ثقافة

“هيثم خيري” يفتتح مهرجان الموسيقا العربية بتحية لفناني الطرب السوريين

قدم المطرب هيثم خيري والفرقة الموسيقية بقيادة الموسيقي نبيل أبو الشامات أمسية “تحية إلى فنانين سوريين قدامى” كمقدمة لمهرجان الموسيقا العربية الثالث قبل أيام من انعقاده الذي تقيمه دار الأسد للثقافة للفنون وتكرم من خلاله عمالقة الموشحات عمر البطش وأبو خليل القباني وسيد درويش وبكري الكردي ومحمد عثمان من مصر، بإحياء فنّ الموشحات والطرب الأصيل ووصلات التقاسيم والتنقل بين المقامات التي تعبّر عن أصالة الموسيقا الشرقية فمن مقام “حجاز كاركرد وبيات والنهاوند المتماوج بين أنغام مختلفة تبوح بالمشاعر المختلطة إلى الرصد شديد الطربية، فكانت نغمات صوته تضوع سحراً.

وتأتي هذه الأمسية في الوقت الذي تتحدى فيه حلب- مدينة الموشحات- العمليات الإرهابية والإعلام المضلل وتقترب من النصر، وتدل أيضاً في الوقت ذاته على اهتمام وزارة الثقافة بالحفاظ على التراث الموسيقي وفنّ الموشحات، والاستمرار بمدرسة صباح فخري والأغنيات الطربية، فخصصت يوماً من أيام المهرجان- الذي ستبدأ فعالياته بعد أيام- للطرب الأصيل والموشحات بأمسية  يحييها شيخ الطرب طاهر خانطوماني.
ورغم أن الفرقة المرافقة لهيثم خيري لاتتجاوز أربعة عشر عازفاً، واعتمادها على مجموعة الكمانات، والتشيللو والعود والكونترباص والناي والقانون والإيقاعات الشرقية ومجموعة الكورال الصغيرة، والتي لاتقدر بحجم الإمكانات الكبيرة لأوركسترا الموسيقا العربية بقيادة المايسترو عدنان فتح الله التي عزفت الموشحات، ولابفرقة معاذ قرقناوي التي رافقت طاهر خانطوماني إلا أنها استطاعت أن توجد أجواء الطرب الأصيل والتفاعل مع الجمهور الذي تمايل طرباً على هذه الأنغام. الأمر اللافت في الأمسية هو توحد هيثم خيري مع مفردة “أمان” بتفريدته الخاصة لها التي شكّلت ما يشبه الوصلة وظّف فيها تقنيات صوته والتدرج اللحني لصوته وتطويع حنجرته بما يتوافق مع إحساسه العالي، لدرجة أنه تماهى مع دوران المولوية مع صولو القانون المرافق له للعازف عماد حريرة.
وقد أبدع في غناء قصيدة “خمرة الحبّ أسكريني” رائعة صباح فخري الأقرب إلى قلوب الجمهور والذي برأيي لايستطيع أحد أن يرتقي إلى فنّه.
ومثل كل الأمسيات المشابهة، حفل البرنامج بوصلات موسيقية إضافة إلى الغناء، فقدمت الفرقة وصلات موسيقية وتقاسيم ومجموعة موشحات لعمر البطش، أشهرها موشحات “يمرّ عجباً، في الروض، يا ذا القوام السمهري”، وتعدّ هذه الموشحات مألوفة للجمهور الذي استمع إليها من مطربي الموشحات منهم شيخ الطرب طاهر خانطوماني وفؤاد ماهر، لكن يضيف كل مطرب شيئاً من روحه وإحساسه لطريقة أدائه وتفريداته، المجموعة الثانية كانت لأبي خليل القباني عبر موشحات: “أحنّ شوقاً، يا من لعبت به الشمول، سيد درويش صحتُ وجداً”، لينتقل إلى جمل لحنية أسهل من خلال طقطوقة “ابعت لي جواب” لبكري الكردي كفاصل للجمهور، ليعود بنفَس أقوى في موشح بدت من الخدر.
“إن لبست البياض صرت بدراً
وإن لبست السواد فتنت العبادا”
لتنتهي الأمسية بإبداعه بخمرة الحبّ. ويبقى هيثم خيري من مدرسة صباح فخري ومن المحافظين على فنّ الموشحات في زمن الإغراءات العصرية والفيديو كليب، وقد ثمّن الموسيقي نبيل أبو الشامات ما تقوم به دار الأسد للثقافة والفنون بدعم التراث الموسيقي متمنياً على جميع الوزارات إيلاء التراث الموسيقي شيئاً من اهتمامهم، وأن لا تبقى المسؤولية على وزارة الثقافة وحدها.
ملده شويكاني