ثقافة

أدب النصيحة يوم عظيم آخر في تاريخ البشرية

أكرم شريم

في العاشر من أيار من كل عام يحتفل العالم بيوم إلغاء العبودية من حياة البشر. وبكل ما كان فيها من ظلم واستعباد وتحقير للإنسان والإنسانية جمعاء. فهو يوم إنساني عظيم، بل وديني وأخلاقي وحقوقي وقانوني أيضاً!. ذلك حين استطاعت البشرية المعاصرة وفي مقدمتها الدول الكبرى، وبكل مؤتمراتها ونشاطاتها ورجالاتها، ومنذ عقود مضت، أن تعلن إلغاء العبودية في العالم!.
تصور أن يكون الإنسان عبداً فكيف تكون حياته؟!. ومعذرة، تصور أن تكون أنت عبداً، أمام زوجتك وأولادك؛ وتكون في الوقت نفسه زوجتك عبدة عندهم يشترونها ويبيعونها متى شاؤوا، وكذلك أبناؤها أبناؤك. ومعذرة فأنا أضرب مثلاً بك لأنني أتحدث معك عنك، وذلك بغاية أن تتصور وتتذكر، وبالتالي نتصور جميعنا ونتذكر كل ما كنا عرفناه أو سمعناه أو شاهدناه، من العبودية وحياة الإنسان حين يكون عبداً!.
أقول ذلك، لأنك حين تكون عبداً، فأنت لا تملك قرار نفسك، ولا قرار عملك أو طموحك، أو رأيك، أو مستقبلك، أو وقت أن تفعل هذا الأمر أو ذاك، أو تذهب إلى تلك الجهة أو المكان أو أي إنسان!.
أنت عبد.. إذن فأنت عبد في كل شيء، ومملوك في كل شيء، سواء استطعنا أن نذكر تفاصيل ذلك أم لم نستطع، وما عليك إلا أن تنفذ كل ما يقولون ويطلبون وفي كل وقت وإلا فإن عقوبتك أكبر وأكثر مما تتصور، ومسموح بها، ومهما كبرت وعظمت وقست، لأنك من تكون؟!.. أنت عبد!.. ولأن سيدك أو أسيادك، هم أصحاب الرأي والقرار والمكانة والسلطة، ومهما فعلوا، فلا تعاقبهم أية سلطة أو دائرة أو قضاء، ولا في أي مكان!.. وحتى لو قتلوك، فهم أحرار، فكل ما في الأمر أنهم يخسرون ثمنك، وهم يقتلونك أصلاً لأنهم لا يأبهون لثمنك وليس لأنهم، في نظر القانون والعدالة والدين والأخلاق، أشرار وقتلة ومجرمون، فهم لم يقتلوا سوى عبد!.
أعود فأعتذر عن هذا الخوض في هذا الموضوع لأنه من المؤكد، موضوع قاس وغير لطيف، ويشرح كم كان الإنسان مخطئاً وظالماً قبل سيطرة العلوم والحقوق والأخلاق وتحديداً سيطرة القانون، وانتشار العدالة وبسيف القوة!. وكنت أتمنى لو أجد طريقة تشبه ما كان يُكتب على بعض الأفلام السينمائية من مثل (ممنوع دخول الأطفال) فأكتب هنا وفي صدارة موضوعي: ممنوع قراءة هذا المقال ولا حتى لرجال القانون!.
أما عن زوجة العبد الحبيبة، وهي تنظر إلى زوجها الحبيب وهم يفعلون به ما يفعلون من تحقير أو ضرب أو تجويع، وهو ينظر إليها وتنظر إليه. وهي له وليست له، ومثله في كل شيء، وفي أي وقت يمكن أن يأخذوها ويأمروها أن تفعل ما يريدون أو حتى يقتلوها، وذلك لأنهم إذا فعلوا ذلك، فلن يخسروا أيضاً سوى ثمنها!. خاصة وأنهم لم يكونوا حريصين على تزويج العبد من العبدة إلا لكي ينجبوا لهم المزيد من العبيد بالمجان، بل ويربون لهم هؤلاء العبيد بالمجان أيضاً!. وانظروا بعد ذلك كيف كان يباع العبد أمام أبيه وأمه!؟.
أعود وأكرر الاعتذار أخيراً عن هذا الكلام الذي يذكرنا بأخطاء الإنسان والإنسانية في الماضي الكبيرة والقاتلة ومنها المجازر والحروب الهمجية الكبرى، وهكذا تكون النصيحة اليوم أن ننظر في تاريخ البشرية وأن نمعن النظر بكل أخطاء البشر والبشرية القاتلة، لكي نعرف أكثر، بل ونتأكد أكثر، من أننا اليوم نعيش في نعيم السلام والحقوق والقانون، وعلينا أن نحمي كل ذلك وبشكل دائم ومستمر، ومؤكد من أعدائنا وأعداء الشعوب!.