ثقافة

“المشنقة” صاعقة مرعبة تكشف جريمة كواليس المسرح

يقولون الماضي لايموت وأحياناً تتكرر المأساة وتكون أكثر فداحةً، هذا ما حدث فعلاً في فيلم “المشنقة” الذي عُرض ضمن أفلام مهرجان أفلام حديثة جداً في الأوبرا، ويعدّ من أكثر أفلام الرعب إثارةً وتشويقاً رغم بساطة الصورة التي أوحت للمشاهد بأنها واقعية تماماً بعيدة عن الافتعالات السينمائية. ليمضي الحدث الأساسي بشكل مخيف في كواليس المسرح وسط ظلام دامس لتنفذ ثلاث جرائم. ويكشف المشهد الأخير عن صاعقة مرعبة تفسر الخطوط الخفية والمخيفة التي شدّت المشاهد وجعلته يشعر بإرباك سينمائي، لاسيما مع تكرار صورة لعبة تشارلي وتكرار اسمه.
وقد نجح المخرجان كريس لوفينغ وترافيس كلاف اللذان كتبا السيناريو أيضاً بإثارة أجواء رعب شديدة لأكثر من ساعة، والأمر اللافت أن مشاهد الفيلم جاءت باللونين الأبيض والأسود، وتميّز الفيلم بالتركيز على حركية الصورة في كواليس المسرح – المكان الوحيد لامتداد أحداث الفيلم- واهتزازها في المواضع المخيفة بإضاءة خافتة جداً، لتسود الظلمة للحظات على كامل الشاشة وتختفي الصورة، ويبقى صوت المؤثرات الصوتية الصاخب والذي وظّفه المخرجان لتكامل الصورة المرعبة، مع تكرار صورة حبل المشنقة والاعتماد على اللقطة الصاعقة للصورة.

عودة زمن الجريمة
يُبنى الفيلم على جريمة قتل بالمشنقة حدثت عام 1993عدّت حادثة قدرية بسبب عطل في اسطوانة لفّ حبل المشنقة مات إثرها الشاب تشارلي الممثل الذي أدى دور البطولة فتمّ شنقه فعلاً، وأثارت هذه الحادثة ردود فعل الإعلام وضجة كبيرة، ليعود الزمن الفعلي إلى الفيلم بعد عشرين عاماً 2013، حينما أراد فريق المسرح المدرسي إعادة تمثيل مسرحية “المشنقة”، أمام الجمهور في البلدة الصغيرة ذاتها في إحدى المدن الأمريكية.. ومن هنا بدأت القصة، ليقترب مسار الفيلم من توثيق الحادثة الفعلية، فبدأ بشكل ممل وبمشاهد مكررة للتحضير للمسرحية في كواليس المسرح وحفظ الحوار بين الشخوص، إلى أن ركز المخرجان على فايفر وصديقها ريس لتأدية الأدوار البطولية، إذ يؤدي ريس دور تشارلي الذي مات فعلاً وشُنق.

شريط الفيديو والصورة
فيما بعد تغيّر السياق الدرامي للفيلم ليمضي بأجواء الرعب منذ اللحظات الأولى لدخول ريس مع صديقه وصديقته كاسيدي لتخريب ديكور المسرحية ليلاً، ومنع تمثيل المسرحية، خوفاً من روح تشارلي التي تهيم في كواليس المسرح. وبدا بوضوح إيهام المشاهد بوجود القاتل بشكل غير مباشر لتتصاعد الأحداث المرعبة مع دخول فايفر والتحاقها بالمجموعة، بذريعة أنها وجدت سيارة ريس أمام باب المسرح، لتتابع الكاميرا بلقطات قريبة وممتدة ممرات المسرح المظلمة لاسيما بعد انقطاع التيار الكهربائي وعدم استجابة شارة الهاتف الجوال، لتتوقف الكاميرا عند الحدث الذي أوضح بداية خيط الجريمة الصورة الفوتوغرافية القديمة الملقاة على الأرض والتي تجمع بين فريق عمل المسرحية وصورة تشارلي وحبيبته إليكسي. لكن المفاجأة أن والد ريس بدا في زاوية الصورة، والذي كان من المقرر أن يؤدي دور تشارلي لكنه اعتذر في اليوم ذاته بسبب مرضه ليؤدي دوره تشارلي، فتتسلل الفكرة رويداً رويداً إلى ريس الذي يكتشف أن والده قتل تشارلي. دعم المخرجان الفكرة بعثور المجموعة على التلفزيون القديم وشريط الفيديو الذي يصوّر الحادثة المروّعة ويحللها ويتوقف عند إليكسي.. مما جعل المشَاهد يفكر ما معنى عرض الفيديو الذي أثار غضب ريس.

القاتل الشبح
تصوّر الكاميرا قتل كاسيدي بحبل المشنقة وسحبها وتتوقف عند مشهد مروّع لظهور صديق ريس المعلق من الأعلى والمشنوق، مع تكرار لفظ تشارلي، لتبقى التصفية بين ريس وفايفر.. إذ يتمكنان من العودة إلى المسرح، ليظهر القاتل مرتدياً الرداء بشكل يشبه الشبح ويعترف ريس لفايفر بأن القاتل يريده انتقاماً من والده، وقبل أن يصعد المنصة ويضع حبل المشنقة حول عنقه لينقذها تبكي فايفر وتتفوّه بكلمات غريبة “لا لا أرجوك مهلاً”، لكن ريس يشنق.. لنصل إلى المشهد الأخير الذي وضع المشَاهد بحالة حيرة وخوف، إذ نرى فايفر تنحني للجمهور والشبح يصفق.. لتتضح الصورة في المشهد التالي حينما نرى إليكسي حبيبة تشارلي والدة فايفر تمشط شعرها ونظرات انتصارها في الانتقام تشعّ من عينيها، ليدخل رجل الشرطة المنزل ويفتح الباب، لكنه يذكر اسم تشارلي فيسحب ويقتل بحبل المشنقة في إيماءة بكشف الجريمة والقاتل وهي حبيبة تشارلي بمساعدة ابنتهما فايفر.
ملده شويكاني