولجيشنا الذي يسطر ملاحم تتحدث عنها الأجيال، كما فعل في حرب تشرين عام 1973، حينها اتخذ القرار بتلبية نداء الشعب لتأخذ سورية زمام المبادرة، وقد كان القائد المؤسس حافظ الأسد خير من يقود السفينة إلى أمانها.

ذكرى التشرينين
ولفت ياسين إلى أن ذكرى التحرير تمر منذ خمس سنوات مع حزن يلفنا وأرواح شهداء تستنهضنا، وروح بطل التشرينين في عليائها تقطر دمعاً، فهي حزينة لما أصاب أبناء الوطن وكيف طالتها يد الغدر، ثم وجه كلامه لسورية الأم الفياضة عطاء والمتجذرة قدماً والمانحة البشرية الأبجدية الأكمل والموسيقى الأرقى والمحراث الأول، فصبراً يا دمشق على البلوى لأن الأمل يتدفق ليضيء ليلنا.
ومع أن ياسين اعتبر أن الاختلاف حق مشروع للجميع لكنه استنكر أن نختلف على حدود هذا الوطن وجيشه وعلمه، أو أن نرى أطرافاً تتعاون مع المحتل الإسرائيلي لتدمير الوطن.

جذورها ودلالاتها
وأشار ياسين إلى أننا نعيش اليوم معركة عنوانها (نكون أو لا نكون) فمن حاربنا في تشرين يحاربنا اليوم، ومن قدم لنا الدعم فيها يدعمنا اليوم منوهاً إلى أن جذور تشرين هي في معركة (مؤته) بين العرب والروم وفي (اليرموك) وفي كل معارك التحدي المتجذرة في العقل والعقيدة، عنوانها النصر ودلالتها النخوة والشهامة. ورأى ياسين كذلك أن جذور تشرين في سلطان باشا الأطرش وأحمد مريود والخراط والأشمر وغيرهم، كلهم أورثونا مجداً وملحمة فمن تلك الجذور والدلالات كانت انطلاقة تشرين بقيادة القائد المؤسس حافظ الأسد، التي جاءت رداً على هزيمة  1967 صفحة ناصعة في تاريخ العرب، وأشار ياسين إلى أننا نعيش اليوم بين التشرينين انتصارات الجيش السوري على أرض الواقع، فمن صنع انتصار تشرين سيصنع انتصارنا اليوم فالأوطان تبنى بإرادة أبنائها ومن سيعيدها أجمل هم أبناؤها  بقيادة الرئيس بشار الأسد الذي ورث وطنا ومجداً وقاد سورية نحو التطوير والتحديث.

أجمل الأمهات
ولأن أجمل الأمهات التي انتظرت ابنها وعاد مستشهداً كان لحضور والدة الشهيد الضابط المهندس بنيان ونوس السيدة سهيلة العجي من سيدات سورية الخير  الحضور الأجمل، ولحديثها شجونٌ خاصة مفعمة بالفقد والقوة في آن معاً فحديثها -كما ذكرت- كان حديث القلب للقلب والجرح للجرح هي القادمة من عبق تشرين التحرير والمجد، لتعاهد الشهداء أن سورية على العهد باقية وتتنفس الحب والحنان في حضن المحبة سورية، وتبلسم الجرح وتكمل الطريق وتصوغ حكاية مجد وفخر لبداية فجر جديد، ووصفت العجي الشهداء بالقول سقطت منهم الدماء وكانت وصيتهم ألا تتساقط منا الدموع، ونحن لا نبكي شهداءنا فالروح لا تفنى، ثم وجهت حديثها للأمهات: لكل أم سقطت دمعتها لرحيل ابنها استشهاداً واختزلت دمعاتها في آه إلى حيث رحمة السماء أعمق، إلى كل أم زغردت وابتسمت في وجه المعزيّن أنت أجمل الأمهات لافتةً إلى أن الشهادة لغة كونية يفهمها الصالحون في الأرض، وهي ليست حكراً على انتماء، لذا لم أتفاجأ عندما وجدت مشاهد مختلفة لصلاة روحية مهداة إلى روح الشهيد على مختلف الشاشات لمختلف الديانات فالكل يصلي أمام الله وعند الشهيد تلاقى الله والبشر.

لروح  الشهداء
بعدها عرضت العجي فيلم قصير يظهر توزيع قداس عن روح الشهيد بنيان وعن كل شهداء سورية، أقيم في الفلبين يؤكد أن تقديس شهداء سورية والاحتفاء بهم يجري في أقاصي الأرض، وهذا الفيلم  مهدى لوالدة الشهيدة بنيان من قبل شخص مغترب في الفلبين ضم محتواه مجموعة من الأمور التي أقيمت لأجل الشهيد بنيان كزراعة حديقة وعزف النشيد الوطني السوري والفلبيني، بالإضافة إلى بناء عرزال وأقامة الصلوات الخاصة.
ولأن الشهيد بنيان ونوس أحد شهداء تفجير مشفى الكندي اختتمت الفعالية بتقديم فيلم آخر أنتجه مجموعة من الشباب الذين تأثروا بالحدث، ضم مشاهد توثيقية لتفجير مشفى الكندي أهدوه إلى كل شهداء المشفى مع العلم أن تضحياتهم أسمى من أن تكتب وتصور.
لوردا فوزي