ثقافة

مهرجان الموسيقا العربية

أمينة عباس

يجمع العارفون بشؤون الموسيقا من نقاد ومهتمين ومتابعين ومؤرخين، على أن الموسيقا العربية شهدت تراجعاً بيّناً في مسيرتها على مستوى الكيف منذ أواسط ثمانينيات القرن الماضي، حيث اختفت تقريباً منذ ذلك الحين الأعمال الغنائية الكبرى، وحلّت محلها أعمال خفيفة لا ترقى إلى المستوى العالي الذي بلغته الأغنية العربية في ستينيات وسبعينيات القرن العشرين. من هنا كان لا بد من خطوات وإجراءات يتخذها المعنيون بشؤون الموسيقا العربية والغناء العربي، ومن أهم هذه الخطوات يبرز مهرجان الموسيقا العربية الذي تقيمه دار الأسد للثقافة والفنون عادة في كل عام، والذي سيفتتح الدورة الثالثة منه مساء بعد غدٍ الخميس بحفل كبير  تحييه أيقونة الفن السوري ميادة بسيليس والفرقة الوطنية للموسيقا العربية بقيادة المايسترو عدنان فتح الله.
والواقع أن هذا المهرجان يكتسب أهميته انطلاقاً من عدة عوامل يأتي في مقدمتها تراجع دور شركات الإنتاج عن تقديم أغنية سورية حقيقية وأصيلة، لذلك يشكل هذا المهرجان مناسبة لإعادة الروح لهذه الأغنية، من خلال تقديم أعمال موسيقية غنائية تحترم عقل المشاهد وذائقته الفنية، من خلال العودة إلى أصالة الأغنية السورية لتشكيل بديل مناسب عن أغنية كانت لها مكانتها المرموقة في عالم الغناء العربي في يوم من الأيام.
كما يشكل هذا المهرجان فرصة للفنانين السوريين من أجيال مختلفة للقاء الجمهور، بعد تراجع كمِّ الملتقيات الغنائية في السنوات الأخيرة في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها وطننا، وهنا لا بد من الإشارة إلى أن الأغنية السورية افتقدت في السنوات الأخيرة لوجود عملية تسويق وترويج ممنهجة، وتمّ الاكتفاء بعمليات تسويق فردية واعتباطية وغير مدروسة، كان هدفها الترويج الآني والسريع لهذه الأغنية أو لذاك المغني، دون وجود إستراتيجية محددة تأخذ على عاتقها ترويج الأغنية السورية، ومساعدتها للوصول إلى أكبر مساحة ممكنة داخلياً وخارجياً.
ولا شك أن المهرجان من خلال دورتيه السابقتين قد تمكّن من تكوين جمهور جديد للأغنية السورية، جمهور متذوق ومقدّر لقيمة هذه الأغنية ولدورها المرحليّ، خاصة على صعيد الأغنية الوطنية التي كان لها دورها وأهميتها في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، وهي اليوم تعود بفضل هذه المهرجانات والملتقيات التي تطلق أغنية سورية جديدة بمختلف ألوانها وأنماطها، عسى أن تتمكن من العودة إلى احتلال مكانها الذي شغلته على مدى عقود من الزمن.