ثقافة

قداسة الانتصار

تدمر يا عروس التاريخ الموغل قدمٍ في سِفر الأبجدية, في سِفر الثقافة العريقة الممجدة.. في ماضٍ تسطع به شمس الحضارات, تدمر كيف نكتبكِ الآن، وأي الأقلام تليقُ بك, تليقُ بذاك العرس المنتظر من وجع الغياب القاهر, كم تألمتِ وأنت  في جبّهم, بين أنيابهم الكاسرة.. تدمر أقواس نصركِ تُرفع من جديد, وتعود قصائد الشروق إلى بين أعمدتكِ, أعمدة التاريخ, أعمدة الزمن الذي لا تعرف شمسه فلسفة الغياب, هكذا كنا وهكذا سنبقى، كما تدمر, كما زنوبيا سيدة الألق، سيدة النبل التاريخي.
تدمر أي ثقافة تملكين ونملك إذا ما قرأنا تاريخ مجدكِ الغافي على جفن الأزمنة, مجدكِ الذي تعال اسمه, تعالَ مجده, تعالى النبض الثقافي فيه، فكان مجدليات لا يمكن أن تُهزم, كان أيقونات لا يمكن إلاّ أن تكون عظيمة القيمة, عظيمة المعاني والبنيان المعرفي لكل ما يراد أن يقال.
تدمر.. وتعلو أقواس نصركِ من جديد، تعلو ويكفي فخامة الاسم المسمى، تعلو حتى الأعمدة المنتصبة فخراً.
تدمر ماذا تقرئين, أهو كتاب العز الممجّد, أهو كتاب الصحراء وروايات الرمل كيف استقت من قداسة الدماء, من شهقات من رحلوا، بين أقواس نصركِ كتبوا آخر الوصايا, تركوا خير البصمات, وخير العبارات, كتبوا بأنها تدمر هي أمانة التاريخ لدينا, هي الإرث الباقي, هي النبض الحضاري الذي لا يمكن أن ينتهي.
تدمر لا يمكن أن تُمزّق، حضارة جمالها يشبه زنوبيا التاريخ, يشبه أعواماً كانت ضوئية وستبقى كذلك، سيبقى التاريخ لنا وكذلك حضارته ستبقى هي الصحراء الذهبية التي لا نملُّ التواجد بين جفنيها, بين مكاحل عينيها, لا نملُّ قراءة أبجديات آتية من فلسفات الشروق الأول.
تدمر كيف حالكِ بعدما ألمَّ بكِ خُبث التورم الإرهابي؟! كيف حال شمسكِ بعدما حاول جهلة التاريخ أن يطلقوا شر نيرانهم إلى مربّعكِ الفلكي؟! إلى مساحات الضوء الأول, وحقول أنجمه, كيف حالكِ بعدما تجسدت بكِ جلجلة الصبر العنيد, جلجلة المقاومة التي نقدّس ونجّلُ اسمها، نجّلُ رجالات الشمس الذين أعادوا النور لعيني تدمر, أعادوا نبض الشروق وصلاة الغروب.
تدمر هنيئاً لنا بكِ لقد صلى المجد في محرابك, في معابدكِ، فكنتِ المجد وحروف شعره, كنتِ قوافيه المزدانة بأصالة الانتما, كنتِ عيده ووعيده.
كيف نكتبكِ يا تدمر، وعلى أي الأوتار نعزف لحنُ انتصارك الآن.. كيف نكتبك أميرة المجد الذي لا يمكن أن يُهزم, أنتِ أميرة العمق التاريخي الذي لا يمكن إلاّ أن يكون شاهقاً, شاهق الوعد والانتصارات التي تشهد إتمام قرصها القمري الآن.
تدمر يا بوابة الحضارة لكِ كل الصدارة, لكِ التاريخ ينحني وأنتِ التاريخ, وكل تسمياته، أنتِ الحضارة وكل الأسماء المبجّلة التي تدور في فلكها.
آهٍ كم أنتِ رائعة الاسم والتسميات؟! كم يبدو البهاء والتألق وكأنهما خُلقا من أجلكِ
كنتِ العظيمة, كنتِ التاريخ الممجد، كنتِ قبساً من نورٍ قادم من أقدم العصور
كنتِ آخر بسملة تلفّظ بها الجيش العربي السوري، وأنجز لكِ أيتها المليكة المبجّلة ذلك النصر المقدس الذي يليقُ بكِ.. كنتِ المليكة التي سقتها قداسة دماء شهدائنا..
لكِ المجد ولنا منكِ سنا وهجه الممجد.

منال محمد يوسف